السبت، 25 يوليو 2009

هذه مكاتب أم غرف؟

مشهد:
موظف يتوسط مكتباً وحوله الأجهزة التالية: ثلاجة، تلفزيون، رسيفر، فيديو، مسجل، فاكس، كمبيوتر، آلة تصوير، موبايل، عدد من سماعات التلفون (تدل على تعدد الخطوط). قبل الدخول لهذه القلعة هنالك سكرتيرة تحدد حقك في الدخول عليه من عدمه وقيمة غرض الدخول وتحدد هل أنت شخص مهم أم لا؟ (والأهمية هنا مبنية على تقدير ذاتي للسكرتيرة وقد تصرفك بحجة ان سيادة المدير في اجتماع ولو جئت عشرات المرات لن ينفض الاجتماع مادام عدم الاستلطاف قد حدث وسيظل الاجتماع معقوداً مع من؟ ليس من حقك أن تسأل.
نفرض أنك من المحظوظين الذين يحق لهم الدخول على المدير وها قد دخلت.المدير ممسكاً بسماعة التلفون أو الموبايل وفي حالة (طربقة) مع الطرف الآخر وقد تسمع عبارات مثل (والله زحمة عمل ومشغوليات كثيرة كيف، تصدق الواحد ما لاقي فرصة يحك رأسو .
المشهد أعلاه ليس في مكان واحد بل بدأ ينتشر بدرجة كبيرة وصار التباهي بالمكاتب كتباهي الحريم بالأواني والأثاث الذي في بيوتهن.
ظاهرة تداخل شكل المكتب والغرفة تحتاج وقفة ونقاشاً وبحثاً وعلاجاً.
ما معنى أن يكون في المكتب تلفزيون ورسيفر وفيديو؟ المعلوم أن هذه الأجهزة مكانها البيت وليس المكتب وحتى في البيت لها ركن خاص وتحتاج مشاهدتها استرخاء ووقتاً. فوجود هذه الأجهزة في المكتب دليل خلل ما إما أن هذا الموظف بلا عمل وله فراغ عريض أثناء ساعات العمل الرسمي مما يدل على أن هذه وظيفة مجاملة وليس دولاب الدولة في حاجة إليها وصاحبها في خانة العطالة المقنعة؟ أو انه مِنْ مَنْ لا يرعون في المال العام إلاًّ ولا ذمة وكلما رأى جهازاً كان محروماً منه قبل الوظيفة ضمه الى مكتبه تحت اسم مخصصات الوظيفة هذه المخصصات التي لم يحددها المشغل ولا العرف.
أو أن هذه الأجهزة هي ديكور ليس إلا ولا وقت لصاحبها لتشغيلها. وهنا يكون هذا الفعل لخيانة الأمانة اقرب. ثم كثرة الهواتف والكمبيوتر مع المدير وليس السكرتيرة هي خلل في الإدارة وكنكشة في غير محلها، إذ الإداري الناجح يوزع مثل هذه الأعمال لصغار الموظفين والمتدربين عليها ليستثمر وقته في ما هو أعقد من ذلك.
غير ان انتشار هذه العادة (عادة جعل المكتب غرفة) يدل على عدم التوصيف الدقيق للوظائف ومتطلباتها وترك الأمر لكل من هب ودب ووجد تحت تصرفه موارد ينفقها كيف شاء ومتى شاء. ومن لم يجد موارد استنبط الموارد.
كل ما ذكر آنفاً معني به مكاتب الدولة إذ لا يعقل ان يكون مثل هذا في القطاع الخاص ولو وجد لما همنا. رب قائل أن بعض الوظائف من صميم عملها متابعة التلفزيون نقول معلوم ولكن يجب ان تكون معروفة، مدير الهيئة القومية للتلفزيون مثلاً ومدير التلفزيون ومن في حكمهم.
وحتى لا نجد في كل مكتب عشرات الأجهزة أما مُعطلة أو مُعطلة للعمل فهذا امر يحتاج بحثاً ومراجعة لكل دواوين الخدمة المدنية ووصفاً دقيقاً للوظائف ما لها وما عليها.
والآن -يا للهول- جاءنا من يقول وببعضها سرائر (لا حول ولا قوة إلا بالله).
2004/10/21

ليست هناك تعليقات: