السبت، 30 مايو 2020

وانكشف الامتحان


وانكشف الامتحان

 

عبارة وانكشف الامتحان خبر كالصاعقة يصيب التلاميذ واسرهم بالإحباط ويحرك كل الأجهزة الحكومية المالية تتحسس جيبها وتحسب الخسارة، الشرطة تعيد جدولة افرادها، الأمن يبحث عن الجاني أما المعلمون قد يصابوا بالدوار.

الامتحانات بأنواعها من وسائل التقويم ذات العيوب الكثيرة ورغم عيبوها هي الوسيلة التي لم يجد التربويون أفضل منها، إذا ما أُتبعت قواعدها وأخذت بحقها ومن ذلك شمولها لكل المقرر، والعدالة في توزيع درجاتها، والتنوع والتدرج أي ان تبدأ بالسهل ثم المتوسط وأخيرا الصعب والتميز أي لابد ان يجد الضعيف ما يجيبه والذكي ما يشبعه ويميزه على العامة. هذا باختصار شديد وكل معلم درس التربية او دُرب عليها يعلم ذلك.

لا ينسى جيلي، جيل ما قبل الكمبيوتر والتصوير، كيف كان المعلم يعد الامتحان في سبورة متحركة قبل يوم او بعض يوم من الامتحان بعد ان تغسل السبورة جيداً ويختار لها من الطباشير الملون والتسطير الدقيق بين كل سؤال وآخر وفي وقت الامتحان تكون مقلوبة حتى يجلس كل تلميذ في مكانه ويخرج ورقته ويكتب اسمه. بعدها تعرض التحفة أي سبورة الامتحان وينال كلٌ نصيبه مما فيها.

جاء زمان في مرحلة متقدمة كانت تطبع الامتحانات في المدرسة بالآلة الكاتبة وتنسخ بماكينة الرونيو كل ذلك قبل الكمبيوتر وماكينات التصوير والكل مؤتمن على الامتحانات العامل والناسخ والمعلم.

كان المعلم في مدرسته يقوم بدور التقويم كجزء من دوره الأصيل. ولا ينكشف الامتحان.

بالأمس ضجت وولاية الجزيرة بانكشاف امتحاناها الموحد للنقل، نعم ما معنى امتحان موحد قالوا امتحان الفترة الأولى يُضع في المحليات ويوزع على المدارس وامتحان النقل يوضع في الولاية ويوزع على المدارس. قلت: من متى هذا؟ قالوا أكثر من عشر سنوات. قلت: لماذا؟ قالوا لأن بعض المعلمين يضعون امتحانات صعبة جداً وبعضهم يضعها سهلة جداً وبعضهم لا يكمل المقرر. لذا يجب ان تكون موحدة. رغم كل هذا الرهق من ترحيل وسرية، هل هذا علاج العيوب اعلاها أم إعداد وتدريب المعلم هل الحل؟

اسمحوا لي بإطلاق مصطلح الشمولية التربوية على هذه الظاهرة كنكشة وتصغير للآخر الذي هو المعلم وكأن الذين فوقه ملائكة بأجنحتهم.

لم تسألني عزيز القارئ، ألا يرهق بند الامتحانات الموحدة خزينة المحلية والولاية؟ ههههههه هنا بيت القصيد لا بل العكس الطلاب هم من يدفعون للمحلية والولاية لتمتحنهم برسوم تحتار كيف حُسبت وكيف توزع قمة اللا عدالة من يتعب أكثر يأخذ أقل ومن يجلس فوق يأخذ أكثر.

لابد من حساب هذه الشمولية التربوية بطرق أخرى تعود الامتحانات كما كانت وتعالج العيوب. ليس كل المعلمين مقصرين ولا يكملون المقرر ولا كلهم متشفٍ في طلابه ولا كلهم مستهتر ولا يعرف قواعد الامتحان الممتاز.

وقبل كل ذلك هل يحمل المعلم رخصة مجلس المهن التربوية؟

 صحيفة السوداني مارس 2020

ليست هناك تعليقات: