كُتب في: 2007-12-09 الصحافة
كتبت في فبراير 2006م في هذا المكان بعد رحلة لبورتسودان تحت عنوان: (سنعيدها سيرتها الأولى)، مشاهدات من المدينة بعد تغيّر وجهها وصارت نظيفة وممتعة.. وها أنا أعود إليها بعد سنتين تقريباً وأجد العجب العجاب.
المدينة اليوم لا يعرفها من يعرفها. جديدة، جميلة، مضاءة إضاءةً تحسدها عليها الخرطوم، مش مدني ولا كوستي. ما من شاطئ إلا وصار منتزّهاً ومتنفّساً صراحة، أخذنا صديق بسيارته وطاف بنا ليلاً بكورنيش جديد شبهته فوراً بكورنيش رأيته في أبو ظبي قبل عدة سنوات، وقلت إن مهندس هذا الساحل لا بد إقتبس فكرة أبو ظبي (نفس الملامح والنظرة ذاتا وبسمتو).
أما عن الطرق داخل المدينة أمرها عجيب عجيب لا تذكّرك إلا بالسعودية، ما من شارع رئيس أو فرعي إلا صار مسفلتاً، كيف لا والوالي محمد طاهر إيلا وزير طرق سابق، صب كل خبراته (الطرقية) في مدنه، ولا أقول مدينته لأنني سمعت أن سواكن وجبيت نالهما نصيب دسم من سفلتة الشوارع. للمفارقة، بعض البيوت الأسفلت الذي يمر أمامها أغلى تكلفةً منها (مش في الخرطوم قالوا في واحد سفلت الطريق إلى بيته من المال العام ليقال إنه من علية القوم؟) إذا كان المقياس شارع الظلط أمام البيت فناس بورتسودان كلهم اليوم من علية القوم.
ما يقلق حكومات الخرطوم منذ الاستقلال أن طموحات شعبها أكبر منها، وهذا له معنيان إما ضعف الحكومات أو وعي المواطن العكس تماماً في حكومة بورتسودان (لن أفسّر)، ولكنها فرصة طيبة لحكومة ولاية البحر الأحمر لتمسك بالمواطن وتطوّره حضارياً رغم أنفه وتظل في هذا السباق وتنال الأجر من الله. وتحرج حكومات كثيرة لا تضع منهجاً ولا خطة وطق الحنك والنميمة وأكل لحم البشر يكبلها عن كل فعل حميد.
هذه مشاهدات من لم يبحث كثيراً في بواطن الأمور ولم يقف على اتفاقية الشرق إلا عبر وسائل الإعلام. غير أن الذي سمعته وقرأته منها يطمئن على أنها يقوم عليها عقلاء تطوير شرقهم همٌّ من همومهم (هذا الاستثناء لأنني لم أجد سياسياً ذا حياء وطالب باقتسام الثروة فقط كلهم يلحقونها باقتسام السلطة).. هذه الاتفاقية بها مشاريع تنموية محسوبة ومنصوص عليها.. عدد من المدارس والآبار والمستشفيات ومشاريع زراعية وخلافه.
أخطر ما في الأمر حكاية أن يكون الإخلاص في العمل مربوطاً بالموطن الصغير فهذا تقسيم للسودان موقوت كالقنبلة الموقوتة أي مربوط بوقت. وبذا نكون قسمنا السودان دون أن ينص على ذلك في اتفاقيات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق