الاثنين، 1 يونيو 2020

وفقدنا العالِم بروف سنادة

 

 وفقدنا العالِم بروف سنادة

 

إنا لله وإنا اليه راجعون. مصابنا اليوم مصاب السودان كله، إن كان يعلم، استاذي وصديقي بروفسير محمد حسن احمد سنادة. (استشعر أن دموع كل من عرفه الآن زُرفت). من أين أبدأ؟ يوم كنا طلاباً في معهد المعلمين العالي والذي أصبح كلية التربية ونحن فيه في أوائل سبعينات القرن الماضي، في تخصص الرياضيات والفيزياء. جلافة الرياضيات دفعتنا الى متعة الفيزياء بمعاملها ليس المعمل هو الدافع ولكن من يحرك المعامل. كان استاذنا بروف سنادة خير معين لنا إذ كان مشرفاً على جمعية الفيزياء والتي تشرفت برئاستها عدة دورت (كأول رئيس غير مسيس) ويعطينا من وقته أضعاف الوقت الذي في المحاضرات. كان القرب منه متعة لا تدانيها متعة فأنت اما متعلماً او ضاحكاً من قفشاته التي يطلقها في هدوء محير كل كلمة منه كانت تسير بها الركبان أياماً.

منه ومعه فلفلنا كل أجهزة المعامل التي في المنهج والتي ليست فيه وما اغنى المعامل في ذلك الوقت وفي كل سنة يتوج ذلك بمعرض للفيزياء يعج بالزوار من المواطنين في احياء ام درمان الشمالية وغيرهم.

ما رايته غاضباً ولا رافعاً صوته ابداً حديثه قريب من الهمس وضحكة صافية صفاء نفسه. وافترقنا كل واحد في طريق هاجرنا لدول البترول وهاجر لدولة العلم. لم يكن الاتصال سهلاً في ذلك الزمان الا من خطابات البريد ذات الطوابع.

وعدت في منتصف تسعينات القرن الماضي ووجدت استاذي وصديقي أكثر علماً ومتعة وعطاء ثر وقدم علمه ومعرفته في كثير من المواقع رئيساً لقسم الفيزياء في كلية التربية جامعة الخرطوم. ثم عميداً لكية التربية بجامعة وادي النيل ثم مديراً لجامعة وادي النيل والتي شهدت في عهد توسعا وتطوراً شهد به كل الناس (الذي لا يقال هنا كثير). وعمل عميداً ومؤسساً للكلية الأردنية السودانية لعلوم والتكنولوجيا. ومن بعد جامعة السودان المفتوحة منسقاً ومستشاراً لمديرها.

واخيراً مستشاراً في جامعة افريقيا. وقد شارك في وضع مناهج فيزياء كثيرة للثانويات والجامعات.

شاركت معه ونفر من علماء التربية في لجنة تربوية بالوزارة وكنت أصغرهم علماً وعمراً وكنت أصر ان اجلس بجانبه فحديثه متعة وهمسه امتع. اللهم ارحمه واغفر له. آخر لقائي به قبل شهر تقريباً في منزله ومعي صديقي علي المهدي؟

استاذي موسوعي فهو فيزيائي وتربوي وعالم نفس ومتدبر قرآن جيد ورثه من ابيه وله عدة مؤلفات اشهرها كتابه الذي عنوانه (الانسان ونفسه من القران الكريم جدلية القلب والفؤاد والدماغ والصدر) سكب فيه علماً مهولاً بعد بحث مضني وقدم له البروفسير عبد القادر محمود الذي قال في مقدمته للكتاب (اجتمعت فيه الفيزياء والتربية وعلم النفس والفلسفة المطلقة والفلسفة الإسلامية وتفسير القران وآراء علوم اللغة العربية كما احتوتها كتب التفسير وامهات المعاجم .....).

وكتبت عن الكتاب حين صدوره في 2011 م.

بقي أن أقول توفي بروفسير سنادة رحمه الله في نفس اليوم الذي توفي فيه كابتن كمال عبد الوهاب. رحمهما الله جميعاً وموتانا وموتى المسلمين.

الى جنات الخلد استاذي منعتنا (الكورونا) من العزاء.

 السوداني ابريل 2020

ليست هناك تعليقات: