السبت، 25 يوليو 2009

إلى كمال عبد اللطيف

هذه رسالة موجهة لرجل عرف بحبه للتقانة ويعمل بلغة اليوم التي هي لغة الحواسيب. وقد وضع على شارع النيل لوحة كبيرة كتب عليها (المركز القومي للمعلومات). ويخيل لمن يقرأ هذه اللوحة ان بداخل هذا المبنى عددا من الحواسيب وخادم ضخم في جوفه معلومات سودانية لا ينقصها الا من يستغلها لما ينفع الناس وبأسرع ما يمكن، في زمن صار الوقت فيه مدخلا اقتصاديا لا يقل عن النفط.
رب سائل ما سبب هذه المقدمة الطويلة؟ ماذا تريد من الرجل؟
اقول للوزير كمال عبد اللطيف ان اردت تقانة يحسها الناس في معاشهم ويشعر بها كل موظف، فعندي لك مشكلة لا تحتاج منك الا التنفيذ الفوري ان اردت احقاق الحق وهي:
مرتبات العاملين بالدولة عبر (bay sheet) وهي ورقة لم تجد حظها من التعريب منذ ان غادر المستعمر ويحفظها كل من يتقاضى مرتباً من هذه الدولة وينطقها (بي شيت) بهذا اللفظ وكأنه عربي. وكانت لهذه الورقة قدسية ما بعدها. ومن يوقع عليها يوقع على ما استلمه بالفعل. ولكنها اليوم ما عادت تفي بذمة. ويمكن ان يوقع عليها كل شخص عن نفسه وعن غيره. ويمكن ألا يتطابق ما يستلمه من مال على ما كتب فيها، لأن جهات كثيرة ما عادت تتورع من خصم ما يروق لها من الرواتب برضاء صاحبه او بغير رضائه لا يهم. وبين ورقة الرواتب ومنتهاها لصاحب الراتب عدة جسور تمر من تحتها. وكثيرون ما عادوا يعرفون راتبهم لدرجة صار فيها الراتب (عطية مزين) كل شهر رقم يختلف عن الآخر.
وحل هذه المشكلة في زماننا هذا أيسر ما يمكن. وهو برنامج مرتبات من الولاية وشيكات عبر الكمبيوتر. وما على وزارة مالية الولاية إلا تخزين كل العاملين بها في كمبيوتر. ويوم يحين الصرف في آخر الشهر يضغط على زر (Print) وتخرج الشيكات كلها متسلسلة ويعطي كل ذي حق شيكه يصرفه او يودعه في حسابه ( لا يقرمه) احد غصبا عنه، وبعدها يكون هو المالك الحقيقي لماله ولا وصي عليه. (بالمناسبة يقرمه دي حيرت الكمبيوتر ـ الذي اكتب به ـ حيرة، ولم يجدها في قاموسه).
وروعة الفكرة سيقف ضدها (مقرماتية) الرواتب وسيدبجون الحجج لهزيمتها لأنها تحرمهم التقريم. وسيقولون كيف لفرَّاشة عمرها خمسين سنة الذهاب للبنك لصرف راتب ضئيل. وسيقولون ليست لكل الناس حسابات في البنوك. وسيقولون ليس لكل الناس بطاقات او اثبات شخصية. وكل ذلك مقدور عليه إن لم يكن في كل السودان سيكون مقدورا عليه في بعض الولايات ذات الكثافة السكانية العالية التي فيها البنوك منتشرة، مثل ولاية الخرطوم وولاية الجزيرة. وستعيد هذه الفكرة الكتلة النقدية للنظام المصرفي الذي يبكي عليه صابر. وستعلم الناس الإدخار.
شخصياً صرفت بهذا النظام قبل اكثر من عشر سنوات في دولة خليجية، في وقت كانت فيه الكمبيوترات وبرامجها أقل بكثير مما هي عليه الآن، فهل نحن متخلفون بكل هذا القدر عن تلك الدولة الخليجية؟ ان كان ذلك كذلك، فبكم نحن متخلفون عن الغرب؟
أقول قولي هذا ولم اصرف من شباك رواتب في هذا السودان إلا راتبين في سنة 1977م، كان كل منهما «51» جنيهاً وستة وسبعين قرشاً ونصفاً.
30/12/2004

ليست هناك تعليقات: