عزيزي عثمان ميرغني مسكون بالتطوير، كيف لا وهو مهندس كمبيوتر،هذه التقنية التي لا تعرف الاستراحة وفيها في كل لحظة جديد.عثمان الآن يدفع ثمن اقتراحاته فقد كتب كثيرا عن توقف الصحف أيام العيد يوم كان كاتباً ، اليوم عثمان على رأس صحيفة فكان عليه ان يتبع القول بالعمل وقد فعل لم تتوقف التيار يوماً.يشكر بل يشكرون هو ومن معه.
هذا ليس موضوعي معه وليس موضوعي اليوم هو أننا فقدنا عمود حديث المدينة المكتوب بعناية الموزونة كلماته بماء الذهب، وصار عمود حديث المدينة لا يحتوى على مدهش عفواً أحتوى على مدهش يوم كتب ( انتشروا في السودان يرحمكم الله).
في ذلك المقال ثمّن على حركة المواطنين في العيد خارج الخرطوم وقدر عددهم بمليونين من البشر، وتحدث عن الحراك الاقتصادي الذي أحدثوه بهذه الحركة وكيفية انعكاسه حتى على الحمّالين وطالب بتسهيل السفر الداخلي طول العام وليس أيام العيد فقط.
عزيزي عثمان – هذه ليست مجاملة محفوظة فقط بل هو عزيز عليّ بحق – السفر ليس إنتاجاً في حد ذاته والذي ينقصنا الإنتاج والتنمية. ولنسأل أنفسنا سؤالاً لماذا جاءوا للخرطوم أصلاً حتى يسافروا منها لقضاء الأعياد؟ هذا هو السؤال الذي يبحث عن إجابة.إذا صح الرقم الذي قدرته بمليونين أكثر من نصف هؤلاء جاءوا من الأقاليم ليتبادلوا الخدمات في الخرطوم،الطالب والأستاذ جاءوا من الأقاليم ليقدموا الخدمة لبعضهم لتدني البنية التحتية في الريف،الطبيب والمريض جاءوا ليتبادلوا الخدمة في الخرطوم لنفس السبب وبعد ذلك عدد لا يستهان به هرب من الريف لأنه لم يجد ما يقنعه بالبقاء في الريف وتركه وحام في شوارع العاصمة يمني النفس بعمارة كالعمارة المسماة ( آخر فنيلة) ولن يفلحوا لتغير الزمن وما علموا وسيصنفون في قائمة الهامشيين.
سؤال لا يغيب على عاقل لماذا لا ننهض بالريف؟
اكرر مقولة ذكرتها كثيرا ، عند تبديل العملة مطلع التسعينات وجُد أن 70 % من الكتلة النقدية كانت بالخرطوم.غير أن صابر لم يقل لنا كم نسبتها في التبديل الأخير أقدر أنهم وجدوا أن الرقم مخجل – كرقم الفقر – قد وصل 90 % ولم يصرحوا به.وكل هؤلاء جاءوا ليجدوا نصيبهم في هذه (الكرضمة) ما أجمل قول شاعرنا الكبير محمد المكي ابراهيم:
ما أتعسها هذى الأرياف
ما أتعس رأسا مشلول الأقدام
ما أتعس راسا لا تعنيه تباريح الأقدام)
أخي المنطق الاقتصادي يقول حركة البضائع والمنتجات هي المطلوبة وليس حركة البشر إذ هي مؤشر على خلل إن لم تكن هي الخلل.
ما أجمل الاختلاف مع العقلاء!
ديسمبر 2009 م
صحيفة الحرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق