الأربعاء، 30 مارس 2016

رد من باحث

 12-03-2016
في لقاء الصحفي ضياء الدين بلال مع د. منصور خالد، قال د. منصور من ضمن إجابة على أحد الأسئلة :
"اتفق معه جداً، القانونيون ينظرون إلى القضايا نظرة شكلانيّة ويستخدمون نفس المنطق لشرح بعض الظواهر، مثال على ذلك عندما قرّر البرلمان عدم قبول ما تعهّد بقبوله قبل موافقتهم على إقرار إعلان الاستقلال، وهو منح الجنوبيين حكماً فدراليّاً. أكبر قانونيين عندنا محمد أحمد المحجوب ومبارك زروق، جاءوا بوجهة نظر غريبة إذ قالوا لم نتعهد بمنح الجنوب هذه المستحقات وإنما وعدنا بالنظر بعين الاعتبار، هذا كلام يُقال في محكمة تركات لكن لا يمكن أن يقال في إطار حل مشكلة وجودية وهذه واحدة من الأخطاء التي يقع فيها القانونيون."
أما مقولة د. منصور إن البرلمان ـ يقصد الجمعية التأسيسية 1958 ـ رفض منح الجنوبيين حكماً فدرالياً فهذا خطأ كبير لأن الجمعية لم يكن معروضاً عليها الموافقة أو الرفض على فدرالية الجنوب، وإنما كان المقترح إحالة مسودة الدستور إلى لجنة جديدة من أربعين عضواً فيهم ممثلين لحزب الأحرار الجنوبي لتخضع للمشاورة والبحث .
وحتى تكتمل الصورة لفهم ما حدث بالضبط ألخص وقائع جلساتها الثلاث:
الأولى عُقِدت في يوم 22 مايو 1958م للنظر في مقترح السيد المحجوب والقاضي بدعوة الجمعية للنظر في مسودة الدستور المعد سلفاً بواسطة اللجنة القديمة. ثنّى مبارك زروق زعيم المعارضة اقتراح زعيم الأغلبية. لكن الكتلة البرلمانية لحزب الأحرار الجنوبي أصرّت على أن تقرّر الجمعية وليس اللجنة نوع الحكم في البلاد. من ضمن ردود السيد محمد أحمد محجوب عليهم: "حقيقة أن البرلمان الماضي اتخذ قراراً بأن تنظر الجمعية التأسيسية في الفدريشن بعين الاعتبار، وهذه المسودة لم تضعها الجمعية وإنما وضعتها لجنة، ومن حق أي عضو أن يتقدم لنا بدستور فدرالي فننظر فيه، هذا زيادة على أن الوعد بالنظر في الفدريشن لا يعني اعترافاً به" وعندما قُفل باب النقاش انسحبت كتلة حزب الأحرار الجنوبي .
الثانية عُقِدت في يوم 12 يونيو 1958م بعد أن تم الاتفاق مع الجنوبيين على حل وسط وهو أن تنظر اللجنة في المسودة على ضوء قرار البرلمان السابق وفحواه إعطاء مطلب الأعضاء الجنوبيين الخاص بحكومة فدرالية كل اعتبار. المفاجأة كانت هي طلب أحد الأعضاء الجنوبيين تأجيل المداولة. واتضح أنّ بعض الجنوبيين رأى أن تقدّم المسودة على أساس فدرالي تمرّره الجمعية للجنة بدلاً عن الاقتراح الأصلي.
الثالثة والأخيرة عُقِدت في يوم 19 يونيو 1958م بعد اتفاق الجميع على إجازة الاقتراح الذي ينص على أن تنظر لجنة الدستور الأربعينيّة في مطلب الجنوبيين للفدريشن على ضوء قرار البرلمان في سنة 55. ثنّى الاقتراح الأب ساترنينو وأجيز الاقتراح بالإجماع.
أما مقولة د. منصور إنّ البرلمان تعهّد بمنح الجنوبيين حكماً فدراليّاً فهذا خطأ آخر لأنّ تعهد البرلمان كان مطابقاً لرأي السيد بنجامين لوكي في اجتماع الأحزاب في 13/12/1955 والذي يقول: "إنه لا يقصد فكرة الاتحاد الفدرالي بالمعنى المتبادر، ولكنه يقترح تكوين لجنة من الشماليين والجنوبيين لتدرس موضوع تنسيق العلاقات بين الشمال والجنوب ".
إسماعيل حامد إسماعيل الريح

ليست هناك تعليقات: