فتأمل
عفواً أخي م.حسين ملاسي أن استعير العنوان دون إذن منك ولكن (فتأمل). كنا في صف بنزين أمام محطة بنزين عشرات السيارات اصطفت وفي كل سيارة شخص واثنين أو أكثر. لا ترى احتجاجاً ولا عدم رضا ، هل تراهم خجلون من هذا البنزبن المدعوم من الفقراء؟
ليس هذا هو الخبر إنما الخبر حين أُذنَ لصلاة المغرب ما كان من عامل محطة البنزين الا ان أوقف الماكينات وقال بهدوء :يا جماعة نصلي. وبالفعل كان هناك مصلى متواضع عبارة عن عدد من حصائر البلاستيك وعدد من الاباريق للوضو. لم يحتج أحد بل في لحظة نفذ كل المصطفين للبنزين الأوامر ونزلوا من سياراتهم وكانهم جنود ينفذون امر ضابط في طابور (دق دق طق طق كل أقفل سيارته وذهب للصلاة.
وأمَّ المصلين عامل محطة الوقود وقرأ بصوت جميل وقراءة صحيحة،حسب علمي المتواضع، والحمد لله. وبعد الصلاة عاد كل لسيارته وانتظر دوره.
اسمع عن حديث في دولة جارة وكانت رائدة في التربية تناقش امر إغلاق المحلات التجارية عند وقت الصلاة ، ماذا لو ترك الأمر للناس دون ضوابط حكومية وقوانين لو تركوه للفطرة والتربية المتجذرة ألا يكون أفضل؟
بدأت افكر في واقعة محطة الوقود وتوقف العمل للصلاة وهي مجرد حالة عادية ليس وراءها قانون حكومي ولا أوامر تنظيمية ولا عسكرية هذه حصيلة تربية متجذرة يصعب اقتلاعها. أسمع بعض الناس يتحدثون عن حكامنا الجدد الذين لا يبدأون حديثم ببسملة ولا يصلون على النبي ولا يحمدون الله وتحيتهم صباح الخير ومساء الخير للرفيق والزميل. باختصار انهم يريدون ان يقتلعوا كل ما كان يفعله من سبقوهم. حتى مستوى أسلمة النظام السابق الذي ما كان يرضي الكثيرين
اني لست خائف على هذا الشعب من هؤلاء الرفاق والزملاء ولكن خائف عليهم من الشعب الذي لن يصبر اذا ما شعر أن حملة لتحقير معتقداته مقصودة وهدف يسعى إليه من ظنوا أنهم الخالدون أو جاء دورهم لثلاثين سنة أخرى.
وربما يقول قائل إن التربية التي تراهن عليها هناك من يسعى في خرابها وما أمر بخت الرضا والقراي ببعيد. هل سمعتم بدول الاتحاد السوفيتي المسلمة وكيف عادت الى الإسلام بقوة رغم سنين حكم الحزب الشيوعي و عدائه لكل الأديان؟
وكيف احتفظت دولة مثل تركمانستان بمصاحفها وحلقات تحفيظ القران في الكهوف حيث يساق طلاب الحفظ معصوبي العيون الى أماكن التحفيظ السرية؟
ارجو ان لا يضيع حكامنا الجدد زمنهم في عداء الدين وليكسبوا الناس بتحسين احوالهم المعيشية وإصلاح الاقتصاد وبناء دولة تحترم كل مواطنيها بلا تمييز ولا يجعلوا من سبقوهم قدوة لهم وكلما جاءوا بعيب قالوا الانقاذ كانت تفعل أسوأ من ذلك.
وما ذنب الشعب حتى يخير بين السيء والأسوأ؟
صحيفة السوداني نوفمبر 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق