أولاً: الحمد لله الذي جعل لنا ميناء متكدساً، وقد مرَّ على هذا الميناء زمن كان (يلعب فيه البلي) وهذه ترجمتها: لعبة للصغار تحتاج مساحات واسعة لتمارس فيها اللعبة، والبلي كرات زجاجية هذا الشرح للحناكيش أو السحاسيح.
ثانياً: المؤشر الذي يحتاج معالجة هو أن الميناء متكدس باتجاه واحد. (بالعربي البسيط الصادرات أقل كثيراً من الواردات، لولا أنابيب النفط لكانت النسبة بين الصادر والوارد كالنسبة بين راتب الفراش والقاضي).
عودة لتكدس الميناء.. اجتماعات كثيرة عقدت في عدة أماكن بين الجمارك والمالية والاستثمار وفي كل هذه الاجتماعات المتهم الأول قطاع النقل البرّي وعجزه عن الإيفاء بما عليه من واجب واتحاد النقل البري يدافع بان الخلل ليس منه وإنما امتيازات الإعفاءات الكثيرة التي فقدها. لدرجة فكرت فيه بعض الجهات طلب النجدة من الدول المجاورة لتمدها بشاحنات. ولكن قديماً قالوا: ليس الحكمة في تجميع الجن ولكن الحكمة في تشغيله. قطاع النقل بل بصفة أدق عدد الشاحنات قد تضاعف بصورة مذهلة من العام 1992 إلى 2002م دخلت السودان حوالى «10» آلاف شاحنة في عشر سنوات. من العام 2002 إلى 2004 سنتان دخلت «20» ألف شاحنة، مما يعني انه تضاعف عشر مرات في العدد، أما من حيث النوع والحمولات والمقطورات فالتطور كبير حتى للمراقب العادي. بعد كل هذا ما الذي يجعل النقل متخلفاً وبطيئاً؟
إجابتي على هذا السؤال نظامنا الإداري يحتاج مراجعة؟ بالعربي متخلِّف ولم يستفد من تقانة العصر. الجبايات عائقاً أول أو نظام الشراكة فيها بلا شفافية. هل تابعت عزيزي القارئ خطوات تخليص بضاعة أو عفش شخصي من الميناء أو المطار أو الحاويات؟على كم من المكاتب مررت وكم ورقة تحمل وكم ورقة صورت؟ دعك من تهافت بعض الجهات في الجمارك من ابتزاز وبيع الظرف الفارغ إجبارياً وحصرياً عندهم بخمسة آلاف وتصوير الورقة بـ «500» جنيه فلندع هذه - التي تعد بالنسبة لموضوع اليوم- صغائر. هناك عدة جهات تنتظر عند هذه المنافذ تريد نصيبها من الثروة كاش داون، منها ما هو بقانون ومنها ما دون ذلك.
1» الجمارك.
2» هيئة الموانئ.
3» المواصفات والمقاييس.
4» دمغة الجريح.
ولكل واحدة من هذه عدة إجراءات وعدة طاولات واحدة بالقلم الأحمر وأخرى بها كمبيوتر وبعضها به إيصالات وبعضها فيه موظفان أو ثلاثة وعلى لسان كل منهم كلمة أمشى وتعال أو تعال بكرة. كأنه يرى إنجاز مهمة في يومها يقلل من أهميته. إذا أردت أن تخلص قلم حبر أو حاوية أو مصنع ستحمل عشرات الأوراق وصورها وتظل تدور بين مكاتب هذه الوحدات. ما الذي يمنع أن يقف المخلص فور وصول بضاعته أمام كاونتر خلفه عشرات الموظفين وتُخرج له ورقة واحدة من الكمبيوتر ويتجه نحو خزينة في نفس الكاونتر ويقدم شيكاً معتمداً ويستلم إذن خروج بضاعته مجرد نهاية الموظف من كتابة الشيك ورقمه على الكمبيوتر. كم حاوية ستخرج في الساعة الواحدة بهذه الطريقة؟ وكي لا يندهش جباة هذه الجهات: في نهاية اليوم يخرج كشف حساب من الكمبيوتر نصيب الجمارك هو كذا% = ...، نصيب الموانئ وهو 2% =...، نصيب الجريح وهو 1% =...، نصيب المواصفات= ...، ويعرف الكل ما له وما عليه هذا إذا كنا ننتمي لدولة واحدة؟ أما إذا كانت كل جهة تنتمي لدولة فلا حول ولا قوة إلا بالله؟ أما عن الطريق والتوقف المتكرر أرى أن تكون عند مخرج بورتسودان ومخرج الخرطوم وكل المدن جهة تراجع كل مستندات الشاحنة وبعد استيفائها كل ما عليها تعلق عليها لوحة (فحصت يمنع توقيفها). كم سنوفر من الوقت ومن استهلاك جنبات الطرق والإطارات وصيانة الذمم والصفافير التي لا يعلم هدفها إلا الله. هذا إذا كانت لهذه الدولة أهداف عامة لا تعرقلها أهداف خاصة وصغارة نفس.
وعندها سنقول كما تقول معظم موانئ الدنيا: الانتظار صفر.
21/4/2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق