في بلدٍ ما انهار حائط السجن وانتظر الناس هروب المساجين واستغربوا عندما لم يفر أي مسجون. سألوا المساجين: لماذا لم تهربوا؟ ردوا: بالله من فضلكم احبسوا الشرمة دي كويس ما البره يجوا داخلين علينا.
كما كانت تقول صغيرتي انتهت النكتة.
الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله كتب اليه أحد المشاهدين (كان ذلك قبل القنوات الفضائية) يقول: اني أكرهك وأكره برنامجك، تبسم الشيخ ورد عليه: الله يرضى عليك في زر إقفال اضغط عليه واخلص.
في العهد السابق أو البائد كما يحلو للكثيرين كان الإعلام محجماً جداً والحرية مقيدة في الصحف على وجه الخصوص وهناك شبه حرب على الصحف من تضييق داخلي ومراقبة داخلية وحرب الإعلانات خصوصا الحكومية والمصادرة بعد الطبع لتكون أكثر إيلاماً علاوة على حرب التوزيع التي لم يفطن إليها الكثيرون بتجفيف غير مباشر لأكشاك توزيع الصحف الى أن صارت، في الخرطوم، تعد على أصابع اليد الواحدة. أما القنوات الحكومية فكانت تلهث وراء الملمات والاحتشادات وزيارات المدن والقرى باختصار لم تكن تقدم ما يجذب الى أن تركها المشاهدون.
إنصافاً لبعض القنوات الخاصة وخصوصاً قناة ام درمان حيث كان يقدم الأخ عبد الباقي الظافر برنامجاً للرأي والرأي الآخر هو برنامج (الميدان الشرقي) الذي قدم فيه كل ألوان الطيف السياسي الى أن ضاقوا به وأوقفوه ليس من البرنامج فقط بل من الكتابة ووظيفته في جامعة الخرطوم. برنامج آخر كانت تقدمه قناة الشروق هو برنامج الأخ طلال مدثر (المحطة الوسطى) وكان ناجحاً جداً في كشف الإخفاقات ويتناول أسخن القضايا أيضاً أوقفوه لما رأوا كثرة النقد فيه. سودانية 24 على أيام الأخ الطاهر حسن التوم مارست بعض المهنية في التنوع واختلاف الآراء وكانت جاذبة (ليست كجاذبية الوحدة الدوخوا بها راسنا وأفلسوا بها الخزينة وطلعت ما جاذبة).
الواقع الآن يقول ان هناك حرية صحافة حلوة جداً كبداية لتطبيق شعار الثورة (حرية سلام وعدالة) إذ لا تجد هذه الحرية في القنوات والتي احتلتها أحزاب اليسار كل حزب يساري كوش على قناة، قناة السودان والنيل الأزرق ويقال قناة الخرطوم التي لا أشاهدها لأنها قناة ولاية ليست ولايتي.
هذه القنوات الآن ذات توجه واحد ولو على سبيل التمويه لا يمكن ان يقدم فيها معارض لما يجري أو مؤيد للثورة منتقد (لحركات) الحكومة الانتقالية وما أكثر حركاتها التي تستحق النقد. الغريب ان على رأسها الأستاذ لقمان أحمد القادم من قنوات الغرب بريطانيا وأمريكا كان المرتجى منه ان يحترم المشاهد ويقدم له وجهتي نظر في الأمر الواحد على الأقل وليس حقنه بنوع واحد من الدربات خوفاً عليه من الابتعاد عنها جميعاً.
الحرية ناقصة في هذا الجانب لذا على القائمين على هذه القنوات ان يستعينوا بعلماء النفس والسياسة وربما الطباخين الذين يعلمون أن الملح الزائد يفسد الطبخة ويجعلها غير مستساغة.
القنوات الحكومية من مال الشعب وعلى الشعب أن يجد فيها نفسه.
الاثنين، 29 يونيو 2020
قنوات الاتجاه الواحد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق