كُتب في: 2008-01-31 الصحافة
في يوم السبت الذي يشبه الجمعة، غير أن الامام لا يصعد المنبر، عرض علينا تلفزيون جمهورية السودان مشروع الجزيرة لمدة ثلاث ساعات، عُرض المشروع وكأنه سجادة خضراء، أو كأنه سهل من سهول كندا أو استراليا. أولاً اعترف بأني لم أشاهد كل الساعات الثلاث، حيث تخللها وقت صلاة العصر.
* هل حقاً هذا المشروع «كله» بهذه الروعة؟ وماذا لو لم يعترف الأخ رئيس مجلس الإدارة بأن كل عيوب المشروع الكبير لن تصلح في موسمين والأمر يحتاج وقتاً.
* لو انتهى اليوم المفتوح بدون هذا الاعتراف من رئيس مجلس الإدارة، لطالبنا الدولة بوقف استيراد اللبن المجفف فوراً، ووقف استيراد القمح. لا بل سنقول إن ليست في الزراعة أية مشكلة، وما على وزارة الزراعة إلا التفكير في التوثيق وليس التسويق. ولنا ان نسأل هذا العرض لمن؟!
* لو قالوا إن بقرات «أبو جن» «100 بقرة» هي مثال لسكتنا، ولكن قالوا هذا إدخال الحيوان في الدورة الزراعية.. يا للطموح..!!
* لو قيل لي لخص في جملة واحدة مشكلة مشروع الجزيرة لقلت: لا أحسب أن على سطح الأرض من يملك «20» فداناً، وهو فقير غير مزارع مشروع الجزيرة.
الحديث عن القطن لم يتطرق لأسباب نقص المساحة المزروعة من «600» ألف فدان إلى «85» ألف فدان. ولم يتطرق لأسباب عزوف المزارعين عن زراعة القطن وتحولهم إلى زراعة البطيخ. «ونفس الوجوه ونفس الكلمات وكأن شيئاً لم يكن».
* في سنة 1998م حصلنا على حسابات القطن - لمرة واحدة في العمر - خرجنا منها بأن العائد على المزارعين من القطن فقط «6%» من جملة مباعه، مع ملاحظة أني لم استخدم كلمة أرباح، وهي ليست صحيحة البتة، ولن تصبح أرباحاً إلا إذا خصمنا منها كل الجهد اليدوي والسقاية، وكثير من النفقات المالية التي ينفقها المزارع على محصول القطن. والمزارع نصيبه من القطن ليس مربوطاً بيوم ولا شهر ولا سنة. وأحيانا تضع في خانة المحصول الاستراتيجي هذه الكلمة القاهرة المُسكِتة.
* لكل ذلك يوم تحرر المزارع بفضل من الله وقانون 2005م، تحرر أول ما تحرر من زراعة القطن التي لم تطالها تقانة ولا مكننة، وهي يدوية من يومها الأول إلى أسبوعها الثاني والثلاثين، جهدٌ السؤال عن عائده معارضة إن لم يكن كفرا أو هكذا أشاعوا.
* فَرح المزارعون بزراعة القمح لسببين، الأول هو أن زراعة القمح ممكننة من زراعته إلى حصاده، وسلعة سريعة العائد له الحرية في بيعها أو تخزينها بعد دفع تكاليفها نقداً أو قمحاً، ويمكنه بيعها جملة أو مجزأة «متناسين تجربة المزارعين مع مطاحن «س» العام الماضي». بعكس القطن الذي أسلفنا وأسوأ ما فيه آلية تسويقه.
* دعونا نتحرر من هذا الماضي الأليم، ونسأل هل مشروع الجزيرة الآن كما عُرض على الشاشة؟
* هل حقق العائد المجزئ للمزارع أو الدولة؟
* لماذا تقف الدولة بعيداً من هذا المشروع وتفكر وتنشئ مشاريع لا تبلغ معشاره؟
* ما هي عقبات هذا المشروع الضخم؟
* لماذا لم يذق المزارع طعم زراعته سبعين سنة؟ والدليل هذه القرى البائسة، وهذه البطون الممتلئة كبطون الحوامل. ولولا العائد غير المباشر من الزراعة المتمثل في التعليم، لبقيت قرى مشروع الجزيرة كقرى النيل الأبيض.
* هل الدولة راضية عن عائد المليوني فدان «بلاش من 200 ألف فدان، فقيل إنها غابات تخص اتحاد المزارعين.. مبروك».
* صراحة أن هذا المشروع مكبل بذوي المصالح الخاصة الذين استغفلوا الحزب، وجثموا على صدره عشرات السنين في تكرار إذا وصف بالملل صارت له مدحا.
* مشروع بهذه المعطيات يحتاج إلى وقفة من الدولة تعيد فيها الأمور لأهلها، وتثبت لقصيري النظر أن الخير وانطلاق المشروع بطاقته القصوى، سيعود عليهم وعلى غيرهم بخير مضاعف من هذا الفتات الذي يحرسونه، اللهم إلا إذا كانت متعتهم في بؤس الآخرين، هذا إن لم نقل في ظلمهم.
* كثيرا ما سمعنا أن التفات الدولة سيكون للزراعة، وأن البترول سيوظف للزراعة.. ولعمري هذا لا يختلف فيه راشدان.. كيف تستورد دولة بهذه الخيرات وهذه الإمكانيات حليباً مجففاً؟؟؟ كيف تستورد قمحاً؟
* معكننات مشروع الجزيرة أوضح من الشمس، ولكن من يقف لها؟ إلى متى هذا المشروع لذوي المصالح الخاصة الضيقة؟
* صراحة لا أرى شيئاً يستحق الاستيراد غير الإرادة والضمير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق