ولاية الجزيرة بل مشروع الجزيرة من أكثر مناطق السودان ابتلاءً بمرض البلهارسيا وأهل شمال الجزيرة ظنوا أن هذا المرض قد تمت محاصرته بالقضاء على أسبابه ومن أشهر مسبباتها مياه الترع شرباً واستحماماً. وقد تمت محاصرته بفضل من الله و(بعض من وعي) ومعينات المياه الصحية.
ولكن تأتي الأخبار تباعا أن الحال في جنوب الجزيرة ليست بخير وخصوصا المناقل. عندما أخبرتني طالبة من كلية طب جامعة الزعيم الأزهري أنهم قاموا برحلة علمية لجنوب الجزيرة وفي قرية واحدة وجدوا أن 90 % من سكان القرية مصابون بالبلهارسيا،وضعت يديّ على راسي من هول ما سمعت وأنا الذي عايش مصابوا البلهارسيا ويعرف ما تفعله بالجسم وخصوصاً في مراحلها المتأخرة عندما يبدو المريض كقربة ماء محمولة على عودين( القربة بطنه والعودين ساقاه) هذا إن لم يبدأ النزف المعوي جراء دوالي المري.
ويأتي الأخ بله علي عمر موثقاً بالأرقام والنسب المئوية ما يجري من بلهارسيا في محلية المناقل ويعطينا نسباً تصل إلى 22% من تليف الكبد وهذا التليف يعني آخر مراحل البلهارسيا ولا تتناقض هذه النسبة مع النسبة أعلاه فالمصابون بنسبة 90% في القرية تلك – إن عاشوا – ستتليف أكبادهم ويرحلون عن الدنيا لأنهم لم يجدوا راعياً يسقيهم ماء نظيفاً وينشر فيهم بعضاً من وعي.
بدءً نحن بحاجة للشعور بالمشكلة وان تصبح هماً عاماً وخاصاً وان يجلس لها خبراء ومتخصصون من كل التخصصات العلمية ويأتوا بحل قريب وحل طويل الأجل ولو استدعى الأمر إرسال ماءً نظيفاً لقرى المناقل بخزانات ماء متحركة وهذا ما يفعله الرعاة للإبل والماشية. هل إنسان المناقل ارخص من الإبل والماشية؟
يوم كتبت في هذا العمود عن مركز محمد صالح إدريس للنزف المعوي قلت فيما قلت لماذا هذا المركز في الخرطوم رغم أن 99 % من مرتاديه من الجزيرة.والآن نرفع صوتنا عاليا إلى وزارة الصحة الاتحادية وإلى حكومة ولاية الجزيرة والى الجهات التي تريد أن تقوم بعمل إنساني، أن تقوم بدور الطب الوقائي أولاً حفاظاً على الأجيال القادمة بسقاية هؤلاء ماء صحياً نظيفاً وأن تقدم طباً علاجيا بإنشاء مركز مثيل لمركز محمد صالح إدريس للنزف المعوي بالمناقل أو بود مدني.
بالمناسبة تكلفة مركز النزف المعوي 3 مليارات تساوي تماما صفقة اللاندكروزرات التي اشترتها ولاية الجزيرة مطلع هذه السنة للوزراء والمعتمدين حتى يركبوا سيارات نظيفة.
اكتوبر 2007 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق