شبابنا يُرتجى
اعتدنا في زمن ماضٍ أن يقوم بعد صلاة الجمعة وفد ممسكاً بورق ويقول للمصلين نحن أهلكم ناس قرية كذا شَرعنا في بناء مسجٍد نرجوكم مساعدتنا لإتمامه. في الآونة الأخيرة اعتدنا أن يُبني المساجد الخيرون من إخواننا السعوديون تقبل الله منهم مئات إن لم تكن آلاف المساجد في هذه البلاد كان الفضل فيها لسعوديين وأحياناً أمارتون او قطريون.
غير ان مسجد (الحرم عبد الرحمن حسن) الذي تم افتتاحه بالأمس الجمعة 27 /9/2019 بقرية اللعوتة مختلف جداً.
الحرم والدة المحسن البار الشاب خضر نعيم طه ولدها الوحيد والذي تعبت على تربيته تعباً شَهِدَ عليه كل من عرفها من أهل القرية رحمها الله. ابنها خضر أوقف هذه الأرض براً بوالدته ليُبنى عليها مسجداً وما ادراكم ما الأرض في قرى الجزيرة التي تحيطها الحواشات محددة مساحة ثابتة وتزايد سكان سريع مما جعل ارضها أغلى من كثير من المدن وزاد على الأرض بعضاً من مال تقبل الله منه.
تولى الأمر الشاب مصطفى احمد إبراهيم أو الفكي ود حمودة. وهو ليس من الأغنياء مالاً واحسبه من الأغنياء مروة وفضلاً. مستصغراً متاع الدنيا طالباً للآخرة فعكف عليه ثلاث سنوات ينفق إنفاق من لا يخاف الفقر مالاً ووقتاً.
المشاركون في بناء المسجد كثيرون منهم المعروف لله وللناس ومنهم من لا يعرفه الا الله كان مصطفى يأتي صباحاً ليجد دور طوب او رمل او أي من مواد البناء وضعه أحدهم ليلا وذهب.
شارك أصحاب مصنع الطوب الحراري التركي بالمسعودية بنصف طوب المسجد ورحَّله أصحاب الناقلات من أهل قرية اللعوتة مجاناً وهم شباب. (الخير فيَّ وفي أمتي الى يوم القيامة).
وشارك شباب الحي الذي فيه المسجد بأعمال البناء تبرعاً بارك الله فيهم ومتعهم بالصحة والعافية.
هذا عمل شبابي خالص يدل على ان لنا جيل قادم مختلف يُثق فيه وأن بلادنا في أيد شباب خير ممن سبقوهم وأتمنى ان يكون ذلك في كل المجالات وفي كل انحاء السودان.
الذي قام بالعمارة المادية قطعاً لا يُسأل عن العمارة المعنوية نسال الله ان يجعله مسجداً عامراً بالمصلين وحلقات الذكر وحلقات التحفيظ نسال الله ان يكون عوناً لأداء الصلاة في جماعة في اوقاته الخمس وان يمتلئ حتى يحتاج توسعة وبالمناسبة مساحته الان 192 م2 والحمد لله.
هذا مثال للشباب الذي يُرتجي المتبرع بالأرض والواقف على بناء المسجد وشباب الحي كلهم شباب والحمد لله . يحققون قولاً اردده كثيرا : كل جيل قادم خير من الذي قبله.
تخريمة :
في مناسبة افتتاح مسجد أبوبكر سرور بأم درمان في منتصف السبعينات وعبد الجبار المبارك رحمه الله يقول: إن المسجد لا يتشرف بوجود الرئيس فيه ولكن الرئيس هو من يتشرف بوجوده في المسجد ويتبسم الرئيس جعفر نميري رحمهما الله.
اللهم تقبل من كل من ساهم في بناء مسجد الحَرَم ولو بالدعاء وبارك له في ماله ورزقه.
اللهم احفظ بلادنا وشبابنا.
صحيفة السوداني 29/9/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق