كُتب في: 2007-08-31
يبدو أن التفاتةً على التعليم الفني والتقني قد حدثت (نسأل الله أن تكون خيراً من الالتفات إلى الزراعة ونفراتها متعددة الألوان، النفرة الخضراء والبيضاء والحمراء، وكلها انتهى العزاء عليها بانتهاء مراسم الدفن).
بعد أن أغرقت الجامعات السوق بخريجين ليس بينهم ومتطلبات سوق العمل أي علاقة، وبعد أن بدأت وفود العمالة الأجنبية تتدفق على البلاد في مهن متواضعة يمكن أن يملأها أي شاب نال قسطاً من التعليم أو التدريب.
ظهرت إلى العلن بعض من تجارب متمثلة في عدد من الكليات التقنية التابعة لوزارة التعليم العالي في المحيريبا وبربر ونيالا وشرق النيل، وبدأت تسير في خط واضح المعالم، وسمعت أن كلية بربر على وجه الخصوص قطعت شوطاً طويلاً وأفادت هيئة مياه الخرطوم فائدة كبيرة ووفرت لها مبالغ طائلة وذلك في إعادة تأهيل الطلمبات والموتورات (لف).
وأن التدريب المهني في الخرطوم قد ناله بعض من تأهيل المدارس ومراكز التدريب، وأن معدات ورش قد جُلبت ورأيتها بعيني هاتين، وقد كلَّف ذلك ولاية الخرطوم مليون جنيه (بلغة الأمس مليار جنيه، وعلشان ما يزعل صابر وجماعته استخدمنا الجنيه).
كل هذا طيب، ولكن ما يسمى بالدبلومات في جامعاتنا يحتاج مراجعة وجراحة عاجلة جداً، إذ أن هذا الدبلوم في كثير من جامعاتنا إن لم نقل كلها انحرف ولم يحقق أهدافه.
فمعظم هذه الجامعات تقدّم دراسة الدبلوم نظرياً في تخصصات لا ينفع معها إلا العملي، ماذا يفهم طالب دبلوم قسم كهرباء لم ير الكهرباء في قريته ولا يعرف عنها كثير شيء ولو أجلسناه ألف ساعة وهو في قاعة وليس ورشة والمحاضر يلعلع ويشخبط في الدوائر الكهربائية لمئات الطلاب لن يفهم ما يؤهله للعمل، وهذه مهمة الدبلوم الأولى سد الفجوة بين المهندس والعامل.
جامعاتنا صار الدبلوم عندها مورداً اقتصادياً ودعم موازنة، ولعمري هذا ما لا يليق بجامعة أن تحشر آلافاً من الطلاب وتقدّم لهم دراسة نظرية وتمنحهم شهادات مقابل رسوم يدفعونها ووعد بالتجسير.
ما لم يُناقش هذا الأمر بقوة ووضوح وتفطم هذه الجامعات من الدبلومات لن يجد التعليم التقني أو الفني مكاناً ولن يقدّم بلداً، وسنجد جيوشاً من العاطلين حولهم أجانب يحاصرونهم حتى في منازلهم ليصلحوا لهم لمباتهم ومواسير مائهم.
الأمر خطير وكل يوم يزداد خطورة ويحتاج وقفة من وزارة التعليم العالي، وخير لها أن تدفع الثمن نقوداً بدلاً من أن يدفعه الوطن فقدُ أجيالٍ لا هي مؤهلة ولا هي جاهلة.
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق