الفترة الانتقامية الى متى؟
نصت الوثيقة الدستورية على مدة الفترة الانتقالية وحددتها بثمانية وثلاثون شهراً ( للبعيش ما كتيرة). لكن يبدو ان الوتيقة الدستورية تجاهلت عن قصد او نسيان تفاصيل هذه الفترة الانتقالية، حيث لم تحدد كم منها للانتقام من العهد الانقاذي البائد وكم منها للخطط وكم منها للتنفيذ.
الشباب الثائر الذي قام بالثورة ويقال ان السودان بلد شاب حيث نسبة الشباب أكثر من 60% من عدد السكان هؤلاء لم يثوروا لمصلحة جهة او حزب او ايدلوجية معينة ولكنهم ثاروا ليبنوا بلداً غنيا بموارده فقيراً في قياداته. بعد نجاخ الثورة وخلع النظام السابق الذي تقزم في آخر أيامه لشلة فاسدين يحميها الرئيس الخائف من ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية.
هؤلاء الشباب الثائر ومعهم جل الشعب السوداني الذي ينتظر ان يعيش كما تعيش كثير من شعوب الأرض ما قاموا بذلك ليستبدلوا اليمين باليسار ولا اليسار باليمن ولا تهمهم معركة الجهتين المستفحلة في القدم وما كانوا ينتظرون أن تدار البلاد بعقلية اركان النقاش حيث يتعارك الصغار باللسان ويتموها بالسيخ وعلى القمة منعمون لا يهمهم الضحايا ولكن الكراسي هي غايتهم ولو كان الثمن نفوس بشرية عزيزة على ربها وأهلها.
لم نسمع في هذه القترة - أُقدر قِصَرِها- ومن الحكمة ان نصبر عليها إذا راينا بوادر خير وشيء يمشي الى الامام. لكن المزعج جداً أن هناك واقفون في محطة واحده هي محطة الانتقام من الخصم الذي كان حاكماً.
الساحة تعج بالاسماء وتغيير فلان وفلان وابعاد فلان ولكن لم يقولوا لنا ماذا يحمل فلان في جعبته من خطط. الشعب لا تهمه الأسماء ولا تبادل الأدوار يريد ان يطمئن على مستقبله ما هي الخطط وما هي البدائل وكيف الخروج من هذا التخلف المتراكم ؟
نريد ان نقرأ خططاً قصيرة المدى ومتوسطة المدى وبلاش من طويلة المدى لنتركها لما بعد الفترة الانتقامية عفوا عفواً الفترة الانتقالية. نريد ان نقرأ أو نسمع خطة لحل أزمة المواصلات -مثلاً- ليس بعدد من البصات طويلة العمر او قصيرته ولا قطارات بين المدى تشارك القطارت الكبيرة خطوطها نريد معالجة جذرية تبدأ بالاجابة على السؤال لماذا النزوح من الأقاليم الى العاصمة؟ أما التفكير بالعقلية الأمنية القديمة توفير كل الخدمات لولاية الخرطوم بغض النظر عن غيرها ولو بعد عدة كيلومترات فهذا لن يحل أزمة ولا يدل على أن القطار في مساره الصحيح.
وعماد كل ذلك سياسة اقتصادية مبنية على المُعطى وليس الأماني ولا ما في أيد الغير وخصوصا البنك الدولي وصندوق النقد الدولى. ومن مبشرات الخير القليلة أن وزير المالية – حفظه الله – بدأ معالجات حقيقية موظفاً أهل الخبرة بغض النظر عن اتجاهاتهم السياسية.
وآفة موروثة كادت ان تصبح عادة هي سفر المسئولين باجسادهم في حين ان كثير من الأمور يمكن ان تتم عبر السفارات اللهم الا إذا كان السفر هو الغاية.
بثوا في هذا الشعب روح أمل.
صحيفة السوداني أكتوبر 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق