السبت، 25 يوليو 2009

منبر الزعيم الأزهري

وجدت دعوةً في مقر الصحيفة تدعوني لحضور أول منتدى بمنبر الزعيم الأزهري . وبما للأزهري من مكانة خاصة في نفوسنا وأكبر منها في نفوس آبائنا، قررت أن ألبي الدعوة رغم بعد المسافة وليل رمضان القصير. قبل ذلك مازحت الدكتور عبد الله حمدنا الله قائلاً هل علم المنظمون للمنتدى بحب أبي للأزهري، ومن ذلك أنني يوم نقلت له زواج محمد الأزهري سألني هذا أول زواج له؟ قلت نعم قال:( كيف نصلو ونؤدي الواجب؟).ومما لا أنساه، كان يطالبني ونحن شباب طويلو الشعر( يا ولدي ما تحلق شعرك دا ذي أزهر) .
في الأزهري وجدوا ضالتهم فهم ليسوا أنصاراً ولا ختمية، ويحبون التعليم والمتعلمين . وهتفنا معهم ( حررت الناس يا اسماعين الكانو عبيد) وجاء الخميس وشددت الرحال لبيت الأزهري ذلك البيت الذي كنا نضبط عليه أجهزة المايكرسكوب travelling microscope) ) من أعلى مباني قسم الفيزياء في كلية التربية، إذ كان أعلى المباني في ذلك الزمان ويرى من جميع الجهات فها أنا اليوم بداخله يا سبحان الله!!.
جئت قبل الندوة التي بدأت في التاسعة، عدد الحضور طيب وأكثر ما يلفت النظر وجود عدد لا بأس به من الشباب إذ أن عنوان الندوة ( الصحافة في الديمقراطية الأولى) وهي عندي من الذي لا يوليه الشباب كثير اهتمام لا الصحافة ولا الديمقراطية.
جلس (الشباب) على المنصة بروفسور على شمو مدير الندوة، الأستاذ محجوب محمد صالح ود.عبد الله حمدنا الله ولن أنسى مهندس الصوت لأن لي معه وقفة. كنا ونحن شباب ندرس الرياضيات في الثانوية، ننظر للتاريخ ومدرسيه وطلابه بأنهم أٌقل درجة من مدرسي الرياضيات والفيزياء والكيمياء وأن طلابه أقل ذكاء. ( اليوم لا أقول انعكس هذا الزعم ولكن!) إذا ما قُدم التاريخ بطريقة الأستاذ محجوب لكان كل الطلاب من دارسي التاريخ .
قدم بروف شمو للندوة بصوته الجهور وعربيته الفصيحة ونحن من جيل سمع شمو وابو عاقلة يوسف من الراديو، ورأى شمو يحاور أم كلثوم في التلفزيون B/W (ابيض وأسود) قدم شمو الأستاذ محجوب محمد صالح بما يستحق علمه، ريادته و معاصرته .
وانبرى محجوب- بصوت طروب وذاكرة مرتبة أدامها الله عليه - يسرد سيرة الصحافة السودانية بعد الحرب العالمية الثانية و قبل الاستقلال، وركز على مطلع الخمسينات وخص فترة قبل الاستقلال ودور الصحافة فيها، كيف شكلت الرأي العام وتحدث عن صحافة الأحزاب لا أريد أن أعيد ما قيل وكل ذلك تم توثيقه بالفيديو الذي كان يحمل كاميرته شاب بيد، وبيده الأخرى موبايل يحدث به مكانا آخر، أي أنه كان يؤدي واجب التسجيل ولا يشارك بالسماع في الذي أمامه، وبنفس القدر، كان مهندس الصوت كل همه كيف يمسك المتحدث بالمايك ولكن ماذا يقول به، هذا ما لم ألحظ عليه كثير اهتمام به.
عقب بعد ذلك الشيخ عبد الله حمدنا الله، وبذاكرة - ما شاء الله - وسيل من الأسماء والتواريخ كان خير معقب لخير محاضرة، واخطر ما قال إن بعض الصحف كانت نواة لتفتت السودان وأخرى كانت خادمة لأجندة خارجية.شارك د.مرتضى الغالي وألخص قوله في أثنين أولاً إن صناع القرار في السابق كانوا يهتمون بما يكتب، أما في زماننا هذا فإنهم لا يقرأون ما يكتب وما يكتب لا يغير شيئاً، ولعمري هذه مغالطة تحتاج إثباتا ونفيها أسهل ما يكون، كل يوم نسمع بأن كاتباً استدعى وكاتباً أوقف ألا يكفي هذا دليلاً على القراءة ؟ والثانية قال فيها إن الأستاذ محجوب ومعه اثنان من الصحفيين هم أول صحفيين يزورون الجنوب ويجلسون مع الجنوبيين من تلقاء أنفسهم ،وليس كصحافيي اليوم يذهبون مع السياسيين . وهذا ما فنده الأستاذ محجوب حين عقب عليه فقد كانت الزيارة بطائرة حكومية وبرفقة سياسي هو محمد صالح الشنقيطي وبتكليف من السكرتير العام ( ما اشجعك يا محجوب وما أكثر أدبك لو كان غيرك لاكتفى بكلمة واحدة يقابلها في العربية لم تصدق يا غالي) .الأستاذ نور الدين مدني قال فيما قال إن من صحف اليوم ما يدعو لتفتيت السودان ولم يسم وقطعاً استخدم كلمة الشمولية.
وعن هيافة الصحف الحزبية تحدث أستاذ آخر ورد عليه د.عبد الله إن هيافة الصحف الحزبية من هيافة أحزابها أو هكذا فهمت أنا .
روعة المداخلات كانت من شاب يدرس في جامعة السودان ليس مهماً ما قاله- رغم جودته- ولكن وجود هذا الشاب في منبر كهذا لهو طفرة ومما يثلج الصدر بان هذا الجيل فيه مثل هذا الشاب يحضر هذه الندوة ويشارك في هذا المنبر في هذا الوقت، بعيداً عن الانترنت وأخواتها.
ملاحظات -:
كانت الكراسي مستأجرة و هذا ما لا نقبله في بيت الزعيم الأزهري.
لم اسمع من ترحم على الزعيم طوال الندوة .
اللهم ارحم الأزهري واغفر له وأجزى الإنقاذ خيراً بأن خلدت اسمه بجامعة هي مفخرة بين الجامعات. وأدام الله هذا المنبر وشكري الجزيل للجنة المنتدى التي لا تعرفني ولا أعرفها.
8/11/2004م

ليست هناك تعليقات: