السبت، 25 يوليو 2009

كيف تنمو بلاد هذه رسومها؟

سمعت في ورشة اقتصادية بقاعة الصداقة قبل عدة سنوات من الاقتصادي الكبير والأشهر الأستاذ عبد الرحيم حمدي - رغم اختلاف الناس عليه - وهل يختلف الناس في غير القمم؟ متى اختلف الناس في نكرة؟ سمعت منه أنه في انجلترا لا تُسأل عن أي إجراء إذا أقدمت على استثمار صغيراً كان أو كبيراً، لا يسألك أحد قبل مرور سنة. وقتها بعد سنة تحسب أرباحك وتحسب ضريبتك وتدفع، هذا بعض ما فهمته مما قال ليس في أمر الضريبة هناك تقدير أو مزاج موظف، إن استلطفك قدر قليلاً. وإلا فالويل لك مما يكتبه قلمه واستئناف ما يكتبه عسير ويحتاج صبرا. ( غير أن مواطنهم مؤدب ولا يكذب. والتهرب من الضريبة عيب ينشر في الصحف).
تعالوا نقارن ما قاله الأستاذ حمدي بواقع حالنا. قبل أن تبدأ عليك أن تدفع لعشرات النوافذ وبأسماء متعددة. وقد يفنى رأسمالك في شبابيك الحكومة قبل أن تبدأ مشروعك. ولكي لا يكون الحديث بلا أدلة، إليكم ما يدفعه المواطن لوزارة التخطيط العمراني بولاية الجزيرة تحت مسمى:-
أونيك بيع أراضٍ استثمارية.

مقدم مدفوع =700 دينار للمتر.
قيمة مضافة = 10 %.
رسوم دلالة = 5 %.
رسوم دعم أراضٍ = 3 %.
رسوم دعم محلية = 2 %.
رسوم جريح =1 %.
حكر سنوي = 1 دينار للمتر.
دعم مالية = 1 دينار للمتر.
حكم إقليمي = 1 دينار للمتر.
خدمات أراضٍ = 50 ديناراً للقطعة.
رسوم إدارية = 100 دينار للقطعة.
رسوم تخطيط = 2 %.
عزيزي القارئ انزل يديك من رأسك.
هذه الرسوم سيعقبها تصديق مبدئي وتصديق نهائي ورخصة تجارية وضرائب وعوائد وربما دعومات أخرى، ثم هذه القائمة الطويلة على ماذا تدل؟ أول ما يتبادر إلى الذهن إما وزارة المالية قابضة ولا تؤمن على مال الوحدات. أو أن هذه الوحدات تريد أن (تبرطع) في ما يليها خارج إمرة وزارة المالية ؟ اختاروا أو احتاروا !!!
والقائمة مفتوحة. وكلما انعقد اجتماع وطلب حاضروه دعماً أو حوافز، أجيبوا برسم وضعوه على المواطن. والسؤال مازال مشروعاً، هل الحكومة خادمة للشعب أم الشعب خادم للحكومة؟
ثم سؤال لهذه الوزارة التي من واجباتها سقاية المواطن وتمهيد طريقه وبناء مدارسه ومستشفياته، ماذا قدمت من كل هذا؟
كم بئر حفرت؟ وما نسبة ذلك من برنامجها؟ (بافتراض أن لها خطة طويلة وخطة قصيرة الأمد كم طريقاً نفذت وكم طولها وكم كيلومتراً تحتاج ومتى ستنجز هذه الخطة؟ ( بافتراض إن هناك خطة).

3 - كم من القنابل المؤقتة ينتظر هذه الوزارة وما سلاحها لذلك السكن الاضطراري، مثالا السيول والأمطار؟
ما هي أجهزتها في المحليات؟ وكم عدد المهندسين وكم من الفنيين يتبعهم وما برامجهم.
الذين أجازوا هذه الرسوم هل سألوا أين صرفت؟
والسؤال إلى المجالس التشريفية عفواً التشريعية، هل مر هذا عليكم أم إن هناك ورقة فوقها قلم على طريقة زوار المعارض، كل من مرَّ عليها كتب رسماً لنفسه أو مكتبه وما فيش حد أحسن من حد؟
عموماً لو كنت موظفاً لاستحييت من أن أقدم ورقة فيها 12 رسما لمواطن.
ولو كنت كاتباً أمام جهاز كمبيوتر لما كتبت هذا العيب بيدي وليكن ما يكون بعدها.هذه البلاد بور من أولها لآخرها، حتى الذي تركه المستعمر أخضر شحب وعطش ومات، فكيف نزرع البور البلقع؟ وبعد أن كان يسقى بالري الانسيابي صار يسقى بالوابورات الجازولين.
يا موطني لك الله !!نميري في واحدة من خطبه قال: الحزانى في الشمال والعرايا في الجنوب والعطشى في الغرب والجوعى في الشرق ( بالله ماذا كنت تحكم يا جعفر؟) ولم يتصدق على الوسط بصفة، غير أن تعبير الصابرين بالوسط صار ينمو وللصبر حدود.
يا ثورة الإنقاذ.. يا حكومة الإنقاذ.. راجعي جباياتك، فهي واحدة من عيوبك المعدودة. وكفى بالمرء مدحاً أن تعد معايبه.
2004/10/7

ليست هناك تعليقات: