الاثنين، 1 يونيو 2020

الحكم الاتحادي بين النظرية والتطبيق


الحكم الاتحادي بين النظرية والتطبيق

 

أصدر وزير التربية والتعليم الاتحادي في الأسبوع الماضي قراراً بتوحيد التقويم للعام الدراسي القادم 20/2021 م. أيجهل الوزير اختصاصاته أم نسف قانون الحكم الاتحادي من مكتبه؟ إذ حسب القوانين السائدة الآن ان الحكم الاتحادي منح كل ولاية الحق في دستورها وقانونها وما يترتب عليهما. وان تقويم العام الدراسي من اختصاص الولايات. ووزارة التربية والتعليم الاتحادية عليها التنسيق والمناهج وامتحان الشهادة الثانوية.

هذا من حيث الشكل كما يقول القانونيون اما من حيث المضمون. هل حقق الحكم الاتحادي ما كان مرجواً منه؟

بداية تطبيق الحكم الاتحادي الذي أُقر في مطلع التسعينات كان ظاهره توزيع الخدمات وان تنمو الولايات نمواً متوازناً وباطنه تهرب الحكومة المركزية من تقديم الخدمات والتكويش على الميزانية حيث الجمارك تحصل اتحادياً والضرائب الكبرى اتحادية وترك الفتات للولايات. ليس ذلك فحسب بل حتى الفصل الأول الرواتب كان على كل ولاية تدبير فصلها الأول مما اظهر عجزاً واضحاً وحرم الموظفين من رواتبهم عدة شهور. وصار هَمُ الولايات منحصراً في تدبير الفصل الأول كهاجس طول العام وانعدمت الخدمات والتنمية في كل انحاء السودان الا الخرطوم (وهذا ما سبب النزوح الى الخرطوم والذي غلب الداوي).

حلحلت هذه المشاكل وإعادة الفصل الأول مركزياً أخذت وقتاً طويلاً حتى عادت للموظفين رواتبهم في حينها. وتكدس الأموال في المركز كان من عوامل الفساد السياسي الأولى. وهذه قصة أخرى.

هل حقق الحكم الاتحادي أي نسبة مئوية من النجاح مما خططوا له. نظرياً كان يمكن ان تكون الولايات مثل الولايات المتحدة لكل ولاية ميزانيتها ومجلسها التشريعي واختياره ديمقراطياً واختيار حاكم الولاية ديمقراطياً ويتنافس عليه الأخيار من بنيها وبناتها وتضع قوانينها التي تناسبها وممارسة التنافس ب التنمويين الولايات.

الواقع سيء جداً سيطر الحزب الحاكم على كل شيء وتدخل في اختيار حتى رئيس اللجنة الشعبية والتف حوله الفاشلون والمطيعون الذين لا يريدون الا مصالحهم. وجاءت المجالس التشريعية ضعيفة والولاة ضعاف على المركز ديكتاتوريون على ولاياتهم وصوتهم وحيد والويل لمن يخالف صوت السلطان لن يكون له مكان الا سلة مهملات العمل العام.

الآن إذا سألتني هل انت مع الحكم الاتحادي ام ضده؟ سأضع يديَّ على راسي مرتين حتى اجد لك إجابة. إن التشوه الحاصل في الحياة السياسية ابعد عنها الأخيار والذين يرجى منهم وامتلأت الساحة السياسية بنفعيين لا يقدمون العام على الخاص، هذا ان عرفوا ان يقدموا شيئاً، وصار العمل العام منبوذاً ولا يتقدم اليه سوي.

ما لم تصدق النوايا وتمارس الديمقراطية بجد وليس بالفهلوة ويتقدم جيل الشباب المسلح بالوطنية والعلم لا خير في حكم اتحادي ولا مركزي. دولة الحرية والقانون هما ضمانات الإصلاح والذين يتحايلون على القوانين ويفصلونها لمصالحهم او مصالح احزابهم فهم امتداد للفشل السابق الذي أقعد السودان الى ان صار اضحوكة الكون.

واختيار المجلس التشريعي اختياراً وليس انتخاباً هو أول فشل لهذه الثورة ان حدث.

والله المستعان.

السوداني مارس 2020

ليست هناك تعليقات: