السبت، 5 ديسمبر 2009

الخرطوم الابيض... وبالعكس

أخي أحمد التحية والود
الصدفة وحدها هي التي جعلت رفقتي ذلك (السِّفر) للدكتور جورج حنا (قصة الإنسان) .في تلك الرحلة.
وحين كانت سيارات المنظمات الوافدة وجراراتهم بحاوياتها الحاوية لمشتهاهم!! ومبتغاهم! تتجاوزنا منطلقة بسرعة كان للدكتور جورج حنا يخاطب عينيَّ حروفاً مكتوبة (( إن أكثر أنواع المعالجة عقما ضررا للفقر هو الإحسان فالإحسان كالمورفين في الطب يخدر ولا يشفي الإحسان يقتل النفس ويثير في المحسن إليه لواعج الألم والضعة والمسكنة إن المجتمع الذي تكثر فيه عدد جمعيات البر والإحسان هو مجتمع فقير إلى العدالة الاجتماعية)) المصدر ص 324

الأطفال ودوابهم وماشيتهم وطريق الإسفلت المكتظ والمحاط بالذين والذين!!
والمركبات الفارهة مكيفة الهواء تتقيأ فضلات ما قُدِم لراكبيها فيهجم الأطفال بحرمانهم لالتقاط الفتات وخشاش الأرض وتهجم الدواب والماشية لالتهام البلاستيك المتناثر!! وطفل بلغ به الإعياء منتهاه واكتفى بان تشير يده لفمه الجاف ناطقاً بصمته!!أن ماء!!
وتتوقف سيارة ويحدق الطفل ! عيون خضراء !!
الشيخ (المنسدح) على (هبابه) المهتري القصير متوسداً مركوبه !! أثارت السيارات المندفعة والشاحنات بلوحاتها المتباينة الأشكال والألوان وحروف اختصار أسمائها العجمية!! دهشته وفرحه أيضاً!! أخذ يحصيها عداً ثلاثة سبعة ثلاثة وعشرين!! ثم توقف قانعا بقسم غليظ قسم غليظ رافض!! يمين آوليد مابنحسبوا!

تحولت (الله كريم) تلك القرية للحظات إلى عيون جاحظة تحدق بحيرة سيارات
ال UN تزاحم سيارات المنظمات الطوعية وقوافل العودة الطوعية.العائدة بآفاتها الاجتماعية التي جاءت بها الفقر والجهل والمرض إلى حيث المجهول والمستجدي والإعانات وفاء المانحين.
((والبحث عن الحرية والحضارة والقيم في مجتمع نصفه عبد للرغيف ولمن يمسك عليه الرغيف هو من قبيل البحث عن العنقاء. الحرية لها مقومات لا يستغني عنها .
يؤمن المجتمع لكل فرد من أفراده حياة مادية عن طريق عمله بحيث لا يأتيه غذاؤه عن طريق الإحسان أو بوسيلة أخرى تحد من انطلاق قواه الإدراكية الخلاقة)) قصة الإنسان ص 323
• اعتدل الشيخ في جلسته فأوشك الهباب قصير الأرجل على الغوص داخل الرمل.الحركة النشطة واستجابة ترصدها عيون أطفال جوعى انتظارا للفضلات والشيخ يوالي صياحه آمراً لهم بالابتعاد.
• ينظر صوبنا كأنه يذكر منسياً
• طلبتو حاجة؟
• مقلوبة وكبدة.
• المقلوبة والكبدة هنا يا معلم.
• ويلتفت نحونا مبتسماً في محاولة تنم عن اعتذار ومداعبة .قائلاً
• معليش ديل بدفعو بالدولار.
• وكان أن بكينا فذاك هو ضحك الرجال.
صديق التجاني عمر
تعقيب :
عزيزي القارئ لا أريد أن افسد عليك اللوحة أعلاه وهذه ليست المرة الأولى ولا الثانية التي يتشرف بها هذا العمود بهذا القلم الصديق.ولكن الإسلام سبق عشرات الجورجات الى إعلاء قيمة العمل والشواهد كثيرة.الإسلام موجود فقط أين المسلمون.
يونيو 2007

ليست هناك تعليقات: