الاثنين، 29 يونيو 2020

مواقف رائعة .. هل بقيت؟

 

أريد اليوم أن أحكي قصة سمعتها من مدرس فاضل ومدرس مثال، لن أقول من مدرسي الزمن الجميل إذ الزمن ستشهد القصة على عدم جماله. قال محدثي بينما أنا خارج من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، استوقفني شاب، وقال أأنت الأستاذ فلان؟ قلت: نعم. وبعد سلام ثانية وثالثة أقسم أن أذهب معه لبيته. قلت يا أخي ما المناسبة؟ أنا زائر للمدينة وعلى سفر. أصر إصراراً شديداً أن أذهب معه لبيته. وحتى هذه اللحظة لا أدري من هو وما علاقتي به وما سبب الإصرار. نعم السودانيون في الغربة متواصلون ويحترمون بعضهم لدرجة تحسدهم عليها كثير من الجاليات. ذهبنا إلى بيته وبسيارته الفارهة. قال أنا فلان بن فلان أعمل مهندساً هنا في المدينة المنورة. وأنت يا أستاذ درستني في المرحلة الأولية بقرية كذا بمنطقة المناقل. قال المدرس قلت في نفسي ودرست غيرك آلاف هذا السبب لا يكفي سبباً لهذا الإصرار. رددت عليه جزاك الله خيراً ووفقك. قال المهندس: غير أن الذي لا أنساه ما حييت موقفك معي يا أستاذ كان من عادة أطفال ذلك الزمان في تلك المدرسة أن يخلعوا أحذيتهم ويمشوا حافيي القدمين، وكان ذلك يضايقك وكنت تجلد من يفعل ذلك. كنت أنا حافي القدمين وأمسكت بي لتجلدني قلت لك أنا أصلاً ليس لي حذاء وشرحت لك حالي وحال أسرتي، فما كان منك إلا أن كتبت ورقة لصاحب الدكان ليعطيني حذاءً جديداً. فرحتي بذلك الحذاء لا تعادلها إلا فرحتي بلقائك اليوم. قال الأستاذ: بارك الله فيك.. الحمد لله. تبادلا الحديث والذكريات وأكلا غداءً فاخراً، وتحدثا في أمور كثيرة، وجاء وقت الوداع، فأعاد المهندس الأستاذ إلى نزله ومعه هدية كبيرة جداً. قال الأستاذ: يا ولدي المهندس والله أنا بخير وقد أكثرت هذه الهدية، يكفي التواصل وحفظ الجميل الذي لا أصنفه جميلاً بل واجباً. وتعانقا والدموع في أعينهما.ألم أقل لكم لم يكن الزمن جميلاً ؟ حتى حذاء البلاستيك لا يستطيع كثير من الناس شراءه. «وبرضو فاتحين رأسنا الزمن الجميل الزمن الجميل، يبدو أنه كان جميلاً في أم درمان والختمية فقط».ما رأيكم في وفاء تلميذ الأمس؟ وما رأيكم في نبل مدرسه. لن نقول إن هذه الأمثلة اختفت، ولكن كثيراً من ذلك الفرق زال، أو الفرق بين المدرس وتلاميذه لم يعد بذلك الفارق. أو الأمر تطور بحيث صار في مدارسنا مشرف اجتماعي أو مشرف طلابي يعرف ما لا يعرفه الأساتذة عن الطلاب، ويحل مشكلاتهم بعيداً عن المدرسين . أموجود هو؟ هذه الوظيفة لماذا غائبة عن مدارسنا، مما جعل أسرار الطلاب على ألسنة كل المدرسين يجترونها وهم يفطرون بلحمين آدمي وحيواني.إلى وزارة التربية هذا المقترح: دعونا نرى هذا المشرف أو المرشد الطلابي في كل مدارسنا.سامحني يا أستاذ لم استأذنك في نشرها، ولكن رأيت أن يسمعها غيري.

ليست هناك تعليقات: