قلة الادب في الأسافير
كتبت قبل عدة سنوات مشيداً بأغنية سعاد للشاعر الطيب عمر الدوش التي غناها الأستاذ الكابلي. الإشادة كانت بالأستاذ الكابلي الذي هذّب الاغنية وجردها من جارح القول أو مما يسيء للذوق العام، وجعلها أغنية تُسمع، إذ أنها بنصها الأصلي ما كانت تعرف الا في ليالي الشلل الحمراء. وقتها رد عليّ أحد الأصدقاء (باسم مستعار مشكوراً) من المؤيدين للنص الاصلي ورافضاً المساس به وقال إما أن يغنيها الكابلي كما هي أو يتركها. وكان خلافه معي من يحدد الذوق العام وما هي مقاييس الذوق العام. (في رأيي المقياس فطري).
في وسائل التواصل الاجتماعي الآن (سكارى أو مجانين) أو غير أسوياء يتلفظون بألفاظ غير مألوفة للأذن السودانية والذوق العام بذاءة وقلة أدب وتطاول على الدين والمتدينين وجواز سفرهم لهذا ثورة الشباب التي لا اظن أن من أهدافها هذه المرحلة من قلة الادب.
مهما بلغ المرء من فلتان وعدم مسئولية يكون له حد يقف عنده، أما هؤلاء المستغربون الذين تاهوا في الغرب وأخذوا من الغرب أسوا ما فيه وعاشوا حياة البهيمية فيه وكأن بعدهم من مجتمعهم هو الحافز وترك كل بذور الخير المغروسة فيهم بالفطرة.
لا أريد أن أقرر وأنا لم ار الغرب ولكن أحسب أن من يتلفظون بهذه الالفاظ في السوشيال مديا معظمهم فشل في هجرته التي انعكست على نفسه وأخرجت هذه الوقاحة. الذين هاجروا ونجحوا علمياً أو اقتصادياً لا يمكن ان يتلفظوا بهذه الالفاظ ويسجلونها على مقاطع فيديو، مهما كان بعدهم عن الدين سيكون فيهم بقية من أخلاق المجتمع السوداني وصفاته الفاضلة.
هذه المقاطع المنتشرة بهذه الالفاظ هل تعبر عن جهة سياسية معينة وهل تستطيع جهة سياسية أن تتبنى هذا الطرح داخلياً؟ أم سيفرحون بها في نفوسهم قائلين ان عهدا بلا دين ولا أخلاق قد بدأ وينكرونها بألسنتهم؟
هل هذه الالفاظ والتطاول على الدين والمتدينين هي ردة فعل لفشل الحكم السابق؟ وهل فشل التطبيق وأنانية النخب وسوء تربيتها يدفع ثمنه الإسلام والمسلمين بالجملة؟ فشلت نظريات سياسية كثيرة ولكنها لم يُنتقم منها كما ينتقِم هؤلاء الموترون بألفاظهم البذيئة. رغم ان الفشل فشل تطبيق وليس فشل نظرية.
إذا ما تكررت مقاطع الفيديو هذه، أياً كان قائلها كيف ستكون ردة الفعل؟ هل ستجد من يفرح لها ويوزعها وتصبح السمة الغالبة على مواقع التواصل الى ان تصبح شئياً مألوفاً؟ أم سيتصدى لها آخرون ويحاولون الوصول الى منبعها ويكون لهم معه شأن آخر ويومها من سيكون الخاسر.
على الجهات السياسية ان تربي أفرادها وتزجر كل فالت ومتفلت بالمقاييس العامة وخادش للذوق العام الذي لا يحتاج تيار ليرفضه .هناك حد ادنى من الاتفاق على ما هو مقبول وما هو مرفوض بالفطرة.
أمسكوا مجانينكم وسفهاءكم قبل أن يخرج لهم آخرون.
سبتمبر 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق