الكوميسا وكدهّ ؟
يبدو ان السؤال جاء متأخراً إذ ميزانية 2020 ربما تكون جاهزة وتنتظر الاجازة، من اجتماع المجلسين السيادي والوزاري في غياب المجلس التشريعي. غير أن الحديث عن الموازنة حتى نهار الأمس يملأ الاسافير مما يتيح لي الفرصة في الادلاء بهذا الدلو المهم الذي أرى عدم ذكر له من وزراء القطاع الاقتصادي الذين ورثوا اقتصاد(العدو).
الكوميسا لمن فاته الاستماع هي (منظمة إقليمية تضم عدد (21) دولة من شرق وجنوب أفريقيا كسوق للمنتجات وتبادل السلع بشروط تفضيلية بينها. ومن هذه الدول من استفاد كثيرا من انضمامه الى الكوميسا ومنها من خسر. على سبيل المثال واردات السودان من الكوميسا تصل في أعلاها الى 8% حيث معدل صادراته 2.2 % (وفي سنة من السنوات كانت 0.5 % نصف من المئة فقط) هذه الأرقام تحتاج الى الكثير من الجهد الاقتصادي لتتقارب. لا يجزم احد الآن بأن السودان استفاد من الكوميسا طيلة سنوات انضمامه إن لم يكن الضرر منها كان أكبر.
للاستفادة من الكوميسا بما للدولة من موقع جغرافي مميز بين دول الكوميسا لم يُفعّل حتى يوم الناس هذا. اتحاد أصحاب العمل له عدة دراسات تحدد نقاط الضعف والقوة وما يمكن ان يكون. لكنهم في الواقع الراهن وصل بهم الأمر الى المطالبة بتجميد عضوية السودان في منظمة الكوميسا، معددين ما يمكن القيام به للاستفادة منها. على سبيل المثال لا الحصر يطالبون بتطوير الصناعات المحلية حتى تنافس الدول الأعضاء من حيث الجودة والسعر. وأرى أن يُلتفت الى ذلك وفق خطط مدروسة بعناية حتى يستفيد المستهلك والمنتج والخزينة العامة وبطن البنك المركزي الفارغة.
مصر الجارة الشمالية يا أخت بلادي يا شقيقة (كما قال تاج السر الحسن وغنى الكابلي أمد الله في ايامه) وهي دولة طرفية بالنسبة لدول منظمة الكوميسا كأني بها ما انضمت الى المنظمة الا لتغرق السوق السوداني بسلعها، مستغلة مزايا الكوميسا.
عدد مواطني الاحدى وعشرون دولة الأعضاء 398 مليون نسمة وهذا سوق كبير يجب ان يضعه المخططون لاقتصادنا في حسبانهم ويزيحوا كل العثرات من أمامه حتى تجد سلعنا سوقاً قريبة وأول هذه العثرات ربط السودان بشبكة طرق داخلية واسعة وسكك حديد عابرة لدول الجوار جميعها (بالمناسبة دولة جنوب السودان منتظره شنو؟).
الانكفاء الى الداخل وتحريك الأنشطة المجمدة وزراعة الأراضي البور وتقليل الصرف ومحاربة الفساد والاطماع الشخصية والشفافية وحرية الاعلام والقضاء العادل إذا ما فُعلت كلها لن نحتاج (لمد القرعة) ليل نهار. لعبة توم آند جيري بين اليسار واليمين الدائرة الآن دون التفات لمصلحة الوطن، اعلموا لن يهزم توم جيري ولا العكس ابعدوا عن طريق هذا الشعب.
لن يمنح مانح لله ،الا من رحم ربي، الاقتصاد العالمي والسياسة كلاهما مبني على المصالح.
(روقوا المنقة) واصلحوا الداخل حتى يقفز هذا البلد ويُطعم أهله من خيراته.
صحيفة السوداني ديسمبر 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق