السبت، 25 يوليو 2009

ظلمٌ اسمه الخدمة الوطنية

الأهداف النبيلة والغايات المنشودة تقنع العقلاء عندما تكتب على الورق وتصاغ لها القوانين ولكن ليس الشيطان في التفاصيل بل الشيطان في التطبيق عندما ينحرف بالهدف العام إلى أهداف خاصة ما كانت يوما حلما من أحلام المُشرع.
مثال اليوم، الخدمة الوطنية. ما من شك أن كثير من بلاد العالم فيها ما يسمى الخدمة الوطنية أو خدمة العلم وهي أن يقضي الخريج عملاً مباشرا الناس في حاجة إليه أو يدرب على حمل السلاح ليوم يحتاج الوطن فيه لمدافعين يعينون الجيوش في حالات الطواري والنوازل غير المتوقعة أو غير المحسوب حسابها وتأتي فجأة.هنا يهب الشباب بكل نفس راضية وغيرة وطنية مستفيدين من التدريب الذي نالوا ليدافعوا عن وطنهم.هدف نبيل وغاية منشودة ولكن ما واقع الخدمة الوطنية في بلادنا.
ما عاد الخريج يفرح بتخرجه لأن بعبعا اسمه الخدمة الوطنية سينكد عليه حياته بعد التخرج.على الطالب المتخرج أن يؤدي خدمة وطنية في مجاله بمبلغ زهيد لا يكفيه لخمسة أيام هو خمسين ألف جنيه هذا إذا دُفع له ويظل عبئا على عائلته سنة كاملة بعد التخرج وعليه أن يدفع في كل شباك يقف أمامه رسوم بأوراق بيضاء ومن أين له أن يدفع؟ وإذا أراد تأجيل الخدمة لسفر أو غيره عليه أن يدفع كل ما أراد السفر رسوم تأجيل متكررة .استخراج الشهادة مرهون بالخدمة الوطنية ومنسقية الخدمة الوطنية لا تعطيك إذن استلام شهادة إلا بعد أن تدفع لها 12 ألف ولن توثقها إلا إذا دفعت رسوم توثيق 20 ألف والجامعة لن تعطيك الشهادة إلا بعد ان تدفع لها في بعض الجامعات رسوم الشهادة 60 الف والتعليم العالي لن يوثق لك ورقة إلا بعد أن تدفع لهم 15 ألف عن كل ورقة ( ولكني اشهد أنها باورنيك 15 وليس بورق ابيض كمنسقية الخدمة الوطنية).
لكن الذي دفعنا إلى الكتابة إذا تحملت كل هذا الظلم وفتح الله عليك بوظيفة في هذه الدولة الجابية عليك بان تأتي بورقة اسمها آخر صرفية من الخدمة الوطنية وبما أن الخدمة الوطنية لم تصرف لك مليما ستقول لك انتظر إلى أن نصرف لك وطبعا هسع ما عندنا قروش وتكون وقفت أمام تعيينك وهنا تجد نفسك في مأزق ما الحل ستفقد الوظيفة ؟ وهؤلاء لن يعطوك حقك ولا يتركونك تتوظف!! بسيطة سيجدون لك المخرج بان تكتب تنازل عن حقك- على زهده – وعندها سيعتقونك وتتنازل بعقد إذعان لا يرضاه الله ولا رسوله.وماذا أمامك غير أن تشكو إلى الله وأسرتك تدخرك لثلاثة عقود لهذا اليوم.
هل نحلم بإصلاح حال الخدمة الوطنية لتكون مشابهة ولا أقول مماثلة لدول أخرى. يعرفون ماذا يريدون منها ؟ومتى؟ وكيف؟ واقع الخدمة الآن لا يخدم وطنا وإنما يخدم فئة تُخدم الطلاب بالسخرة.وتنعكس عليهم مبان باهظة التكاليف وحاجات تانية حامياه.
لماذا لا نعيد دراسة هذه الخدمة لتحقق أهدافها النبيلة فقط وليس كواقعها الآن الذي أصبح هما وغما على الخريجين يضيع أجمل أيام عمرهم.
لا يعطونه حقه ويطلبون منه أن يدفع ويدفع. أين تذهب هذه الأموال؟
يونيو 2006

ليست هناك تعليقات: