لنبدأ بحديث الجعليين.
جاء لقريبه النافذ ذو المنصب الرفيع يطلب منه أن يتوسط له عند الوزير ليمدد له خدمته سنة واحدة ( بس ) بعد المعاش.
رد الجعلي النافذ: عليّ الطلاق ما اكلمه. أنت شغال أربعين سنة ما كفتك السنة الواحدة بتسوي ليك شنو؟
مع قسوة الرد، ولكن كثيرون يفاجئهم المعاش مفاجأة تهز الحياة كلها.
الى الذين لم يخوضوا تجربة المعاشات ولم يقفوا عند شبابيك منافذ الصرف. واعتقد أن كثير من المعاشيين لا يستطيع ان يكتب عن هذه التجربة.فهذه الأماكن روادها في الغالب الأعم نساء وعجائز كانوا عمالاً في الدولة.
خضت التجربة منذ ثمان سنوات كوكيل لابن خالتي أصرف له من الصندوق القومي للضمان الاجتماعي ما يسميه بالمعاش. أتدرون كم تعطي الدولة لهذا الرجل الذي بلغ الستين في سنة 2000 م كضمان اجتماعي 37.5 جنيه.هذا المبلغ لرجل له ست بنات ولم يرزقه الله بولد. طبعاً هذا المبلغ لا يكفي لوجبة واحدة في مطاعم الخرطوم الراقية جداً.ما يقل عن وجبة لأناس يعطى لأسرة لتعيش به شهراً كاملاً.
إذا حضر قريبي شهريا لاستلام المبلغ سيجد أن المواصلات ومصاريف يوم السفر قد تقضي على جزء كبير من هذا المبلغ لذا كلفني بصرفه إنابةً عنه.واجد نفسي مضيعا لوقت لمبلغ لا يستحق أن يقف إليه الإنسان كل شهر، لذا صرت اصرفها كل أربعة أشهر مرة وأحياناً ستة أشهر.
استحت وزارة المالية من المبلغ غير المجزئ المقدم من الصندوق القومي وصارت تقدم دعماً قدره 45 جنيه أفرح المعاشيين كثيراً. هذا الدعم لم يكن منتظماً في سنة 2007م يُعطى شهراً وينقطع شهرين.واستلام ورقته الحمراء الفاقع لونها يكلف هؤلاء العجائز وقوفاً طويلاً عن الشبابيك.
هذه السنة خرج علينا الصندوق القومي للضمان الاجتماعي – مشكوراً - بفكرة رائعة تريح المعاشيين والموظفين وذلك بأن أعطى كل معاشي دفترين اثنين واحد للمبلغ القديم وآخر للدعم. وهذا يمكن هذه الفئة المتقدمة في العمر الذهاب لشباك الصرف مباشرة مما يسهل عليهم يوم الصرف الذي كانوا منه يخشون.
هذا ما جعلنا نشكر الصندوق شكرين توفير الوقت وضمان تسلسل الدعم.
أما لكن فسببها صار مجموع المبلغ 81.5 هل يكفي؟!!!!!
نعم زاد عن الوجبة الواحدة في ذاك المطعم الراقي.
ما علاقة ما يقوم به صندوقنا وصناديق الضمان في الدول الراقية؟؟؟
بلاش نفتح جروح
فبراير 2008 م الوسط الاقتصادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق