جيلي يطرب لأغاني الستينات وبتعبير آخر يطرب لكل ما يطرب له صديقنا حسين خوجلي والأستاذ عمر الجزلي، ويموت عشقا لأغاني إف ام 100 التي تسميها أغنيات من ذهب،والذين قبلنا طربوا لأغاني الحقيبة وينتظرون (جلسن شوف يا حلاتن) كل جمعة بشوق عظيم هذا إن بقي منهم أحد غير الأستاذ مصعب الصاوي والأستاذ عوض بابكر، رحم الله إبراهيم عبد الكريم.
هذه العقليات سيطرت على التلفزيون والإذاعة زمناً طويلاً في إقصاء تام بل في كتم لكل الأجيال اللاحقة وكادوا يقولون لكل من جاء بعدهم ما هذا الانهيار في كل شيء؟ أين أنتم من أغنية الستينات وذاك العقد الفريد كابلي،وردي،عثمان حسين ، محمد الأمين، إبراهيم عوض، الجابري.وكل من وضع مايكا على صدره أو أمامه حاول حصر نفسه ومشاهديه في تلك الحقبة وكأن حواء لم تلد بعدهم.
قبل عدة أسابيع نقلت للأخ طارق شريف إعجابي ببرنامج تلفزيوني جديد اسمه (كل الجمال) وكيف أدهشني البرنامج من تقديم رائع ومتحرك وليس محنط وإخراج مدهش ومريح وجاذب. وفي تلك الحلقة أول مرة أشهاد فيديو كلب شعري وكان الشاعر الكبير صديق مدثر والقصيدة (يا ضنين الوعد) وكان إخراجا رائعاً ( ألا ترون أنني عدت إلى جيلي مرة أخرى؟). وشاهدت البرنامج مرتين أخريتين وفي كل مرة أجد نفسي أمام ثورة تلفزيونية حقيقية حطمت كل الأصنام القديمة وتمردت على كل قديم وانتصرت لهذه الأجيال التي جاءت بعدنا والتي حرمت حقها في التلفزيون بفعل فاعل بل بفعل فاعلين حسبوا أن حواء لم تلد بعدهم ولم يفسحوا المجال لغيرهم إلى أن نفر شبابنا من تلفزيوننا وهربوا لقنوات الآخرين.
وكان فريق كل الجمال أكرم من الذين كتموهم بأن أفردوا فقرة للذين سبقوهم في أريحيه واعتراف بمن سبقهم. مقدم البرنامج وليد زاكي الدين اثبت براعة في التقديم وكأن له في التلفزيون عشرات السنين حركة وحضور ووضوح رؤية ونقاء صوت (ما شاء الله عيني باردة).صراحة هذه من المرات القلائل التي شاركني فيها أولادي مشاهدة تلفزيون السودان.
في رائي أن الذي حدث في برنامج كل الجمال يجب أن يكون مقدمة لعدة ثورات وخصوصا في السياسة والطب والخدمة العامة وكل جوانب الحياة ويجب على الجيل الذي سبقنا ومازال يسيطر على الحياة السياسية أن يتنحى طائعا مختاراً قبل أن تثور عليه الأجيال المكتومة. بالمناسبة سن المعاش التي طالت العلماء لماذا لم تطل السياسيين؟
من كل قلبي أتمنى لبرنامج (كل الجمال) الاستمرار وأن يكون مقدمة ثورة تطيح بكل قديم ليجد هذا الجيل نصيبه في الاقتسام بلا سلاح.
بقي أن احدد جيلي ليعرف القارئ من أعني بمن سبقونا أنا من مواليد الخمسينات.
اكتوبر 2006 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق