الخميس، 31 مارس 2016

إسعاف لكل مستشفى

30-03-2016
لا يشعر بالعنوان أعلاه ولا ينزله منزلته إلا من كانت له تجربة البحث عن إسعاف لمستشفى ما. قبل سنتين تقريباً كنا نلهث بين وزارتي المالية والصحة الاتحاديتين (نشحد) سيارة إسعاف لمستشفى قريتنا. وخرجنا منهم بخفي حنين بل الأغرب كانوا يعتبرون الأمر شبه مستحيل وكأننا نحلم.
ربما كان فشل الحصول على سيارة إسعاف من الحكومة الاتحادية دافعاً قوياً لأهل القرية في أن يتبرعوا بمبلغ 95 ألف جنيه هذا كان غاية ما يمكن جمعه، وولينا وجوهنا شطر عاصمة ولايتنا ود مدني ودخلنا على وزير الصحة وقتها د. الفاتح مالك وساندنا ودفع دفعة معنوية ووجهنا لوزير المالية الهمام الأخ أحمد عثمان، الذي أكمل المبلغ المطلوب لشراء إسعاف جزاهما الله عنا كل خير، قدم الإسعاف حتى الآن مئات الخدمات للقرية وما حولها ويستعان به عند الحوادث والكوارث على طريق الموت (مدني/ الخرطوم).
تذكرت كل ذلك حين دعتني الوزيرة الهمامة (طول عمرنا همام دي كانت للرجال ولكن هذه المرة نصرفها ونؤنثها بامتياز لوزيرة الدولة بالصحة الأستاذة سمية إدريس) رأيت 111 سيارة إسعاف من ماركة تويوتا كدفعة أولى تسعون منها دفع رباعي واقفة في ساحة جنوب حوادث مستشفى الخرطوم، رحم الله حوادث مستشفى الخرطوم، بالله لو الواحد قال الله يجازي الكان السبب في تدمير الحوادث وتشريد ماكينات غسيل الكلى التي كانت بالمئات وجراحة العظام. (يا ربي إمكن كل ذلك التحطيم لتوفير موقف للإسعافات الجديدة؟).
برنامج طموح للعناية والقضاء على وفيات الأمهات رفعت شعاره الوزيرة سمية إسعاف واخصائي نساء وتوليد وقابلة لكل مستشفى. على فكرة مستشفيات السودان عددها 450 مستشفى.
ذكرتني الوزيرة سمية الدكتور غازي القصيبي الأديب والشاعر السعودي عندما وليّ وزارة الكهرباء أول قرار اتخذه (أن تدخل الكهرباء كل بيت خلال خمسة أعوام). كان ذلك في أواخر سبعينيات القرن الماضي وقد كان أن دخلت الكهرباء وصمتت المولدات الريفية ونارت ليالي السعودية كلها في أقل من خمس سنوات.
لا يعرف قيمة الإسعاف إلا من من تدبر قول الله عز وجل (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) بالله كم نفس ستحيي إسعافات سمية هذه وخصوصا ذات الدفع الرباعي للاستخدام في الأرياف.
وجاء وقت ولكن.
من الولايات من يرى إنشاء وظيفة عبء على الفصل الأول وشبه مستحيل وسيتأخر تعيين السائقين في بيروقراطية ديوان الخدمة وإنشاء الوظيفة. هل بالإمكان أن يكون تعيين السائقين شرطا لتسليم الإسعاف أم تكون وظيفة السائق من مهام الإسعاف المركزي؟
وبعد ذلك شروط الاستعمال والاستمرارية. أقول ذلك وقد رأيت في يوم ما تدشين 40 عربة لاندروفر كعيادات بيطرية ضمن برنامج النفرة البيضاء لا أعرف أين هي الآن وكم بقي منها على قيد الحياة، ولكنني أعرف أن النفرة البيضاء ولدت ميتة.
قبل أن تقولوا أقول بملء فمي: لمثل سمية يكسر الثلج.

الأربعاء، 30 مارس 2016

شكراً معتمد بحري ولكن!

 29-03-2016
تزاملت مع أخ مصري كنا ندرّس في مدرسة واحدة في مدينة الرياض العاصمة السعودية. حدثني مرة عن أحرج المواقف في حياته يوم كانوا عدداً من المدرسين المصريين عزاب يتشاركون سكناً. تشاجر اثنان منهم شجاراً عنيفاً قادهم إلى قسم الشرطة. كان سبب الشجار بيضة كل يدعي أن البيضة له.
في القسم بعد أن عرف الضابط الشاب سبب المشكلة، أغلق دفتره ونظر إليهم ملياً وقال: هل تنتظرون مني أن افتح السجل وأكتب الأستاذ فلان والأستاذ فلان تشاجرا في بيضة؟ لا والله لن أفعل وهل يعقل أن أكتب فيمن جئنا بهم ليعلموا أولادنا الإيثار والأخلاق والقيم الحميدة كلها، أنهم تشاجروا في بيضة. لا والله لن أفعل. وظل يعزف على تفاهة السبب إلى أن طأطأ كل الحاضرين رؤوسهم خجلاً من فعلتهم وإنصاتاً للضابط صغير السن، بالنسبة لهم، الذي لقنهم درساً لن ينسوه. وخرجوا يتلاومون.
بالمقابل هل تنتظرون مني أن أشكر معتمد بحري اللواء حسن محمد حسن إدريس في قراره أن جعل (الدرداقات) مجاناً بلا مقابل يذهب للمحلية؟ لن أفعل ولكن أشكره على أن جعلهم يتعلمون ساعة كل يوم. هنا إبداع المعتمد جزاه الله خيراً وأتمنى أن تربط الدرداقة إلى أن يقضي صاحبها الطفل ساعة محو الأمية أو التعليم الإلزامي. وقبل ذلك دراسة حالة يقوم بها متخصصون أو طلاب دراسات عليا لماذا هذا الصبي هنا؟ من أين جاء؟ أين والداه؟ أين يسكن؟ كم عمره؟ والداه ما عملهما؟ ومن أين جاءوا؟ وعشرات الأسئلة حتى نقف على جذور المشكلة وليس ظاهرها؟
ولكن كيف نثني على ثورة جاءت لتحكِّم شرع الله وتستحي من التصريح وتسميه المشروع الحضاري وكأني بها تضمر عدم ثقة بقيامها بهذا الدور أو أنها تخاف الأعداء أكثر من خوفها ورجائها الله.
بناة المشروع الحضاري قادهم المشروع الجبائي لأخذ أجرة على الأطفال الذين يتكسبون بدفع درداقة (وهي رافعة يتقدمها عجل وتدفع بالساعدين طاقةً لحركتها) قد يكون الساعدان أنحف من ماسورة الدرداقة ولكنها الضرورة. سؤال أين يذهب المال المجموع من هؤلاء؟ تتبرأ الحكومات المحلية منه وتضع وزره على المتعهدين وكله عيب وفي النهاية يذهب جله لتاجر لا ضمير له يتنعم بعرق هؤلاء الصغار ويذهب بعضه حوافز للموظفين.
ترى كم علة تحتاج من هو في قامة معتمد بحري الذي التفت الى هذا التشوه الاقتصادي والاجتماعي؟ في رأيي هناك ثغرات كبيرة يمكن ان تعالج إذا وجدت همة اللواء حسن معتمد بحري. بالمناسبة المرور وقوانينه وتطبيقها الجزافي علة اقتصادية واجتماعية بامتياز. مثالاً لذلك السيارة الصغيرة التي تستعمل في نقل الركاب لمسافات صغيرة (atoz) ومن ميزاتها قلة استهلاكها للوقود يتنقل الناس بها إلى الأسواق القريبة تجد شرطة المرور تحجر عليهم الأسواق وتنتظرهم في مداخل الأسواق والطرق المؤدية إليها لتجرمهم وتغرمهم بأنهم يخالفون القانون إذ يحملون ركابا بأجرة في سيارة ملاكي. طيب لو كانوا بدون أجرة ما في مشكلة؟! ويصيب الأسواق الكساد وضعف الرواد عندما (تقطع) الشرطة الطريق عليهم.
(جئنا من أجل معاش الناس) الكابلي له أغنية عنوانها أكاد لا أصدق.

متعهدو الأسواق

28-03-2016
الأسواق الريفية هي أسواق تتوسط مجموعة من القرى يحدد لها يومين في الأسبوع يتجمع فيها من أهل القرى - التي حولها - يبيعون ويشترون في أماكن كثيرة منها الثابت والمتحرك. هذه أسواق منذ أن وضعها الاستعمار إلى يومنا هذا مرت بتطورات كثيرة وتستحق دراسة أكاديمية.
لكن الذي يهمنا منها اليوم علاقتها بالحكومة المحلية. درجت المجالس الريفية سابقا على أن تتحصل من مرتادي هذه الأسواق رسوما نظير ماذا؟ وكيف؟ هذا ما نريد أن نقف عنده اليوم. تريد المحليات رسوما من كل من يبيع أو يدخل هذه الأسواق كيف السبيل إلى هذه الرسوم تطرح السوق في عطاءات ويتقدم المتعهد بمبلغ مثلاً يشتري السوق بعشرين مليون في السنة يسدده للمحلية على قسطين ويعطى بعد ذلك صلاحية مطاردة الباعة وتحصيل الأموال منهم. يجب أن يكون وفق أسس معينة تحددها له المحلية ولكن الواقع يقول إن المتعهد سرعان ما يستعين بالشرطة لإرهاب الباعة ويتحصل كما يشاء ضاربا بكل تسعيرة المحلية عُرض الحائط ولا يرضى إلا بعشرة أضعاف ما دفع للمحلية. ونعيب على هذا الطريق الآتي:-
1 - فقهاً هذا بيع حرام إذ إن المتعهد اشترى شيئا مجهولاً. ولماذا لم يجد من يوقف هذا البيع الحرام إلى اليوم؟ هذا من الذي يحير اليسع وغير اليسع.
2 – استغلال سلطة إذ إن المتعهد يستعين بالشرطة ليرهب بها الباعة ويمارس عليهم إرهاباً باسم الدولة.
3 – الطريقة متخلفة ويمكن لكل سلطة محلية أن تبتكر في هذه الزمان المتطور ما تتحصل به رسومها مثل ترقيم الأماكن وحصرها وأخذ المبلغ دفعة واحدة أو على دفعات.
4 – الأوراق المستعملة لهذه الجباية باسم الدولة غير مبرئة للذمة ومن العيب استعمالها مجرد ورقة عليها ختم المتعهد في زمن ما عاد الختم مشكلة ملون أو غير ملون.
5 – بهذه الطريقة تبيع الدولة كرامة المواطن لرجل أقرب إلى تاجر البندقية أن لم يكن هو أشرس منه.
6 – ماذا تقدم المحليات نظير هذه الرسوم؟ المفروض أن تقدم خدمات داخل هذه الأسواق وتنظمها ولكن الواقع يكذب كل هذا. هذه الأسواق الآن غير مرتبة بل كانت مرتبة وفق خرائط المستعمر وبمرور الزمن فقدت ترتيبها لكثرة الناس. ومعظمها تنقصه دورات المياه والمصليات والأماكن النظيفة للأكل والشرب وإذا وجد هذا ففيه بطء شديد يحتاج إلى من يقف معه.
لهذه الأسباب وأسباب أخرى أدعو المجالس التشريعية بالولايات أن تضع حلولاً لهذه المشكلة وأن تشتري راحة المواطن وكرامته بتعب الضباط الإداريين. ولا مثيل لذلك إلا أن يقوم أحد المدرسين ببيع المدرسة لغير متخصص في التدريس ويقول له أريدك أن تدرس هذا المنهج خلال سنة ويذهب إلى بيته ممدا رجليه ونائما في العسل.

وضاعت ليلتنا في مدني

 27-03-2016
عندما تُدعى من قبل جهة وفي آخرها بالتعاون مع جامعة الجزيرة، لابد أن تعمل لما دعيت له ألف حساب مهابة واحتراماً لجامعة الجزيرة التي ما عهدناها إلا شامخة وعملاقة وحصّادة للجوائز، والجوائز ذات الموضوعات المتفردة كأثر الجامعة في المجتمع.
وبعد دعوات متكررة بالهاتف والواتساب أن نرجو أن تشارك معنا يا أستاذ. من أنتم؟ نحن منتدى نجوم الجزيرة الثقافي. ما الموضوع والمشاركة المطلوبة؟ الموضوع جائزة الجزيرة للإبداع الصحفي. ومعلوم لدي ولكم أن ولاية الجزيرة ذات قدم راسخ في الصحافة (رجاءً لا تقروها السخافة).
احترت هل المنافسة بين كتاب أم بين أعمدة وتحقيقات وتقارير؟ أي هل المطلوب التنافس بين الكتاب في مجمل كتاباتهم أم بين الأعمدة والتقارير؟ إذا كانت الأولى فكاتب العمود أو صاحب التحقيق ليسا طرفاً فعلى المنتدى أن يختار عدداً من كتاب الجزيرة أو كلهم ويخضعهم لمعايير الجائزة ويخرج بمن هو أفضل كاتب عمود. أو كاتب تحقيق أو تقرير.
إذ الأمر ليس قصة أو رواية تكون وحيدة في العام يشارك بها كاتبها فكاتب العمود اليومي يكتب في السنة فوق الثلاثمائة مقال تتفاوت في موضوعاتها وجديتها وهزلها وهكذا؟ كيف تطلب منه أن يختار لك منها واحداً ليشارك به.
لم أكن حصيفاً لأقرأ ضعف ما دعيت له قبل أن يقع الفأس على الرأس. وجاء يوم الجائزة الختامي وطلب منا الحضور.
وصلت ومعي صديقان لمكان الحفل. الحضور متواضع جداً عدد قليل. المشاركون كانوا أكثر من الحاضرين لولا الشباب الذين جذبهم صوت الموسيقى (المجاني) صراحة كنت مشفقاً جداً على نائب مدير جامعة الجزيرة وزير الشباب والرياضة واستغربت لماذا وزير الشباب وليس وزير الثقافة. (يبدو أن وزير الثقافة كانت تعلم ما وراء الأكمة وبؤسها).
بدأ الحفل واعتلت المسرح بنتان من طراز (هذا الحضور الأنيق وعشرات الجمل والثرثرة التي تشبه أكل قصب السكر قنطار خشب لجرام سكر) بدأت البنت (حفظها الله)، بتقديم خير ما نبدأ به هذا الحفل القرآن الكريم، وقدمت والله أعلم أجهل الحاضرين تلاوة وحفظاً ليعجز في سورة الأعلى لا تلاوة ولا حفظاً ولم يكملها.
هنا مع ضعف الحضور يكون الباقي كله متوقعاً، ثرثرة على المسرح ورقصات وأناشيد وشعر كلها لا ترقى لمستوى الجمعية الأدبية في المرحلة المتوسطة على أيامنا. وكل مرة تسأل أحقاً هذا كل ما في جعبة منتدى الجزيرة الثقافي؟
باختصار العمل غير مجوّد ولم يقم عليه خبراء ولا أدباء، فالجزيرة أكبر من أن تشوه بمثل هذه الليلة الهشة إعداداً وتقديماً. جامعة الجزيرة تستحق أن يُعتذر لها أن رعت عملاً لا يشبه جليل أعمالها.
لا أجد إلا أن أهنئ من فازوا بالجائزة. ولا أكتب ذلك لأني لست منهم حتى لا يقول قائل كل هذا النقد لأنك لم تكن من الفائزين لا والله وحتى فوز في منتدى هذا حاله لا يسعد ولا يشرف.
أرجو من أراد أن يقوم بعمل كهذا أن يكون على قدرة ولاية الجزيرة وثقافة ولاية الجزيرة حتى يصبح قبلة ويتطور. قد نجد لهم العذر حين قالوا هذه النسخة الأولى وتكرم وزير الشباب والرياضة برعاية النسخة الثانية. أرجو من الوزير ألا يرعى إلا بعد أن يرى الشياه ربما تكون من النوع الذي لا يسمن ولا يشبع.

لم ينعه أحد

26-03-2016
قدم مدير المدرسة نتيجة التلاميذ هكذا: الأول إسماعيل محمد الطيب ورجع وجاء بعد خمس دقائق تقريباً ليقول والثاني أحمد أبو الحسن أحمد ليدلل على أن الفرق بين الأول والثاني كبير جداً لا يعقل أن يذاع اسم الثاني مباشرةً بعده ولا بد من حفظ هذه المسافة.
كان إسماعيل ابناً وحيداً مع ست أخوات، ومن كان هذا حاله لابد أن يدلل ويعامل معاملة خاصة. إسماعيل كان مهذباً ومؤدباً لدرجة بعيدة منذ أن كان صبياً وتلميذاً في المدرسة يشعرك بأنه رجل كامل قليل الضحك كثير الابتسام، يسمع، وقليلاً ما يتكلم. رغم صلة القربى انقطعت صلتي به بعد المرحلة المتوسطة التي درسها في بلدتنا إذ ليس في قريتهم مدرسة متوسطة.
ومن كان هذا طبعه وذكاءه فلن يقف أمامه تعليم. ودرس الثانوية في الكاملين ودخل كلية طب الخرطوم بارتياح شديد وتخرج طبيباً.
في هوس الغربة وتردي الاقتصاد هاجر د. إسماعيل ليعمل طبيباً في اليمن ويبدو لي هذه كانت غلطة عمره إذ لم يتقدم في مجاله ليصل درجة الاخصائي أو الاستشاري ولا أظن ذلك عليه بعسير ولكن إرادة الله، ثم أخطاء القرويين.
عمل د. إسماعيل باليمن سنين طويلة وتزوج وأنجب ابنين فقط (اللهم احفظهم وبارك فيهما) وعاد للسودان ومكث قليلاً إذ قابلته صعاب كثيرة في العمل والالتحاق بوزارة الصحة مرة أخرى. ومثله لا يشكي ولا يشتكي. وهاجر مرة هذه المرة للسعودية.
لو كان للكلام أداة قياس (أو عداد) وقاسوا به كل ما تكلم به د. إسماعيل في عقوده الخمسة التي عاشها لوجدت تعادل كلام بعضهم في يوم ولأنجو من المبالغة ندعها في يومين. تخيلوا واحد من الذين يتحدثون دائما ولا يسمعون إلا قليلا ويتحدثون في كل شيء بعلم وبغير علم ويحتكرون المجالس من الصباح إلى المطاح حديث هؤلاء في يوم يعادل كل ما قاله د. إسماعيل في حياته.
وداهمه المرض اللعين السرطان وأخذ درة وشابا في ريعان الشباب، ولا نقول إلا ما يرضي الله إنا لله وإنا إليه راجعون.
أحزنني موته وأحزنني أكثر أن لم أجد له نعياً لا من جهة رسمية ولا خاصة حيث لم يعمل في السودان كثيرا ولا جالية ولا أقارب، حز في نفسي كل ذلك وأردت أن اريح نفسي بنعيه وأقاربه ومعارفه فهو فقد بحق وقدوة فقدناها.
اللهم أرحم عبدك إسماعيل محمد الطيب، رحمة واسعة وبارك في ذريته أو في ولديه وأجعلهما خيراً منه.
تخريمة:
أين مراقب طريق الخرطوم مدني؟ متى سار في هذا الطريق الذي تعددت فيه الحفر وكل حفرة إما حادث أو قطع غيار وكلاهما يمكن تداركه إذا ما تحرك مراقب الطريق ورأى بعينه هذه الحفر التي هي في ازدياد وتوسع. وأكرمها بقلاب ترقيع كما يفعلون كثيراً وهم يشكرون على ما يقومون به. (شفتوا طموحنا وصل وين؟)

شكر النعم

 25-03-2016
من لوازم الإيمان الشكر والعرفان، والله سبحانه وتعالى سخر لنا هذا الكون تسخير تعريف وتكريم، تعريف بأسمائه الحسنى، وصفاته الفضلى، وتكريم هذا الإنسان: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾.
ما دام هذا الكون قد سخره الله لنا كي نتعرف إليه من خلاله، فينبغي أن نؤمن به واحداً، وكاملاً، وخالقاً، ورباً، ومسيراً، وأن نؤمن بأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى، وما دام قد سخر هذا الكون لنا تسخير تكريم ينبغي أن نشكر، فالإنسان حينما يؤمن وحينما يشكر يكون قد حقق الهدف من وجوده، يؤكد هذا أن الله سبحانه وتعالى يقول ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً﴾.
أي أنتم حينما تؤمنون، وحينما تشكرون، تتوقف عنكم كل معالجة، لأنكم حققتم الهدف من وجودكم، لذلك الإيمان كما قال عليه الصلاة والسلام) الإيمان نصفان نصفٌ صبرٌ ونصفٌ شكرٌ).
الشكر غاية ولأهله أحسن الجزاء :
الموضوع يشبه موضوع الصبر، لقد أمر الله أن نشكره، ونهى عن أن نكفره، وأثنى على الشاكرين، ووصف فيه خواص المتقين، وجعله غاية خلقه وأمره، فالشكر غاية، ووعد أهله بأحسن الجزاء، وجعله سبباً لمزيد من العطاء، وحارساً وحافظاً لنعمته، وأخبر أن أهله هم الذين ينتفعون بآياته، واشتق له اسماً من أسمائه، فإنه سبحانه هو الشكور، وهو ينقل الشاكر إلى مشكور، تشكر فتشكر، وهو غاية الرب من عبيده، وهو ثمن الجنة، وأهله قليلون جداً. ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾.
قال تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
النبي عليه الصلاة والسلام كان يقوم الليل حتى تورمت قدماه، عَنِ الْمُغِيرَةِ يَقُول:ُ (قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ).
أيها الإخوة، الشكر له مستويات ثلاثة: أول مستوى: أن تعرف النعمة، لأن معرفة النعمة أحد أنواع الشكر، هناك نعم كثيرة جداً مألوفة، لكن هذه الألفة لهذه النعم ينبغي ألا تجعلنا ننساها .
إنسان عنده زوجة لا تخونه، هذه نعمة كبيرة جداً، لكنها مألوفة عند الناس، فحينما تكون مألوفة يتوهم الإنسان أنها ليست نعمة، لكن لو كان العكس لغلى الإنسان كالمرجل، نعمة أنك تتنعم بصحتك، بأجهزتك، بأعضائك، بجوارحك، بحواسك الخمسة، نعمة أنه لك مأوى، فكلما نقلت المألوفات إلى النعم زادك الله نعماً وكرمك، هذا المستوى الأول ، أن تعرف أنها نعمة ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا، وَسَقَانَا، وَكَفَانَا، وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ ).

منقول بتصرف من موقع النابلسي

قول على قول: نائب الرئيس

 24-03-2016
قول على قول برنامج أدبي كان يقدمه من هيئة الإذاعة البريطانية المرحوم حسن الكرمي. يبدأه الكرمي هكذا: سألني فلان من (ويحدد مكان السائل) يقول من القائل وما المناسبة ويذكر بيت شعر ويجيب حسن الكرمي إجابة مستفيضة ويذكر شاعر البيت ويذكر الأبيات التي بعده وربما التي قبله وربما القصيدة كلها. وقد ينسبه لعدة شعراء. وقد يذكر أنه مجهول القائل ولكن من لغته يرجح زمان الشعر وعهده. والبرنامج ممتع جداً ويزيده إمتاعاً صوت حسن الكرمي وتمكنه من اللغة العربية.
وعلى طريقة قول على قول: -
سألني أحد القراء من السودان من القائل وما المناسبة (زيارة ميدانية خير من عدة تقارير)، أقول وبالله التوفيق القائل هو نائب رئيس جمهورية السودان الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن، وكان ذلك في مشروع الواحة التابع لمجموعة دال في يوم الخميس 17/3/2016 والمناسبة حصاد القمح الذي حقق فدانه 25 جوالاً للفدان.
والشيء بالشيء يذكر أن السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية بكري حسن صالح قد قال في أول أيامه في المنصب إن الولايات كانت تزود المركز بتقارير كاذبة.
نحن أمام شهادتين من كبار بأن التقارير لا تنقل الصورة الحقيقية (طبعاً أنا ما ممكن أقول غير كده لأني لم أر التقارير)، وهذه قضية كبيرة ونقص في النظام الإداري إن لم أقل ناسفة لكل النظام الإداري. وعلاجها يبدأ من القواعد بأن يقبل المسؤول الصورة الصحيحة وليس الذي يطربه. عندما يفرح المعتمد بتضخيم الإيجابيات ويصبح ذلك ديدن من هم تحته سينقل بنفس النفسية للوالي تضخيم الإيجابيات وحجب الثغرات والقصور وكذلك سيفعل الوالي ولا يصل القصر إلا صورة زاهية بينها وبين الواقع بقدر المسافة بين الضابط الإداري والرئيس، هل سيلتقيان؟
ولكن بالمقابل، كما يقول فيصل القاسم، هل البديل للتقارير المضروبة الزيارات الميدانية وكيف تدار دولة بحجم السودان، الفضل، بالزيارات الميدانية. والزيارة الميدانية المعلنة هل وقف السيد نائب رئيس الجمهورية على كيف يستعد لها منذ شهر وتعطل كل الأعمال ويوقف الصرف بحجة الزيارة، وكل عمل يؤجل إلى ما بعد الزيارة.
إذاً الحل ليس الزيارات الميدانية المعلنة ولكن إذا ما أردنا للتقارير أن تكون صادقة هي تعقب كل تقرير بزيارة غير معلنة أو زيارة يكون المسؤول فيها متخفياً ويبحث في كل بنود التقرير ويسأل المواطنين.
بعد عمل كهذا ومعاقبة كل كاتب تقرير مضروب ستستقيم الأمور ولن يكتب كاتب تقريراً بعد ذلك على طريقة (كله تمام يا فندم). وتحول مصاريف الزيارات الميدانية المعلنة للتعليم والصحة والطرق (لا أستطيع أن أقسم كما فلان ولكن يومها سنصبح ياباناً أخرى).
أروني دولة تمارس الزيارات الميدانية كما في جمهورية وحيد القرن هذه.

هل الترابي سياسي... أشك في ذلك

 23-03-2016
ظاهرة الدكتور حسن الترابي تتمحور بين الترابي الفقيه والترابي السياسي والترابي الخطيب المفوه أو قدراته اللغوية. أحكي عن تجربة شخصية لي بالمدينة المنورة حيث كان لنا نشاط بالنادي الثقافي بالمدينة ضمن مجموعات عربية مختلفة. وكانت المجموعة الأكثر قرباً لي هي مجموعة تبحث في إمكانية تدريس وترجمة العلوم للغة العربية وبها شخصيات عديدة تشاهد في الإعلام كثيراً. من ضمن هؤلاء الإخوة مجموعة من أساتذة الأزهر منتدبين للجامعات السعودية وكان عددهم يربو على العشرة ومن بينهم الدكتور فتحي جمعة عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة والدكتور حسن طبل أستاذ البلاغة وصاحب كتاب المطابقات الشهير.
طلب مني الدكتور حسن طبل وكان جاري أن أحدث المجموعة عن حسن الترابي. وكنا نلتقي ثلاث أو أربع مرات اسبوعياً. فما كان مني إلا أن أستعرت من أحد الإخوان (الجبهجية) شريط فيديو للترابي في جامعة الخرطوم. وعرضته عليهم. كان أول تعليق من الدكتور حسن وأيده الباقون (إنه لم يسمع أحداً يتحدث اللغة العربية بهذه الطلاقة في حياته). وكانت الليلة ليلة الترابي بامتياز. أحد الحضور سألني مازحاً كيف يقولون إنكم شعب كسالى وفيكم حسن الترابي.
هذه واحدة والثانية، عندما كان الترابي وزيراً للخارجية وزار المملكة. كان للدكتور نايف الدعيس صالون أدبي يدعوننا إليه أسبوعياً ويدعو إليه شخصية هامة من زوار المملكة. جاءني الدكتور حسن طبل وأيقظني من نومة ما بعد الدوام، وقال لي اليوم هناك مفاجأة لك في الصالون. وكانت المفاجأة دكتور الترابي. كان الموعد الساعة السابعة والنصف بعد العشاء مباشرة لكننا انتظرنا الترابي حتى الحادية عشرة والنصف ليحضر. وكان الدكتور نايف يتابع بالهاتف مع القصر حيث كان الملك بالمدينة، ولم تكن هناك موبايلات وقتها وبدأ الملل يدب في الحضور فقال لنا الدكتور نايف (إذا كان الملك فهد اجتمع مع الترابي لمدة أربع ساعات وهو الذي لا يجلس مع ضيف مهما كان أكثر من ربع ساعة فما عليكم إلا انتظار الرجل) جاء الترابي آخر الليل وبدأ حديثه عن سيرته الذاتية حسب طلب دكتور نايف ومما أعجب الحضور أنه قال أهم مرحلة دراسية في حياتي هي كلية يوسف طبعاً يقصد السجن.
في تلك الليلة تحدث الترابي أمام أساتذة من جامعة الملك عبد العزيز والجامعة الإسلامية وكلية التربية وآخرين كثيرين وحقيقة بهرهم بلغته العربية المتمكن منها وقدراته الأدبية والفقهية ورد على عشرات الأسئلة من الحضور وتفرقنا قبل الفجر وكنا في حي القبلتين، وقال لي بعض الحضور لقد كان صيدنا الليلة ثميناً. هذا هو الترابي المفوه في اللغة العربية والفقيه. لكن الترابي كقائد وسياسي يملك رؤية لم أعثر له على أثر يذكر حسب تجربتي الحياتية المتواضعة واحتج بذلك بقول له في تلك الليلة عند الدكتور نايف حيث سأله أحد الإخوة المصريين كيف تفسر تعرض الإخوان المسلمين لضربة قاصمة في مصر وصمود ونجاة التنظيم في السودان تحت قيادتكم. فأجاب إن خطأ الإخوان في مصر أنهم وضعوا البيض كله في سلة واحدة ومصر فيها بين كل عمودي إنارة رجل أمن. إذاً كيف وضع الترابي السياسي تنظيم الإخوان كله في جحر واحد عندما دخل في تجربة انقلاب عسكري لن تتعافى منه جماعة الإخوان أبداً. هل الترابي سياسي... أشك في ذلك.
د. عثمان يس - سلطنة عمان

الضرائب الماضي والحاضر 2-2

 22-03-2016
كل حديث عن الحوسبة يطربني وكل جهة تحوسب تجد الراحة والشفافية وكلها قنوات تصب فيما يسمى بالحكومة الإلكترونية التي تأخرت كثيراً. نعم الحوسبة ليست نهاية المشاكل سلوك مقدم الخدمة يصبح هو الوعاء الذي يجعل الحوسبة تبلغ غاياتها.
مثلاً عندما يسألني موظف أو شرطي وأمامه حاسوب عن الرقم الوطني وافتح الموبايل وأمليه عليه ويقول لا أريده ورقةً وكمان الأصل وليس صورة هذا تعسف لا معنى له ويجب أن يختفي.
عودة إلى الضرائب لا أظن هناك من يحمد مصلحة هذا اسمها (الضرائب) وأول ما يذكرك اسمها بالضرب. وبما أنها جهة جابية ليس إلا فلن يرضى عنها الممول قريباً، ولعدة أسباب الذي يطلب منه دفع الضريبة دائماً يفكر في كيفية التهرب منها وبما أن للغربيين قدماً راسخاً في هذا المجال وثقافة تكونت بعد طول ممارسة، إلى أن وصلوا الى أن أكبر العيوب هو التهرب من الضريبة، وإذا ما اتهم بالتهرب شخص سيعير به وخصوصاً عندما يتقدم أو يقدم لمنصب عام.
وقومنا جعلوا للتهرب من الضرائب مكاتب يلجأون إليها لتريهم طرق الخلاص أو دفع أقل مبلغ ممكن، وفي اليوم التالي يشكون من سوء الخدمات.
الصرف وأولوياته ليس مسؤولية الضرائب هذا أمر مسلم به فهو مسؤولية المالية وإذا أرادت المالية على المدى الطويل خيراً لهذه البلاد عليها أن تقنع دافع الضرائب أن ما يدفعه سيعود عليه خدمات وليس أجرة حكام. إن الشعب السوداني يدفع لرفاهية سياسييه (الذين وصفهم منصور خالد بالمستهبلين. صراحة وصف جامع).
اطلعت في الانترنت على النسبة المئوية للضرائب من الناتج القومي فكانت الدول الأوربية معظمها عالية، وفي بلجيكا بلغت 46% والدول المتخلفة التي تسمى دلعاً النامية كلها أقل من 10 % السودان 6.3% (طبعاً دول الخليج استثناءً).
وبعد كل هذا ما كان حال الضرائب يعجب ومللنا من سماع توسيع المظلة الضريبية والأصل ألا توسع بل تشمل الجميع حتى لا يجلس خارج المظلة أحد (حظك منتظر ناس الحصانات وحماية المصالح يدخلوا تحتها لحسة كوع في هذا الواقع).
عموماً
يشكر ديوان الضرائب الذي وعد برقم ضريبي لكل مشتر وبائع ونظام حاسوبي استورد من الصين يتعامل معه 44 مليون ممول صيني يعني هنا ما ح يخنق ولا يعلق ولا دقيقة إذا أحسنوا استعماله.
إنهم الآن يدربون موظفيهم على هذا النظام الذي سيغطي كل سوداني وسيتعامل دافع الضريبة مع أجهزة وليس بشراً (صارين وجوههم ولا مبتسمين) وصراحة هذا مخرجنا ما دمنا لم نستطع تربية الناس دعونا نعتمد على الأجهزة.
خطوة مفرحة، تعامل راقٍ ومنضبط وستمتلئ الخزينة، ولكن تصرف كيف هذه ليست مسؤولية الضرائب.
وإذا أرادت المالية مستقبلاً مالياً حسناً فلتحسن الصرف وأولوياته. متى ما عادت الضرائب خدمات دفع الناس بطيب خاطر.
تخريمة
بالله لما تدفع رسوم العبور لهيئة الطرق وتجد عشرات الحفر على الطريق لم تمتد إليها يد بالشهور وكل يوم في ازدياد وكل يوم تُزهق أرواح ألا يجعلك هذا تتهرب من الضرائب؟

الضرائب الماضي والحاضر 1-2

22-03-2016
قبل سنتين تقريباً بل تحديداً في مارس 2014م كتبت مقالاً بعنوان (الضرائب التخلف عمداً)، وفي يوم الأربعاء 16/3/2016 وبدعوة من ديوان الضرائب والاتحاد العام للصحفيين أطلعونا عما يجري في الضرائب من حوسبة ومواكبة. لا أجد مقدمة لهذا الموضوع أنسب من إعادة المقال السابق والذي نوه إليه الأمين العام لديوان الضرائب مشكوراً وأضاف اليوم نحقق أمنيتك يا كاتبه.
إلى مقال 2014 (هو: أريد أن أدفع الضريبة.
هم: لا شكراً تعال الشهر القادم.
هو: لماذا؟ هم: لأننا حققنا الربط لهذا الشهر. هو: ماذا تعني بحققنا الربط؟
هم: يفرضون علينا أن نجمع مبلغاً معيناً كل شهر، وإذا استوفيناه أمطرونا بالحوافز، وربط هذا الشهر تحقق والحمد لله وضمنا حافزنا لذا نريد أن تدخل ضريبتك في الشهر القادم لنضمن حوافز الشهر القادم أيضاً.
شيء من هذا أو قريب منه يحدث في ديوان الضرائب على كل مستوياته حتى أصبح الديوان مختزلاً في كلمتين (ربط ، حافز).
يحدث كل هذا في القرن الحادي والعشرين. ثم من يفصل لي بين مرتب موظف الضرائب وحافزه . وظيفة موظف الضرائب، قديماً، أن يجمع الضرائب. ما معنى حافز؟ هل الراتب مقابل اللا عمل يعطى للكل عمل أم لم يعمل؟ والحافز لمن يعمل؟
كل هذا نريده مقدمة لما عليه حال الضرائب اليوم من، أريد أن أكتب تخلف بس لقيتها صعبة خلونا نغيرها إلى عدم تطوير. وتصبح الجملة لما عليه حال الضرائب من عدم تطوير.
أكثر الضرائب سهولة جمع ما يسمى ضريبة القيمة المضافة على الاتصالات فهذه الضريبة التي بلغت 30% على مستخدمي الاتصالات (ويستاهلوا لأن معظمها اتصالات غير منتجة) هذه الضرائب التي يدفعها المواطن يجب أن لا تبقى في حساب الشركات أكثر من 24 ساعة. أي عند الساعة 23:59:59 يجب أن تتحول يومياً كل القيمة المضافة تلقائياً من حساب هذه الشركات الى حساب الضرائب عند الساعة 00:00 مباشرة.
ما الذي يمنع ذلك؟ كل شركات الاتصالات تعمل بنظام حاسوبي متطور جداً، إذا أرادت الضرائب القيمة المضافة في أي لحظة لوجدت الإجابة، نحن لا نريد معرفتها فقط ولا تحصيلها لحظة بلحظة، وهذا ممكن إن أرادوا، ولكنهم يؤخرونها عمداً ليحققوا الربط في الوقت الذي يريدون، ليجنوا الحوافز.
وكثير من دول العالم تتحصل ضريبة القيمة المضافة عبر سيستم مباشرة من الفنادق، من المحلات التجارية الضخمة ما يسمى بالمول وبعضها يصل حتى السوبرماركتات لتدفع ضريبة القيمة المضافة عبر السيستم. ولكنهم يؤخرونها عمداً ليحققوا الربط في الوقت الذي يريدون ليجنوا الحوافز.
متى تعلو الهمة لإخراج الضرائب من تخلفها ووسائل القرن الماضي؟؟؟
رب قائل إن المواطن في الدول المتقدمة يدفع الضريبة بطيب خاطر لأنه يعرف أنها تعود عليه خدمات وتحرسها شفافية كاملة . وهذا صحيح. المواطن هنا لا يدفع بطيب خاطر بل يتهرب والأغنياء جداً صاروا يستعينوا بمكاتب ما يعرف بخبراء الضرائب، يعني بخبرتهم يساعدونك في تخفيض ضريبتك بالقانون أو العلاقات.
كل هذه تشوهات بقليل من الجهد يمكن أن تصل للأهداف جباية وصرفاً طيب إيرادات ومنصرفات، ولكن ماذا نفعل مع تحقيق الربط والحوافز.
فلتبدأ الضرائب بتحصيل القيمة المضافة من شركات الاتصالات عند الساعة 23:59:59 فهي من المواطن بكل مستوياته ويجب أن تعود عليه خدمات بأسرع ما يمكن.
هل أنتم فاعلون؟ أم تحقيق الربط والحوافز تلجمكم). غداً بإذن الله نحدث عما رأينا وسمعنا

الدورة المدرسية ما لها

19-03-2016
منذ أكثر من عقدين من الزمان وإدارة النشاط الطلابي تقدم منشطاً لا صفياً رائعا سمته (الدورة المدرسية) ولعمري هو منشط تنافسي رائع وزادته قوميته وانتشاره في كل ربوع السودان القديم والجديد حيث صار يقدم كل عام في ولاية من الولايات.
تتنوع مجالات المنافسة شعراً وإلقاءً وخطابة ودراما وغناءً بالإضافة لكل ضروب الرياضة كرة يد، كرة طائرة وسلة وطبعا كرة قدم بعضها للبنات وكلها للبنين.
هذا بالإضافة إلى التلاوة، المدائح النبوية، الإنشاد الديني، الغنائي الوطني، الشعبي والحديثـ ثم الشعر والنثر ثم التأليف المسرحي، علاوة على المسرح العالمي والمسرح البيئي. وفي السنوات الأخيرة دخلت الابتكارات التقنية والتعامل مع الحاسوب وتطبيقاته.
كل هذه المنافسات تقام من القواعد تبدأ من المدرسة وتتبعها منافسة الوحدة الإدارية ومن ثم المحليات والفائزون من المحليات يصعدون على مستوى الولاية حتى يمثلوا الولاية في الدورة المدرسية القومية. والتي تقام كل عام في ولاية من ولايات السودان 17 ولاية (صحيح واللا أمكن عملوا واحدة أو اثنين في هذا الأسبوع وما سمعنا بهم طبعا دارفور لا مجال لولاية فيها بعد الاتجاهات الأربعة والوسطى إلا يسموها دارفور فوق ودارفور تحت).
كل هذا نشاط لا صفي مطلوب تربوياً لدرجة الواجب والصرف عليه يثلج الصدر مهما غلا وما يقام في الولايات من ملاعب ومسارح سيكون إضافة يستفاد منها في مقبل الأيام في زمن ما عدنا نسمع فيه العبارة الشهيرة: (أعطني مسرحاً أعطك أمة) لقد سرق الانترنت كل المشاهدين والجمهور.
طيب عايز تقول شنو؟ ما دام دتا كله إيجابي
يبقى زمن الدورة المدرسية مشكلة حقيقية كثير من أولياء الأمور يمنع ابنه أو بنته من المشاركة خوفا عليه من تضييع الوقت على حساب التحصيل الأكاديمي إذ يتغيب المشاركون قرابة الشهر في المنافسات، ولعمري هو زمن ليس بالقليل مقارنة مع عام دراسي لا يصل 160 يوما دراسيا في أحسن حالاته (هذا بعد حذف أعياد أكتوبر والإنقاذ والكريسماس).
لماذا لا تقام الدورة المدرسية ومنافساتها في وقت لا دراسة فيه إما أن تكون في إجازة منتصف العام أو في العطلة الصيفية عندها سينافس مبدعون كثر.
والمأخذ الثاني: من المستفيد من الدورة المدرسية؟ وكيف تعمم فائدتها على كل الطلاب؟ هذا ما لم يقف عنده القائمون عليها وإلا لرأيناها موزعة في cd على كل مدارس السودان (حتى الذين جلسوا على البروش لأداء الامتحان، بالله الصورة التي تناقلتها وسائط التواصل الاجتماعي ألا تجعل الوالي والمعتمد يبيعون سياراتهم حتى تجلس الطالبات للامتحان على كراسي وأمامهن أدراج؟)
ليس كافيا عرض هذا الجهد الذي استغرق شهراً على الأقل في قناة قد يراه البعض ولا يراها كثيرون. وحتى القنوات لا تهتم إلا بيوم الافتتاح الذي يشهده في الغالب النائب الأول ويوم الختام الذي يشهده الرئيس.
أتمنى أن يجد هذا الموضوع ما يستحق من النقاش والتجويد وتعميم الفائدة.

إنه من هند إلى إيلا

17-03-2016
الأخ الوالي السيد د. محمد طاهر إيلا هل تدري من هي هند؟ أريد أن أزيد سعادتك بأن من رعاياك في هذه الولاية المستشار بوزارة العدل هند الريح. أتدري من هي هند؟ المستشار هند أو مولانا هند الريح التي كرمتها رئاسة الجمهورية.
هند يا سعادة الوالي من دافعت عن الشابين اللذين حكم عليهما بالإعدام في السعودية (وفرفصتهما) من حبل المشنقة بعد جهد جهيد (طبعاً هناك ما في مشنقة وإنما سيف) وأثبتت براءتهما من تهمة تهريب المخدرات. هذا ما أعرفه أنا البعيد عن وزارة العدل، ولكن رئاسة الجمهورية لا تكرم لحالة واحدة وهند ما ذكرت إلا وذكر الخير والإخلاص.
أخي الوالي لو كنت مكانك وطلبت هند لبن الطير لاستجبت لها.
وهند هنا طلبها ليس خاصاً ولكنه عام ونشهد لك بأنك خطوت فيه خطوات ووقف. لماذا لا ندري؟ ونعلم أنه طريق قومي ومن مسؤولية الهيئة القومية للطرق والجسور ولكننا أيضاً نعلم تقدير المركز لكم وأنتم من رجال صفه الأول.
يا أخي طولنا عليكم إلى رسالة مولانا هند الريح.
إلى السيد إيلا مع فائق التقدير
السيد والي ولاية الجزيرة الموقر
تحية واحتراماً وبعد
استبشرنا خيراً عندما كُلفت بولاية الجزيرة وكلنا يحدوه أمل أن تجعل شارع الموت أول اهتماماتك... ذلك الشارع الذي لم يرحم صغير منتظر عودة والده حاملاً قطع الحلوى والألعاب فعاد إليه والده محمولاً على النقالة... ذلك الشارع الذي يتم كثيراً من الأطفال وأوجع وأفجع وأفزع كثيراً من البيوت فهنا أم ثكلى بفقد ثلاثة او أربعة من أبنائها وذاك أب فقد سنده وتهدم مستقبل أسرته أمامه بفقد العائل الوحيد ... وتلك أسرة بكاملها رحلت مخلفة حسرة وألماً لذويها... حتى متى سيدي إيلا ومشكله شارع الموت عصية عن الحل... حتى متى وكل صبح جديد تولد معه مأساة أسرة أو قرية... حتى متى وغروب كل يوم في هذا الشارع اللعين تغرب معه أرواح أبرياء كانت تحلق حول أحلام وآمال حرمها ذلك الشارع منها.....السيد الوالي الهمام...
يكاد لا يخلو بيت في الولاية المؤدبة كما يحلو للأستاذ حسين خوجلي أن يصفها لم يفجع برحيل ابن أو أخ أو جار بسبب ذلك الشارع وبحجم تلك الفواجع التي لا حصر لها لدينا أمل كبير في أن تهتم لأمر ذلك الشارع وأن تعلن نفرة لتوسيع الشارع بلا شك أن كل أثرياء وفنيين وعمالاً ومواطنين الولاية وغيرهم سيباركون الخطوة...فقط اعلنها أنه آن الأوان لهذا الشارع أن يتوسع.
ما أجمل لغة أهل القانون.
وإن كان من شيء يضاف لدى المجلس التشريعي بالولاية قبل سنتين تقريباً إحصائية من ماتوا في هذا الطريق على مدى. إن ضحاياه أكثر من ضحايا الحروب ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هند اللهم إني بلغت فاشهدوا

القمح بين الاستيراد والتوطين

 16-03-2016
أولاً دعونا نحمد الله كثيرا على إنتاجية القمح هذا الموسم والتي بلغت في بعض الأماكن التي حصدت حتى الآن 20 جولاً للفدان وما فوقها هذا في مشروع الجزيرة. وهذا هدف سعى الناس له كثيراً والحمد لله بلغوه بالتحضير الجيد والتمويل الجيد وأنعم الله عليهم بشتاء طويل.
في مقالين قرأتهما أحدهما كتبه د. عادل عبد العزيز الاقتصادي المعروف وآخر د. سعيد أبو كمبال. انصب مقال د. عادل على تقليل استهلاك القمح ودعم المنتج المحلي وركز على تجربة خلط الذرة والقمح لإنتاج خبز اقل تكلفة.
غير د. سعيد أبو كمبال ركز مستشهداً بكتاب د. عجيمي وكيل وزارة الزراعة الأسبق والذي لا يرى أن يزرع القمح محلياً وهناك عدة محاصيل تفوقه ربحاً وتزيد دخل المزارع وقارن بين ربح فدان القمح وعدة محاصيل. قائلاً:
(ربح الفدان في مشروع الزيداب الزراعي دراسة سنة 2005/2006 كان ربح فدان القمح 4294 جنيها، الذرة الشامي ربح الفدان 6831 جنيها والفول المصري 8794 جنيها. وربح الذرة الرفيعة 32200 جنيه، 65538 للبصل 87749 للحمص 97950 للفاصوليا)..
كيف نسي هؤلاء العلماء عجيمي وكمبال عنصر التسويق؟ وهو أكثر العوامل أهمية إذ حساب البصل وسعره غير ثابت بل كل المحاصيل. بلغ جوال البصل 700 جنيه وأحياناً يصل إلى 70 جنيها هل هذه أسعار تبنى عليها دراسات ومقارنات؟
كيلو الطماطم اليوم بالجزيرة بجنيه واحد وكثيرون يذكرون كم كان سعره في رمضان الماضي يوم بلغ 40 جنيها.
كمية الاستهلاك من كل هذه المحاصيل التي ذكرت أرباحها مثلاً الحمص كم حجم الاستهلاك وأي زيادة في الإنتاج تنعكس على الأسعار مما يجعل الزراعة مثل لعب القمار ولكنه قمار حلال.
نقطة أخرى ذُكرت في مقال كمبال أسأل: كيف تشتري الدولة الجوال من المزارع ب 400 جنيه في حين أنه بمقدورها أن تستورده ب 200 جنيه قبل أن نقول هذه 400 جنيه وهذه التكلفة العالية سببها الدولة كل المدخلات والعمليات رفعت بما تفرضه الدولة من أتاوات على المدخلات والعمليات والوقود أي أنها راجعة إليها بصورة غير مباشرة وهي سبب التكلفة العالية التي أوصلت السعر إلى 400 جنيه.
ثم ثانيا هذه 400 جنيه عُملة محلية تدخل في دائرة الاقتصاد يستفيد منها قطاع واسع من المرحلين والعمال وأصحاب الآلات الزراعية وتحدث نشاطاً اقتصادياً واسعا وأعلافا وموسم الحصاد يحرك كل المجتمع أما جوال 200 جنيه بالعملة الصعبة (هذه عملة تدخل في منزلة خرج ولم يعد أوصافه كالآتي أخضر اللون به خواجة له صلعة كبيرة يصعب تزويره إلا على الفارات).
بما أننا أكلنا الطعم الأمريكي بتغيير الغذاء من ذرة ودخن إلى قمح، علينا بدراسة نفسية هادئة إعادة الغذاء إلى طبيعته ويعود الدخن (الدخن دخدخاني أكل ....) وأن تعود الذرة الرفيعة وإذا ما قبلنا بالهزيمة الأمريكية علينا التوسع في زراعة القمح والحمد لله الرغبة في زراعته في توسع وإنتاجيته بعد هذه الخبرة صارت عالية.
ملف القمح يجب أن لا يُقفل أبداً وابشروا بتوفير 800 مليون دولار من فاتورة القمح هذا العام.

القمح بين الاستيراد والتوطين

16-03-2016
أولاً دعونا نحمد الله كثيرا على إنتاجية القمح هذا الموسم والتي بلغت في بعض الأماكن التي حصدت حتى الآن 20 جولاً للفدان وما فوقها هذا في مشروع الجزيرة. وهذا هدف سعى الناس له كثيراً والحمد لله بلغوه بالتحضير الجيد والتمويل الجيد وأنعم الله عليهم بشتاء طويل.
في مقالين قرأتهما أحدهما كتبه د. عادل عبد العزيز الاقتصادي المعروف وآخر د. سعيد أبو كمبال. انصب مقال د. عادل على تقليل استهلاك القمح ودعم المنتج المحلي وركز على تجربة خلط الذرة والقمح لإنتاج خبز اقل تكلفة.
غير د. سعيد أبو كمبال ركز مستشهداً بكتاب د. عجيمي وكيل وزارة الزراعة الأسبق والذي لا يرى أن يزرع القمح محلياً وهناك عدة محاصيل تفوقه ربحاً وتزيد دخل المزارع وقارن بين ربح فدان القمح وعدة محاصيل. قائلاً:
(ربح الفدان في مشروع الزيداب الزراعي دراسة سنة 2005/2006 كان ربح فدان القمح 4294 جنيها، الذرة الشامي ربح الفدان 6831 جنيها والفول المصري 8794 جنيها. وربح الذرة الرفيعة 32200 جنيه، 65538 للبصل 87749 للحمص 97950 للفاصوليا)..
كيف نسي هؤلاء العلماء عجيمي وكمبال عنصر التسويق؟ وهو أكثر العوامل أهمية إذ حساب البصل وسعره غير ثابت بل كل المحاصيل. بلغ جوال البصل 700 جنيه وأحياناً يصل إلى 70 جنيها هل هذه أسعار تبنى عليها دراسات ومقارنات؟
كيلو الطماطم اليوم بالجزيرة بجنيه واحد وكثيرون يذكرون كم كان سعره في رمضان الماضي يوم بلغ 40 جنيها.
كمية الاستهلاك من كل هذه المحاصيل التي ذكرت أرباحها مثلاً الحمص كم حجم الاستهلاك وأي زيادة في الإنتاج تنعكس على الأسعار مما يجعل الزراعة مثل لعب القمار ولكنه قمار حلال.
نقطة أخرى ذُكرت في مقال كمبال أسأل: كيف تشتري الدولة الجوال من المزارع ب 400 جنيه في حين أنه بمقدورها أن تستورده ب 200 جنيه قبل أن نقول هذه 400 جنيه وهذه التكلفة العالية سببها الدولة كل المدخلات والعمليات رفعت بما تفرضه الدولة من أتاوات على المدخلات والعمليات والوقود أي أنها راجعة إليها بصورة غير مباشرة وهي سبب التكلفة العالية التي أوصلت السعر إلى 400 جنيه.
ثم ثانيا هذه 400 جنيه عُملة محلية تدخل في دائرة الاقتصاد يستفيد منها قطاع واسع من المرحلين والعمال وأصحاب الآلات الزراعية وتحدث نشاطاً اقتصادياً واسعا وأعلافا وموسم الحصاد يحرك كل المجتمع أما جوال 200 جنيه بالعملة الصعبة (هذه عملة تدخل في منزلة خرج ولم يعد أوصافه كالآتي أخضر اللون به خواجة له صلعة كبيرة يصعب تزويره إلا على الفارات).
بما أننا أكلنا الطعم الأمريكي بتغيير الغذاء من ذرة ودخن إلى قمح، علينا بدراسة نفسية هادئة إعادة الغذاء إلى طبيعته ويعود الدخن (الدخن دخدخاني أكل ....) وأن تعود الذرة الرفيعة وإذا ما قبلنا بالهزيمة الأمريكية علينا التوسع في زراعة القمح والحمد لله الرغبة في زراعته في توسع وإنتاجيته بعد هذه الخبرة صارت عالية.
ملف القمح يجب أن لا يُقفل أبداً وابشروا بتوفير 800 مليون دولار من فاتورة القمح هذا العام.

مبدعون لا سوق لهم

15-03-2016
هل انقطعت الكهرباء وأنت في الدور الأخير تسكن شقةً؟
هل تعطل المكيف وما عادت المروحة تجدي في هذا الصيف؟
هل المبنى الذي تسكنه مسلح وأنت فخور بذلك؟
هل عملت (خفجة) فوق السطح.
هل يعقل ألا تكون هناك حلول لكل هذه المشاكل في بلاد صيفها يبدأ بدرجة حرارة 40 درجة مئوية منذ السابعة صباحاً.
أرسل لي المهندس محمد محجوب تجربتهم في العازل الحراري البديل والحل المتكامل لكل هذه المشاكل وهي ما يسمى بالخرصانة الرغوية. أقتطف لكم بعضا مما جاء في رسالته :-
(تتكون الخرسانة خفيفة الوزن من الأسمنت البورتلاندي العادي مع الرمل والرغوة المستقرة stable foam حيث يتم خلط هذه المكونات بنسب متفاوتة بواسطة ماكينة مخصصة لذلك ومن ثم ضخها الى موقع العمل المطلوب مباشرة.
ويمكن لمضخة الخرسانة الرغوية العمل لارتفاعات مختلفة حتى 60م من مستوى سطح الأرض أنواع الخرسانة الرغوية تنقسم الخرسانة الرغوية الى ثلاثة أقسام رئيسية حسب الكثافة والاستخدام وهي كالآتي:
1- خرسانة رغوية إنشائية structural وهذه ذات كثافة من1200 كجم/م3 __1600 كجم/م3.
2- خرسانة رغوية شبه انشائية semi structural وهي ذات كثافة من 800كجم/م3 ---- 1200كجم/م3
3- خرسانة رغوية للعزل الحراري
وهي التي كثافتها من 400 كجم/م3 __ 800 كجم/م3 وهو النوع الشائع الآن لدينا حيث نستخدمها في عمل الميول في السقف النهائي وتتميز بالآتي:
أ‌- خفة الوزن حيث تساعد في تقليل الأحمال المشيدة على المبنى مما يعطي ميزة اضافية في زيادة السلامة للمبنى.
ب‌- عزل حراري ممتاز حيث الموصلية الحرارية منخفضة مما يقلل كمية الحرارة الداخلة الى المبنى .
ج - سرعة التنفيذ – حيث يمكن انجاز حتي 1000 متر مسطح في اليوم الواحد بواسطة ماكينة واحدة وثمانية عمال.
د‌- إعطاء سطح نهائي جيد من حيث التشطيب مما يسهل ويجود تنفيذ أعمال العزل المائي عليه سواء كان لفائف او دهان.
هـ - إعطاء ميول بدقة جيدة حيث يتم عمل اوتار من مونة الأسمنت والرمل تحدد الميول ثم ملئها بالخرسانة الرغوية التي يسهل التحكم في تشطيبها
و – الديمومة: لها ديمومة بعمر الخرسانة العادية حيث المكونات هي الرمل والأسمنت مما يضمن تماسكها بصورة جيدة وعمر طويل دون حدوث تلف(.
تقليل الحرارة وتقليل تكلفة الكهرباء كلها مطلوبة في السودان وما دمنا تنكرنا الى منازل الطين القديمة التي لا تحتاج لكل هذه الحلول فعلينا بحل مشكلة هذه المباني الخرسانية التي تستهلك طاقة كبيرة لتبريدها. ولا كهرباء كافية ولا مال كاف لذا أرى أن يقوم اتحاد المهندسين بدوره بتشجيع هذه الخرصانة الرغوية بديلاً للخفجة وان يعمل مع الجهات الرسمية كوزارة التخطيط العمراني ان يكون العزل الحراري بالخرسانة الرغوية واجب النفاذ في كل مبنى ويوضع كشرط من شروط البناء . هذا وأتمنى أن يكون لاتحاد المقاولين دوره في هذا الصدد وكل ذلك بعد اقتناعهم ولحسن الحظ ان ماكينات هذه الخرسانة الرغوية صناعة سودانية خالصة انتجتها شركة شماسو وهي تعمل بكفاءة عالية وعرضت في معرض الخرطوم الدولي.
هذه مشاكل البناء السوداني وهذا حلها الذي هو أيضاً سوداني وخليك سوداني.

المأذون الإلكتروني

 14-03-2016
من أخبار السلطة القضائية في هذا الأسبوع تدشين مشروع حوسبة العمل القضائي الذي يتم اليوم. وهو حسب ما ورد في أخبار السلطة القضائية على مرحلتين. وسيوفر جهداً كبيرا كان يبذل وتكون سرعة تبادل المعلومات من مهامه وسيربط كل المحاكم في العاصمة والولايات في شبكة واحدة.
مثل هذا العمل سيضاعف الإنتاج (هذه من ثقافة المزارعين) ويحفظ المستندات وهو باختصار شديد هذا المشروع يقوم على استخدام تكنولوجيا المعلومات وينقل السلطة من العمل اليدوي إلى العمل الإلكتروني الذي يحقق الشفافية من خلال تدفق المعلومات بين الأطراف بما يحقق سرعة الإنجاز وتحديد الأداء الذي يصب بدوره في صالح تحقيق العدالة.
لسا أمنيتي لم تتحقق.
في يوم 22/7/2015 كتبت في هذا العمود تحت عنوان: (حوسبة الزواج والطلاق) وأوردت المبرر منبع الفكرة هكذا (في مناسبة اجتماعية ذكر أحدهم أن مطلق ابنته يرفض إعطاء قسيمة الطلاق بعد نهاية العدة وعزا ذلك لعدم تسجيل تاريخ الطلاق لدى جهة رسمية تفصل في تظلمهم.
الملاحظ الآن أن مشكلة كبيرة تحدث عند الطلاق إذ يصر بعضهم تشفياً ألا يستخرج قسيمة الطلاق بعد انتهاء العدة ويجعل أهلها كلهم في حالة ترجي للمطلق ليبدلها الله رجلاً غيره وهو يصر على عدم إرجاعها وعدم إطلاق سراحها).
وكتبت (يأتي هذا الخلل لعدم تدوين يوم الطلاق ومن ثم يكون من حق أي جهة عدلية بعد انقضاء المدة أن تستخرج قسيمة الطلاق لتكون المطلقة في حل من مطلقها دون تعسف منه.
معطيات حل هذه المشاكل متوفرة تريد من يربطها والأمر بيد القضائية والمركز القومي للمعلومات والسجل المدني. لتجتمع هذه الجهات وتجعل أمر استخراج قسيمة الزواج وقسيمة الطلاق مربوطتين بالرقم الوطني وعبر بوابة السودان الإلكترونية ومع كل المحاكم يدخل القاضي أو كاتب العدل أو مراقب المحكمة حسب النظم التي تعرفها القضائية ويدون الزواج في الشبكة بالرقم الوطني عندها لن نجد زوجاً له خمس زوجات ولن نجد مطلقة معلقة فيوم طلاقها مرصود وعدتها معروفة وعليه الرجع أو التسريح بإحسان.
ويترتب على هذا فوائد كثيرة تستفيد منها عدة جهات وزارة التخطيط الاجتماعي مثلاً ستعرف نسبة الزواج ونسبة الطلاق ومكانه وأسبابه وتبدأ علاجه بإحصاءات صحيحة ومعلومات موثقة.
تستفيد السلطة القضائية وتوفر المعلومة للجهات التي تطلبها وخصوصاً في السفارات في دول المهجر ويترتب على ذلك، حسب القانون، حل كثير من المشاكل الاجتماعية التي بدأت تطل برأسها في دول المهجر.
جديد آخر في هذا الصدد أن وزارة العدل بالمملكة السعودية شرعت في مشروع حوسبة الطلاق جاء هذا في أخبار هذا الأسبوع أيضاً. وذكروا من مبرراته مثل ما ذكرت قبل عدة شهور.
ماذا لو تسابقت السلطة القضائية السودانية وأنجزت الفكرة في وقت وجيز حتى نخرج من عصر الورق والمأذون اليدوي إلى المأذون الإلكتروني e- mazon -مأذون E-.
اللهم وفق القائمين على القضائية للتيسير.

رد من باحث

 12-03-2016
في لقاء الصحفي ضياء الدين بلال مع د. منصور خالد، قال د. منصور من ضمن إجابة على أحد الأسئلة :
"اتفق معه جداً، القانونيون ينظرون إلى القضايا نظرة شكلانيّة ويستخدمون نفس المنطق لشرح بعض الظواهر، مثال على ذلك عندما قرّر البرلمان عدم قبول ما تعهّد بقبوله قبل موافقتهم على إقرار إعلان الاستقلال، وهو منح الجنوبيين حكماً فدراليّاً. أكبر قانونيين عندنا محمد أحمد المحجوب ومبارك زروق، جاءوا بوجهة نظر غريبة إذ قالوا لم نتعهد بمنح الجنوب هذه المستحقات وإنما وعدنا بالنظر بعين الاعتبار، هذا كلام يُقال في محكمة تركات لكن لا يمكن أن يقال في إطار حل مشكلة وجودية وهذه واحدة من الأخطاء التي يقع فيها القانونيون."
أما مقولة د. منصور إن البرلمان ـ يقصد الجمعية التأسيسية 1958 ـ رفض منح الجنوبيين حكماً فدرالياً فهذا خطأ كبير لأن الجمعية لم يكن معروضاً عليها الموافقة أو الرفض على فدرالية الجنوب، وإنما كان المقترح إحالة مسودة الدستور إلى لجنة جديدة من أربعين عضواً فيهم ممثلين لحزب الأحرار الجنوبي لتخضع للمشاورة والبحث .
وحتى تكتمل الصورة لفهم ما حدث بالضبط ألخص وقائع جلساتها الثلاث:
الأولى عُقِدت في يوم 22 مايو 1958م للنظر في مقترح السيد المحجوب والقاضي بدعوة الجمعية للنظر في مسودة الدستور المعد سلفاً بواسطة اللجنة القديمة. ثنّى مبارك زروق زعيم المعارضة اقتراح زعيم الأغلبية. لكن الكتلة البرلمانية لحزب الأحرار الجنوبي أصرّت على أن تقرّر الجمعية وليس اللجنة نوع الحكم في البلاد. من ضمن ردود السيد محمد أحمد محجوب عليهم: "حقيقة أن البرلمان الماضي اتخذ قراراً بأن تنظر الجمعية التأسيسية في الفدريشن بعين الاعتبار، وهذه المسودة لم تضعها الجمعية وإنما وضعتها لجنة، ومن حق أي عضو أن يتقدم لنا بدستور فدرالي فننظر فيه، هذا زيادة على أن الوعد بالنظر في الفدريشن لا يعني اعترافاً به" وعندما قُفل باب النقاش انسحبت كتلة حزب الأحرار الجنوبي .
الثانية عُقِدت في يوم 12 يونيو 1958م بعد أن تم الاتفاق مع الجنوبيين على حل وسط وهو أن تنظر اللجنة في المسودة على ضوء قرار البرلمان السابق وفحواه إعطاء مطلب الأعضاء الجنوبيين الخاص بحكومة فدرالية كل اعتبار. المفاجأة كانت هي طلب أحد الأعضاء الجنوبيين تأجيل المداولة. واتضح أنّ بعض الجنوبيين رأى أن تقدّم المسودة على أساس فدرالي تمرّره الجمعية للجنة بدلاً عن الاقتراح الأصلي.
الثالثة والأخيرة عُقِدت في يوم 19 يونيو 1958م بعد اتفاق الجميع على إجازة الاقتراح الذي ينص على أن تنظر لجنة الدستور الأربعينيّة في مطلب الجنوبيين للفدريشن على ضوء قرار البرلمان في سنة 55. ثنّى الاقتراح الأب ساترنينو وأجيز الاقتراح بالإجماع.
أما مقولة د. منصور إنّ البرلمان تعهّد بمنح الجنوبيين حكماً فدراليّاً فهذا خطأ آخر لأنّ تعهد البرلمان كان مطابقاً لرأي السيد بنجامين لوكي في اجتماع الأحزاب في 13/12/1955 والذي يقول: "إنه لا يقصد فكرة الاتحاد الفدرالي بالمعنى المتبادر، ولكنه يقترح تكوين لجنة من الشماليين والجنوبيين لتدرس موضوع تنسيق العلاقات بين الشمال والجنوب ".
إسماعيل حامد إسماعيل الريح

مشكلة خريجي أكاديميات الصحة

 09-03-2016

(اتمنى ألا يخرج هذا المقال خارج السودان حتى لا يضحك العالم علينا خلوها مستورة بينا وبينكم هنا بس).
قبل عشر سنوات تقريباً كان هناك واقع صحي غريب، كثر الأطباء وقل الممرضون، النسبة الطبيعية خمسة ممرضين مع كل طبيب ويومها كانت النسبة معكوسة خمسة أطباء مقابل ممرض واحد.
لتحقيق النسبة الصحيحة كان لابد من مضاعفة عدد الممرضين وسد هذا العجز. تم إنشاء أكاديمية الصحة العليا في كل الولايات تقريباً وزيادة على الممرضين كانت تضخ مخدرين، وقابلات، ومحضري عمليات. وجد الخريجون الأوائل الطريق سهلاً وممهداً والوظائف شاغرة وتم تعيين كل الخريجين بيسر في الوظائف الشاغرة.
رويداً رويدا وكل سنة والممرضون في ازدياد والوظائف في تناقص إلى أن صار إنشاء وظيفة ممرض (لحسة كوع) رغم الحاجة لخريجي الأكاديمية الصحية العليا في كل المستشفيات. لمبة (لا توجد وظائف) مولعة أحمر.
جعل هذا الوضع المستشفيات تتعاقد مع الممرضين بل كل خريجي الأكاديمية الصحية من مواردها وهذا لا يرضي الخريج ولا المستشفيات التي يؤثر تعيين هؤلاء على تسييرها وتدني خدماتها ويجعل خريج أكاديمية الصحة يعمل بلا نفس.
مستشفى إبراهيم مالك (بديل مستشفى الخرطوم حسب رأي البلدوزر وحده فقط لا غيره) فيه أكثر من 100 ممرض بلا وظائف ويعملون بنظام التعاقد ترى أي إرهاق يسببونه لميزانية تسيير المستشفى!
والحال في الولايات أسوأ بكثير وتقرير في البي بي سي قبل يومين يتحدث عن هجرة العلاج من الأقاليم إلى الخرطوم فاقدة العلاج الحكومي تقرير مؤلم (إن كان هناك من يتألم من المسؤولين).
يزيد خريجو الأكاديمية الصحية ألماً عدم استطاعتهم على حصول التسجيل الدائم لدى مجلس المهن الطبية الذي يتطلب التسجيل فيه ما يفيد بمباشرة الخريج للمهنة وذلك بسبب عدم الوظائف.
أحد الأصدقاء من (ناس الحكومة) في نقاش عن حنق الحكومة من الصحافة قال إن الصحافة تقدم نقداً فقط وعليها أن تقدم الحلول لكل مشكلة تطرحها.
نزولاً لرغبة الصديق الحكومي أو بالأصح المؤتمر وطني أريد أن أقدم حلاً لهذه المشكلة، وهو ببساطة إنشاء وظائف بقدر عدد خريجي كل سنة تكون جاهزة قبل تخرجهم. وبعد التخرج بيوم يجد كل خريج وظيفته كما وجد هو ووجدت أنا وظيفتنا جاهزة يوم تخرجنا من الجامعة قبل أكثر من ثلاثين عاماً وبس.
سيكون الرد لا توجد ميزانيات كافية لهذه الوظائف. طيب هل الصحة أولوية حقيقية في برنامج المؤتمر الوطني، هذا قبل الحوار الوطني بعده يمكن أن نخاطب حكومة التكنوقراط (تشموها قدحة).
أيهما أولوية المؤتمرات، المهرجانات، الافتتاحات والسفريات أم صحة المواطن؟ كثير من القضايا حلها متفق عليه ويعرفه الكبير والصغير إلا من بعينيه رمد وما لاقي الذي يعالجه، إما للتخلص من المستشفيات الحكومية بفعل فاعل أو لعدم توظيف معالجيه. (يا لك من كاتب مسكين, مثل ما تثير من قضايا البسطاء هذه لا يشعر بها الجماعة الفوق هم في وادٍ وأنت في وادٍ كان الله في عونك).
من الأمثال السودانية (عريان ولابس صديري).

دمباوي يرد على د. البيلي

 08-03-2016
صديقنا الشيخ سعيد دمباوي نظر إلى موضوع دعوة د. أمل البيلي وزيرة الرعاية الاجتماعية بولاية الخرطوم، نظر إليه من زاوية أخرى، زاوية عدم توفر الماء وكأني به لا يريد تنسيقاً بين إدارات ولاية الخرطوم.
إلى رسالة سعيد دمباوي
(تعقيباً على ما جاء في عمودكم في عدد الصحيفة الصادر بتاريخ 4 مارس 2016م تحت عنوان (البيلي تدعو لزراعة المنازل) لنا تعقيب على دعوة السيدة الوزيرة – فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان أعاذنا الله جميعاً من كيده وشره.
وأقول مستعيناً بالله – إن دعوة الوزيرة تأتي في الوقت الذي تمر به مدن ولاية الخرطوم بأزمة حادة في مياه (الشرب) ومعاناة سكان الولاية – والقطوعات المتكررة في مدن الولاية وبخاصة في فصل الصيف – وتكرار هذه الظاهرة في كل عام حتى يصل سعر برميل الماء غير معروف المصدر أكثر من ثلاثين جنيها – وربما تكون غير صالحة للشرب ويمرض (الفقراء) ويتعالجون على حساب ميزانية الأسرة المنهارة أصلاً بل حتى مياه الشرب المعروفة المصدر نفسها غير (مضمونة) صحياً دعك من مياه الكاروهات، وقد عجز المسؤولون عن حل هذه المشكلة على الرغم من أسماء مدن ولايتنا هي شرق (النيل) وغرب (النيل) وبين (النيلين) وهنا كثير من مواطني الأحياء السكنية يظلون مستيقظين حتى الصباح وبعد هذا السهر (ربما لا يأتي الماء) وينتظر المواطن حتى يصحو اصحاب الكاروهات ويذهب ليشتري البرميل بمبلغ (35) جنيهاً-هذا على الرغم من قيام المواطن بدفع الرسوم المقررة التي زادت بنسبة 100%، ويدفع المواطن هذه الرسوم (غصباً عنه) لارتباطها بالكهرباء ويرجع إلى منزله يحمل إيصال رسوم الماء بلا ماء – ويضطر المواطن إلى دفع عشرات الجنيهات لصاحب الكارو – ذلك لأن البيت ليس فيه ماء لا للشرب ولا للطبخ ولا للغسيل ولا للحمام – هذا مما ذكره المواطن حسين أحمد عبد الحميد لصحيفة (التغيير) من منطقة (جبرة)، وأزمة الماء قد أرهقت الأجساد بالسهر والجري وراء أصحاب الكاروهات كما أرهقت الجيوب، وسعر البرميل يصل إلى (35) جنيهاً، ولا يكفي البيت في اليوم –تخيلوا أن يدفع المواطن (30) جنيهاً رسوماً للماء مع الكهرباء ثم يرجع لمنزله ولا يجد الماء فيضطر إلى شراء البرميل بـ(35) جنيهاً.
وما يحدث في (جبرة) يحدث في اكثر مدن الخرطوم – وعلى الرغم من هذا جاء في عمودكم طلب الدكتورة أمل البيلي وزيرة الرعاية للأسر ليزرعوا في بيوتهم – تطلب منهم هذا على الرغم من أن بعض أصحاب المنازل يصلون (بالتيمم)، ولا يمكن الزراعة بالتيمم طبعاً فكيف يزرعون؟؟ فهي تريد أن تحارب (الفقر) بطلبها بينما الفقير يدفع رسوم الماء الشهرية بلا ماء، ويضطر لشراء الماء من أصحاب الكارو على حساب ميزانية الأسرة ويزداد فقرًا على فقره-فكيف يزرع من كان هذا حاله ولو كان في بيته مساحة للزراعة وهو لا يجد ما يشربه من الماء؟؟ والله لا أرى طلب الوزيرة هذه إلا مثل طلب مأمون حميدة وزير الصحة للمواطنين الفقراء بأكل (القعونجة) لتعويض النقص في (البروتين) بلد فيه أكبر ثروة حيوانية ويطلب منا أن نأكل الضفادع وفيها آلاف الأفدنة على شواطئ النيلين ويطلب منا أن نزرع في بيوتنا ونحن ما لاقين موية الشراب)..

عودة عظام وحوادث الخرطوم

 07-03-2016
دواعي اتخاذ القرار قد تكون عند عدد قليل من الناس، لكن آثار القرار متاحة للجميع. والدراسات القبلية والبعدية مطلوبة جداً وخصوصاً في القرارات التي اختلف حولها ووجدت مؤيدين ومنتقدين (ما في داعي لكلمة معارضة التي أصبحت ذات معنى واحد وفي حكم المصطلح).
مرت ثلاثة أشهر تقريباً منذ أن تم إغلاق أقسام حوادث وعظام مستشفى الخرطوم. لنا أن نستفهم اليوم عشرات الاستفهامات لمتخذ ذلك القرار (دون أن نتهمه باي تهم من التهم التي ما عادت تؤثر فيه). نريد أن نكون حنينين مع متخذ القرار ولكننا نحمّل تنفيذ القرار لجميع الجهات المسؤولة عن الصحة بدءا من الوزارة الاتحادية التي تنازلت يوماً عن كل مستشفياتها لولاية الخرطوم واتبعتها لها وهي تعلم علم اليقين عدم مقدرة ولاية الخرطوم لتسيير هذه المستشفيات على الأقل العامة الكبيرة والمشهورة والتي يعرفها الناس منذ زمن بعيد، مستشفى الخرطوم، ومستشفى أم درمان ومستشفى بحري (بالمناسبة مستشفى الخرطوم على واحدة من واجهاته القديمة مكتوب عليه 1905 وهذا التاريخ بقانون الآثار يحرم المساس به).
عندما قدمت الوزارة الاتحادية هذه المستشفيات لولاية الخرطوم هل اشترطت أي شروط مثلاً عودتها في حالة فشل تسييرها الى الاتحادية. أم هي قدمتها أصلاً لتنال هذا المصير).
الذي نريده تكوين لجنة تتحقق وبالإحصاءات كم من العمليات كان يجريها قسم العظام في مستشفى الخرطوم للفقراء وأين ذهب هؤلاء الفقراء؟ بعد إغلاق قسم الحوادث والعظام وبالإحصاءات أيضاً.
مكان البحث منطقة ما بين النهرين أعني الخرطوم فقط التي خلت الآن من مكان لهؤلاء الفقراء وكل ما يقال عن جاهزية مستشفى إبراهيم مالك لم يصدقه الواقع.
أما ما سمي بالتمييز فقد كذب الواقع اسمه من أول أسبوع. وكان أقل من كل الذي قيل فيه (ولك أن تسأل ماذا عن حوادث جبرة الذي وقف زمناً ولم يسأل عن عدم إكماله أحد).
لا يوجد مكان حكومي لمعالجة مريض أو مصاب عظام في كل الخرطوم وكأني بهم يراهنون على المستشفيات الخاصة وهل يستطيع كل مريض العلاج فيها بهذه الأسعار الخرافية؟
الغريب لا يعرف الناس في الخرطوم أين يذهبون بمريضهم بعد تحطيم قبلة الجميع، مستشفى الخرطوم. حدثني استشاري عظام كبير ان مريضة دخلت عليه في مكان علاج خاص. المريضة قالت لا تملك في هذه الدنيا غير ألف جنيه وذهبت كل هذه ألف جنيه في إيجار الأمجادات من مستشفى لمستشفى ومن مركز لمركز وعندما وصلته حلفت لم يبق من هذا الألف جنيه الا خمسين جنيها هي آخر ما تملك. وجزاه الله خيراً ما ردها وعالجها.
طالبت أعلاه بدراسة الحالة ولا زلت لأن البلدوزر لا يقنعه أحد وقد أقنع الرأس ولا يهمه الباقي. هل نسي الله الذي قدرته فوق الجميع؟ وهل نحلم بأن يراجع البلدوزر نفسه ويتق الله في فقراء هذه الأمة ويعيد إليهم قسم عظام مستشفى الخرطوم والحمد لله أنه لم تطله يد الخراب بعد. ولم يجدوا له بديلاً.
هل نحلم بجملة من الرأس (من فضلك يا مأمون رجع العظام دي وحدها).
   طباعة 

البيلي تدعو لزراعة المنازل

 05-03-2016
في الأخبار أن د. أمل البيلي وزيرة الرعاية الاجتماعية بولاية الخرطوم دعت الأسر للزراعة داخل المنازل. وفيه أيضاً أن الست الوزيرة اعترفت بأن نسبة الفقر أعلى من النسبة المعلنة بكثير وأن المعايير المستخدمة للقياس تحتاج مراجعة وليست دقيقة.
من حق الوزيرة أن تدعو للزراعة في منازل الخرطوم وتشكر على اعترافها بعدم صحة نسبة الفقر المتداولة في الإعلام وهي 26%. (هناك فقير الأغنياء الذي يمتلك فلة واحدة وسيارة واحدة وليس له سيارة دفع رباعي. وفقير الفقراء الذي يأكل وجبة واحدة ناقصة المكونات وربما أحياناً تكون من عنصرين أثنين فقط ماء وعجين). من حقها كوزيرة ولاية أن تتحدث لمواطني ولايتها عن الزراعة في المنازل مستشفة الفكرة المصرية حيث ضيق الأرض وكثرة السكان وقلة الماء. وهي ليست مسؤولة عن الزراعة في السودان.
ولكن بالمقابل كما يقول (فيصل القاسم) كم صرفت ولاية الخرطوم على مشروع سوبا الزراعي، البالغة مساحته 30 ألف فدان، حسب علمي صرفت عليه في موسم واحد من مواسم عبد الرحمن الخضر 60 مليون جنيه بالجديد. حيث كان هدف المشروع مد ولاية الخرطوم بالخضروات. وماذا كانت النتيجة؟ كلكم يعرفها ويراها أمامه.
ما رأيت عيباً في نظام الحكم المسمى اتحادياً كعيبه في النظرات الكلية وعدم وجود منسق. فلو وجد مشروع الجزيرة أموال ولاية الخرطوم لنهض ورفد ولاية الخرطوم بالكثير من الاحتياجات ولن تطالب وزيرة الرعاية الاجتماعية مواطنيها بالزراعة في المنازل.
تخيل من يملك ملايين الأفدنة الصالحة للزراعة وينادي ليل نهار: يا إخواننا العرب هاتوا أموالكم وازرعوا هذه الأرض. كيف يطالب مواطنيه ليزرعوا في البلكونة؟ كم مساحة البلكونة (طبعاً يا اخوانا من القراء من لم يسمع بالبلكونة ولم تكن يوماً في قاموسه وما في داعي تشرح لمن منزله مئات الأمتار المربعة أن البلكونة هي متر أو مترين مربعين بعد الشباك ولها باب).
وهو مواطن الخرطوم دا منو؟ الذي يسكن الأحياء الراقية (طبعاً ما في داعي نسمي الأحياء الراقية حتى لا نساعد سماسرة الأراضي)، ساكن الحي الراقي ما فارق معاهو أسعار ولا يحزنون يدفع بدون مفاصلة في الأسعار كمان (لأنه ما ضارب فيها حجر دغش) وأحياء زقلونا والوزير دقس وام شنو كده لا وقت لهم لزراعة المنازل ليت يومهم يكفيهم جري وردحي من الغلاء وتجفيف العرق لذلك لا يحتمل أي أعباء أخرى، هذا إذا لم نقل إن الماعز ستأكل ما زرع قبل أن يحصده.
أما شبع هذا الشعب من تنظير السياسيين غير المدروس، كل من اعتلى كرسياً ولا يقدر أن يعارضه من هم أمامه من موظفيه خوفا على لقمة عيشهم يحسب أنه يمكن أن يقول ما يشاء من أفكار خطرت له دون لمن وراء الموظفين. هل عرضت الدكتورة أمل البيلي أمر زراعة المنازل على متخصصين وسألت عن كل الجوانب والجدوى الاقتصادية والبدائل وتبنت الموضوع أم هي خاطرة وبس.
الله يرضى عليكم يا حكامنا ساعدونا على الصبر عليكم بالسكوت.

إلى الدعاة والرعاة

04-03-2016
أنقل إليكم اليوم من روائع الشيخ محمد راتب النابلسي (بتصرف) ليس لي فيها إلا العنوان.
الأقربون أولى بالمعروف:
النبي عليه الصلاة والسلام أُمِرَ في هذه الآيات أن يُنْذِرَ عشيرته الأقربين، والأقربون أولى بالمعروف، الأقربون إليك أولى بِتَوجيهك، الأقربون أولى بِعِنايتِك، الأقربون نسبًا، والأقربون مكانًا، والأقربون في العمل، المؤمن يبدأ بِمَن حوله، يبدأ بأهله وأولاده، ويبدأ بِإخوته، وأخواته، ويبدأ بِعَشيرته، ويبدأ بأبناء حَيِّه، وبِزُملائِهِ بالعمل ويبدأ بِجيرانِهِ، هكذا.
وهناك أُناسٌ يَدَعون بلدهم، ويبحثون عن عملٍ صالح في مكان آخر، لكنَّ بلدهم أوْلى بهم، وهذا هو الأصل، وأقْرباؤُهم أولى بهم، وعشيرتهم أولى بهم، البلد الذي احْتضنهم أولى بهم
ما مِن علاقة أوْقَعُ في النَّفس من علاقة الإيمان بين الأقارب، فإذا كان إخوانك وأخواتك مؤمنين، وكان أولادك على الطريق الصحيح فهذه سعادة ما بعدها سعادة، ثم الآية التي تليها:﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ أمْرُ اللهِ نبيَّه عليه الصلاة والسلام بخفض الجناح والتواضع:
بادئ ذي بدْء، هذا تَوْجيه من الله سبحانه وتعالى للنبي عليه الصلاة والسلام في الطريقة التي ينبغي أن يُعامِلَ بها أصحابهُ، هذا توجيه، أو تربيَةٌ، أو تأديب، حينما سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الأدب الرفيع الذي يتحلَّى به فما زاد أنْ قال: (أدَّبني ربِّي فأحسن تأديبي).
خفْض الجناح كِنايةً، والكناية هي التَّعبير عن الشيء بِبَعْض لوازِمِه، إذا أردْت أن تُعَبِّر عن كرم الإنسان قد تستخْدمُ أُسلوبًا غير مباشر، فالكريم من لوازمهِ أنَّ بابه لا يُغْلَق، دائمًا الضُّيوف يدخلون منه، فإذا عبَّرْتَ عن الكرم بِطريقةٍ مباشرة تقول: فلان كريم، هذا الأسلوب اسمُهُ الأسلوب المباشر، أما إذا أردْتَ أن تعبِّرَ عن كرم هذا الإنسان بِطَريقةٍ غير مباشرة تسْتخدم الكناية، وتقول: فلان بابهُ لا يُغْلَقُ، أي هو كريم، وإذا أردْتَ أن تُعَبِر أنَّ هذا الإنسان قد نَدِمَ، وقلتَ فلان نَدِم، فأنت اسْخدمْت الأُسلوب المباشر،
أما إذا أردْت أن تستخدم الكناية تقول: فلان عضَّ على أصبعه ! قال تعالى:﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ﴾ هذا كنايةٌ عن النَّدَم الشديد، وخفضُ الجناح كِنايةٌ عن التواضع، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، وَلا يَبْغِي بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ) والله سبحانه وتعالى يُوَجِّه النبي عليه الصلاة والسلام، أو يؤدِّبُهُ أو يُرَبِّيه كي يكون متواضِعًا مع أصحابه، قال تعالى:﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ ﴾

فوائد خفض الجناح:
يبْدو أنَّ خفْض الجناح يؤلّف القلوب، وخفْض الجناح يُعين على المحبَّة، والمحبّة أساس في الدَّعوة إلى الله. أحدُ المُعلِّمين القدامى الذين جاءوا في العصور الساحِقَة، في التاريخ القديم وهو أفلاطون اسْتَدعى ولِيًّا من أولياء تلاميذه، وقال له: خُذْ ابنَكَ عنِّي، فإنَّه لا يُحِبُّني ! التَّعليم أساسه المحبّة، والتَّعليم بالقهْر وبالإلزام لا يُجدي،
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾.

محمود المثال المفقود

03-03-2016
ما ذُكر اسم محمود شريف إلا وذكرت بعده حكمة أو درس ومآثر الرجل وصدقه وقبل كل ذلك عقله المتقد وتواضعه الجم. محمود شريف المهندس الجاد الذي يؤدي دوره بإخلاص منقطع النظير ولقد رآه الشعب السوداني سابحاً في بحيرة الخزان ليخرج الحطب الذي اعترض التوربينات لتصل الكهرباء، أي تفانٍ هذا.
يحفظ له معارضوه أنه رفض تنفيذ الأوامر الحزبية الضيقة التي طلبت منه وهو مدير للهيئة القومية للكهرباء أن يفصل المهندسين غير الموالين للإنقاذ. ورفض أن يكون التوجه الحزبي هو المقياس، وأصرَّ على أن تكون الوظيفة حق لكل سوداني مؤهل.
حدثني من أثق فيه جداً مهندس كهرباء قديم من الذين عملوا في الكهرباء طويلاً ومر عليه عدد من المديرين ولكن الرجل رغم خلافه الأيدولوجي مع م. محمود شريف إلا أنه شهد له عدة شهادات. وروى هذه الواقعة التي أنا بصددها اليوم.
دخل الشهيد م. محمود شريف على مكتب م. (س) لأمر بخصوص العمل. دخل محمود مكتب م.(س) ورائحة العرقي تشق الرأس فلقد كان م.(س) من الذين يحضرون العرقي إلى مكاتبهم ويضع الزجاجة تحت أقدامه (ويكرع) بين حين وآخر. أتم محمود شريف مهمته التي أتى من أجلها وودع م.(س) بدعاء يا م.(س) الله يهدينا ويهديك. (لا أشك لحظة أنه دعا للرجل من أعماق قلبه سائلاً الله الهداية لنفسه أولاً ول م.(س) ثانياً. غير محمود كأنهم يحملون شهادة الهداية والقبول من الله في جيوبهم وهم الذين عليهم تأديب العصاة وإلا الاستغناء عنهم لا يفكرون لحظة في دعاء لمن خالفهم الفكر ولا يرجون له صوابا.
نتابع حكاية محدثي ولك أن تسأل هل شكَّل محمود شريف مجلس محاسبة للمهندس؟ هل شهر به وجعله مادة تسلية في مجالسه؟ هل جعله مضرب المثل للموظف غير المرغوب فيه؟
ثم ماذا بعد دعاء محمود شريف ل م.(س) يقول محدثي كان ذلك آخر يوم يشرب فيه م.(س) خمراً وإلى يوم الناس هذا في استقامة نسأل الله لنا وله الثبات والقبول.
كم ممن يتقدمون الصفوف الآن في صدق محمود شريف وسعة أفقه وسعة صدره وحلمه وذكائه (اللهم أجرنا في مصيبتنا). ما لبعض المعجبين بالسلطة فقدوا العطف وأشهروا التسلط، ما لبعض العاضين بالنواجذ يتصرفون وكأن بأيديهم صك من الله أنهم الفئة الناجية أو هم خلفاء الله في أرضه يفصلون ويؤدبون ويجوعون من يظنون أنهم من طينة أخرى؟
في كل نفس بشرية خير وشر ولكن كيف نجعل الخير يطغى على الخير؟ هذه هي وظيفة الصادقين في دعوتهم حقاً. أما الذين يتزلفون الذين فوقهم ليحققوا مآربهم ويكنكشون هؤلاء هم من أفشلوا المشروع والتجربة وأصابوها في مقتل. وحصروها وفصلوها على أنفسهم نسوا دور الدعاة نسوا نخوة السودانيين نسوا الكثير من القيم وعبدوا الكراسي. بالله كم فقدت البلاد من أمثال محمود؟
اللهم أرحمني وأرحم محمود شريف وكل صادق أمين وتقبل توبة عبدك (م.س) وثبتنا وثبته على الحق.
محمود شريف الحمد لله أنك استشهدت قبل أن ترى هذا الذي نحن فيه.

ولاية الجزيرة أبدية الصراع

02-03-2016
قالوا في إيلا ما قالوا من نقد لأولوياته وانفراده وخزنته الموحدة وتهميش مستويات الحكم وغيرها. كنت أقول وما زلت أقول إن الجزيرة أضاع خلاف السياسيين فيها زمناً طويلاً وإن كانت لإيلا حسنة فإنه وضع حداً لصراع الشلل الجزيرية وأفرغ مدني من الفاقد السياسي، أو هكذا خُيل لنا وذلك لبُعدنا عن المسرح.
موضوع اليوم هو قرار من وزيرة التربية والتعليم بالجزيرة في ديسمبر الماضي يلغي وظيفة مدير الشؤون التعليمية في كل المحليات. تقول إنها استندت فيه إلى المادة 52/أ من دستور ولاية الجزيرة.
وتطالعنا الصحف اليوم أول مارس ونسمع من المهتمين بالأمر أن مجلس الولاية التشريعي أبطل قرار الوزير مستنداً إلى أن قانون الحكم المحلي لسنة 2006 الذي ينص على إنشاء إدارات تعليمية بالمحليات.
البعيد عن هذا المحيط يصعب عليه الإدلاء برأي قبل أن يسأل من يعرف من أضلاع الصراع واتصلت على ثلاثة مؤيد ومعارض ومحايد. ووصلت إلى أنه لا يمكن أن تلغي وظيفة مدير الشؤون التعليمية بهذه البساطة وبحجة أن في الوزارة إدارات شبيهة يمكن أن يتعامل معها رؤساء الإدارات بالمحليات مباشرة. ومن يقول بهذا القول هم مؤيدو قرار الوزيرة وإنهم يخلطون بين تبعية الشؤون التعليمية الإدارية والفنية. فنياً الشؤون التعليمية تتبع للوزارة وإداريا تتبع للمحلية وتحت إمرة المعتمد.
معارضو القرار يقرون أن الشؤون التعليمية بالمحلية تتبع لها 13 إدارة (تعليم الثانوي، والأساس، وقبل المدرسة، والنشاط الطلابي، المدارس القرآنية، الجودة التربوية، التعليم الخاص،.......) هل يمكن أن يتعامل المعتمد مع كل هؤلاء الثلاثة عشر واحداً واحداً أم عبر إدارة موحدة تقوم بدور الإشراف على هذه الإدارات والتنسيق بينها وبين المعتمد.
السؤال هل أنصاعت وزيرة التربية والتعليم بولاية الجزيرة لقرار المجلس التشريعي؟ (وهي المتخصصة في الإنتاج الزراعي لا أدري الحيواني أم النباتي)، (أنا كنت بسمع وضع الرجل المناسب في المكان المناسب لكني لم اسمع المرأة المناسبة في المكان المناسب).
وسؤال إلى مجلس تشريعي الولاية هل تابعت ردود أفعال الوزارة بعد الاعتراض على قرار الوزيرة. طبعاً ليس بالضرورة أن تنتقم الوزيرة لنفسها مباشرة ولكن ما خرج من المطبخ الآتي: تم نقل د. الطيب المأمون مدير الشؤون التعليمية بمحلية الحصاحيصا إلى رئاسة الوزارة بمدني (لم يذكر اللقب العلمي في الخطاب) ومدير مدني إلى أم القرى ومدير جنوب الجزيرة إلى القرشي. وكل ذلك، كما ذكر القرار في إطار التوزيع العادل للمعلمين. (نحن لا نعلم هل هو في إطار التوزيع العادل أم إطار الكيد. ولكن الله يعلم وسيسأل مدير الأساس بالوزارة يوم القيامة ولن يكون معه وزير ولا والٍ ولا محامٍ ولا مناديل فاين).
آه آه ثم آه متى تخرج ولاية الجزيرة من هذه الصراعات التي أقعدتها زمناً طويلاً متى يكون النقاش حول جودة المخرجات كل الذي على السطح لا يخدم مخرجات التعليم المرجوة التي ننتظرها.
تصارعوا في تسريع ما يخدم التعليم من تدريب معلمين وإصلاح بنيات تحتية ومناهج (بالله هل يعلم المتصارعون أن الدستور يبيح لهم وضع مناهج خاصة بولايتهم؟).
اللهم اهدنا واهدهم.

وانسل نصر سلمان هادئاً

01-03-2016
من الناس من يخاف الأضواء ومنهم من لا يعيش إلا في الأضواء بحق أو باطل. الحديث اليوم عن عالِم تربية دخل الحياة هادئاً وودعها بنفس الهدوء، فلنترك د. عبد الله أحمد سعيد ينعى لنا أستاذه وأستاذ الكثيرين بروفسير نصر سلمان نصر رحمه الله.
(ألا رحم الله ذلك الممشوق القد، وئيد الخطى، هادئ العبارة، رصين القول. عاش ليعلم الناس ويهديهم السبيل المستقيم، خاض غمار المدارس الوسطى فبرز فابتعث إلى بيروت حيث الجامعة الأمريكية. وعاد إلى شيخ معاهد التعليم بخت الرضا، فاحتوته شعبة علم النفس التربوي. وهناك عام 1962م التقيته ضمن فرقة العشرين بكلية معلمي المرحلة المتوسطة (I.T.T.C). فنهلت من فيضه وأحببت علمه والذي ظل دافعي للمعرفة إلى هذا اليوم. ودار الزمان واختير ضمن الصفوة للمركز الإسلامي الأفريقي القادمة من وزارة المعارف.
وظل به يرتقي وينثر علمه حتى غدا بجامعة أفريقيا العالمية. وتلقى العلم والمعرفة الأصيلة على يديه الكثيرون من الطلاب من أنحاء المعمورة الواسعة.
وله يرجع الفضل بعد الله في غرس حب التعلم والتعليم والإفاضة بتجاربه على الأبناء وخاصة المدرسين الذين يربون الأجيال. وأحمد الله أن ظللت تلميذاً بين يديه فقد التقيته وأحببت علمه حتى درجة الدكتوراه. وكثيرون نحوا نفس المنهج. وأذكر له إحدى مآثره حيث عرضت عليه أن يتبنى رعاية طلاب خريجي كلية المعلمين الوسطى الذين أكملوا بنجاح عامين فيها. وجاءوا زمرة فاضلة من المجلس الأفريقي للتعليم الخاص، ودفع بطلبهم والمدعم بالأفكار لمجلس الجامعة العلمي فوافق بالتنفيذ كلية التربية بالجامعة والتي عهدت به إليه واتخذني بمساعدته مسجلاً للمهمة. ونال طلاب الدفعة الأولى أعلى المراتب التي ينالها بكالريوس التربية، آنذاك وبأسف كانت الأخيرة. ولكن الحمد لله الذي جعلها الأولى للتعليم عند مدرسي المرحلة في السودان. وهو نجاح عم الكثيرين. وانتقل الأستاذ الكبير من جامعة أفريقيا العالمية إلى معهد الخرطوم الدولي للغة العربية في مجال تأهيل المعلمين فتخرجت علي يديه أجيال.
ثم انتقل الممشوق القد، الهادئ الطباع إلى بارئه الدكتور نصر سلمان نصر فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم . فاللهم اجعل الفردوس الأعلى مقامه يا أرحم الراحمين، وإني أنعاه إلى تلاميذه في أنحاء المعمورة وزملائه في وزارة التعليم العالي والتربية والتعليم وجامعة أفريقيا العالمية ومعهد الخرطوم الدولي. كما ينعاه اتحاد معلمي السودان وأرباب المعاشات. ولا نملك له سوى الدعاء بالجنة.
وأني إذ أنعاه إلى القلب الكبير العامر بحب المعلمين السيد رئيس الجمهورية آمل أن يتعطف على أستاذي نصر سلمان نصر بوسام العلم الذي يستحقه. ورجائي للأخوة مديري المؤسسات التي عمل فيها إطلاق اسمه على كبريات قاعاتها. وحتى ننقل الدعوات للعملاق التربوي الكبير والذي بفقده فقد السودان عالماً جليلاً له الرحمة والغفران).