03-03-2016
|
ما ذُكر اسم محمود شريف إلا وذكرت بعده حكمة أو درس ومآثر الرجل وصدقه وقبل كل ذلك عقله المتقد وتواضعه الجم. محمود شريف المهندس الجاد الذي يؤدي دوره بإخلاص منقطع النظير ولقد رآه الشعب السوداني سابحاً في بحيرة الخزان ليخرج الحطب الذي اعترض التوربينات لتصل الكهرباء، أي تفانٍ هذا. يحفظ له معارضوه أنه رفض تنفيذ الأوامر الحزبية الضيقة التي طلبت منه وهو مدير للهيئة القومية للكهرباء أن يفصل المهندسين غير الموالين للإنقاذ. ورفض أن يكون التوجه الحزبي هو المقياس، وأصرَّ على أن تكون الوظيفة حق لكل سوداني مؤهل. حدثني من أثق فيه جداً مهندس كهرباء قديم من الذين عملوا في الكهرباء طويلاً ومر عليه عدد من المديرين ولكن الرجل رغم خلافه الأيدولوجي مع م. محمود شريف إلا أنه شهد له عدة شهادات. وروى هذه الواقعة التي أنا بصددها اليوم. دخل الشهيد م. محمود شريف على مكتب م. (س) لأمر بخصوص العمل. دخل محمود مكتب م.(س) ورائحة العرقي تشق الرأس فلقد كان م.(س) من الذين يحضرون العرقي إلى مكاتبهم ويضع الزجاجة تحت أقدامه (ويكرع) بين حين وآخر. أتم محمود شريف مهمته التي أتى من أجلها وودع م.(س) بدعاء يا م.(س) الله يهدينا ويهديك. (لا أشك لحظة أنه دعا للرجل من أعماق قلبه سائلاً الله الهداية لنفسه أولاً ول م.(س) ثانياً. غير محمود كأنهم يحملون شهادة الهداية والقبول من الله في جيوبهم وهم الذين عليهم تأديب العصاة وإلا الاستغناء عنهم لا يفكرون لحظة في دعاء لمن خالفهم الفكر ولا يرجون له صوابا. نتابع حكاية محدثي ولك أن تسأل هل شكَّل محمود شريف مجلس محاسبة للمهندس؟ هل شهر به وجعله مادة تسلية في مجالسه؟ هل جعله مضرب المثل للموظف غير المرغوب فيه؟ ثم ماذا بعد دعاء محمود شريف ل م.(س) يقول محدثي كان ذلك آخر يوم يشرب فيه م.(س) خمراً وإلى يوم الناس هذا في استقامة نسأل الله لنا وله الثبات والقبول. كم ممن يتقدمون الصفوف الآن في صدق محمود شريف وسعة أفقه وسعة صدره وحلمه وذكائه (اللهم أجرنا في مصيبتنا). ما لبعض المعجبين بالسلطة فقدوا العطف وأشهروا التسلط، ما لبعض العاضين بالنواجذ يتصرفون وكأن بأيديهم صك من الله أنهم الفئة الناجية أو هم خلفاء الله في أرضه يفصلون ويؤدبون ويجوعون من يظنون أنهم من طينة أخرى؟ في كل نفس بشرية خير وشر ولكن كيف نجعل الخير يطغى على الخير؟ هذه هي وظيفة الصادقين في دعوتهم حقاً. أما الذين يتزلفون الذين فوقهم ليحققوا مآربهم ويكنكشون هؤلاء هم من أفشلوا المشروع والتجربة وأصابوها في مقتل. وحصروها وفصلوها على أنفسهم نسوا دور الدعاة نسوا نخوة السودانيين نسوا الكثير من القيم وعبدوا الكراسي. بالله كم فقدت البلاد من أمثال محمود؟ اللهم أرحمني وأرحم محمود شريف وكل صادق أمين وتقبل توبة عبدك (م.س) وثبتنا وثبته على الحق. محمود شريف الحمد لله أنك استشهدت قبل أن ترى هذا الذي نحن فيه. |
الأربعاء، 30 مارس 2016
محمود المثال المفقود
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق