الى السلطة القضائية
قبل سنوات كان مكتب توثيق الشهادات في وزارة التعليم العالي بالقرب من جامعة الخرطوم عبر شبابيك تفتح على الشارع ويقف طالبو الخدمة في صفوف على الشارع يفصل بين الصف والصف سياج حديدي كالذي تنطلق منه الخيول في السباق، يقدمون اوراقهم لعدد من الموظفين لا يتجاوزون الخمسة .هؤلاء الموظفون في مكتب كبير المساحة ومكيف و(مُمروح) به مراوح يعني، والزبائن في حر الشمس وتحتهم ظلط ( القراء اليمنيون ان وجدوا ظلط معناها اسفلت وليس نقود).
كتبت يومها مقالا ساخناً استنكر فيه ذلك الوضع واقترح ان يبدل بمكتب واسع ومكيف ومرتب وفيه اماكن يجلس فيها طالبي الخدمة ،وكلهم علماء او مشروع علماء ، ولقد كان واستجابوا جزاهم الله خيرا (الجديدة). اليوم تأخذ رقما وتجلس محترماً الى ان يظهر رقمك على الشاشة وتجرى الخدمة في دقائق.
السلطة القضائية احدثت طفرة عمرانية في مكاتبها المنتشرة في السودان ،مكاتب بنموذج موحد في كل السودان ما ان ترى المبنى إلا تحلف ان هذا مكتب السلطة القضائية وأكثر ما يهم الناس في هذا المباني تسجيلات الاراضي( يا اخوانا اراضي دي غير مقنعة لأن الارض واحدة ) تسجيلات قطع الأرض مش احسن؟
في الاسبوع الماضي ساقتني قدماي الى تسجيلات قطع الأرض الخرطوم جنوب الديوم . صراحة ما بداخل المبنى ليس كمظهره الخارجي. زحام وعدم ترتيب وضجر وجو لا مبتسم فيه قط.
الذي صمم هذه المباني الجميلة والتي تعد طفرة عمرانية ازدانت بها كثير من المدن السودانية ( اليسمع مدن ما يصدق ممكن نقول القرى الكبيرة) الذي صمم هذه المباني لماذا لم يلحقها بنظام اداري يتناسب وعلوها أليس لهم في مجمعات الشرطة الخدمية أسوة؟
قبل ان اقترح الحل الذي يحفظ للانسان كرامته ويوفر عليه وقته ، أسأل : الموظف السوداني هل يُسأل في نهاية اليوم العملي ماذا انجز من عمليات؟ ولماذا؟ إن قلّت لماذا؟ وإن كثُرت لماذا؟ حتى يبني عليها الرئيس المباشر ما يجعل يوم غدٍ خير من سابقه وهنا يبدأ التطور اما اذا ما ترك الأمر سدى فلن نعرف اين نحن وماذا نريد.
لا شك ان هذا التكدس البشري والزحام لا يرضي الا موتى الضمير، ولكل داء دواء خصوصاً عندما يكون الداء اداري ( الحل ليس في البل فقط) . لماذا لا يزود مكتب مثل تسجيلات قطع الارض في كل السودان بماكينات الترقيم والمنادة (تذكرة رقم 1 توجه للشباك رقم 2) وهذه الماكينات اصبحت متوفرة ومشهورة جداً كبديل للصفوف والاهانة البشرية.
لا نريد ان نقول إن ميزانية السلطة القضائية تحتمل تقديم الخدمة لكل مواطن في بيته. فقط عندما يقصد مبانيها ليجد ما يحفظ كرامته من ترتيب ونظام.
لنحفظ لهم بعض الجميل ان سيستم التسجيل وفر كثيراً من الوقت مع الدقة.
كلهم يحتاج تربيةً الشعب والحكومةً
صحيفة السوداني فبراير 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق