متى ما ذُكر المطار ذُكر السفر والسفر أمره عجيب ،من الناس من يموت فيه عشقاً ومنهم من يخافه خوفه للموت .سافرت عبر هذا المطار عشرات السنين وفي كل مرة أكون مشدودا كحالة المسافرين إما يكون أمامي عام من الغياب في الذهاب أو أمامي إجازة قصيرة في الإياب ويكفي هذان العاملان - غير صحبة وفراق الأطفال – إزعاجاً وتوتراً نفسياً .
غير أن جولتي الأخيرة في مطار الخرطوم كانت في غاية الارتياح النفسي إذ لم أكن مسافرا وليس بيدي شنطة ولا تذكرة . بل كانت الجولة بصحبة الأخ البروفسير عثمان البدري وكيل وزارة الطيران والمهندس كمال يعقوب مدير مطار الخرطوم وصديق الجميع الرشيق زكريا حامد والأخ عجيمي طافوا بنا في جولة فريدة ارونا فيه لماذا كان مطار الخرطوم مقفولاً أمام الطائرات من الساعة التاسعة صباحا إلى الخامسة مساء يومياً . ولتشاركونا الإجابة والفرحة إليكم ما رأينا:-
1 – صالة مغادرة جديدة على طراز حديث جدرانها زجاج شفاف تُرى النملة من خلاله ومن دورين يجري العمل فيها ليس على قدم وساق بل على قدمين وساقين . لوح الزجاج الواحد تنؤ به العصبة من الرجال تسع ركاب ثلاث طائرات ومودعيهم .
2 – المدرج runway صيانة تامة وطبقة إسفلتية جديدة وصار أملس من جلد الحية مودعا الأخاديد ودقداق الطائرات .
3 – كنت أظن أن الشكوى من المواقف في وسط الخرطوم فقط ولكن مطار الخرطوم أيضا كان يشكو من ضيق مواقف الطائرات واليوم وسعت المواقف وجرت عمليات تغير مساحات وسفلتت مساحة واسعة تسع زيادة الحركة المرتقبة ( اعني حركة الطيران وليس أي حركة أخرى يا سياسيين).
4 – حملة نظافة كان المطار في حاجة إليها منذ زمن بعيد ، طائرات قديمة من عشرات السنين وأشياء أخرى بمجهود كبير تمت نظافة حوش المطار ومازالت هناك أفكار كثيرة في انتظار التنفيذ كتحويل كثير من الورش والمخازن التي ما عاد وجودها ضروريا.
5 – ويسألونك عن صالة الحج والعمرة والتي كانت صالة سفر للمدرسين في مواسم اجازاتهم كانت صالة مخيفة بل كانت مخزنا كبيرا ليس إلا ، اليوم دخلتها يد التغيير وصارت في غاية الروعة واسعة باردة مبردة أرضها ملساء وكاونترات تشبه الآخرين ( بالمناسبة ما رأيتُ غير الإمارات والسعودية والسودان فليعذرني زوار العالم الأول).
6 – صالة القدوم - ما شاء الله – كاونترات جديدة 12 كاونتر تستقبل 12 عائد في كل لحظة ( بالمناسبة بتاع الصحة شالوا ) فقط شرطة الجوازات التي تقابلك وتقدم لها جوازك وتدخل لتجد السيور القديمة تغيرت او في طريقها للتغيير وأسلوب الجمارك مكنن أي دخلته التقانة الحديثة ونسال الله أن تلحق بها مرونة في الجباية والتحصيل. مساحة الصالة تمت فيها توسعة كبيرة على حساب مساحة الأسواق الحرة وجديد الأسواق الحرة أنها صارت تعترف بالدينار السوداني كعملة مبرئة للذمة بعد كفر به طويل.
بقي أن نسال :لماذا مطار جديد؟ وكما قال اقتصادينا الكبير الأستاذ عبد الرحيم حمدي : إن ما ينفق على المطار الجديد لو بث في الريف لأنعش كل الريف السوداني . او كما قال
أيها الوجهاء تنازلوا عن ملذاتكم مرة من اجل الريف الذي ينشل ماء العد بالدلو وتحملها نساءه على رؤوسهن وتطالبهم هيئة المياه برسوم المياه سافروا من هذا المطار المجدد عشر سنوات أخرى من اجل الريف . لتلقوا الله بوجه سليم
مايو 2005 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق