الجمعة، 7 أغسطس 2009

ما نريده من الحكومة الجديدة

مدخل:
في سنة 1977 م كنت مدرساً في قرية سعودية نائية. قامت شركة بشق طريق طوله 40 كيلومتراً متفرعاً من الطريق الرئيس ليصل لقريتين بعيدتين. منذ بداية الطريق إلى منتهاه لم نر مسؤولاً يقف عليه. نفذت الشركة الطريق وذهبت. «قلت لبعض الاخوة قوموا نحتفل بافتتاح الطريق وتخيلت لو كان مثل هذا الطريق في سودان نميري كيف سيشغل الإعلام زمناً».
هل ستنهج الحكومة الجديدة نفس نهج سابقتها من حيث التعويل على الفرد أم ستنتهج بناء حكم مؤسسات. الإنقاذ منذ مجيئها وهي في سنة أولى حكم لم تبحث عن خطط وبرامج لتنفذها في هدوء بل ورثت من عهد نميري أسوأ ما فيه الاحتشاد والافتتاحات ومسيرات التأييد وخروج الجماهير عن بكرة أبيها لاستقبال فلان الفلاني.
قد نقبل ذلك سنة، سنتين، ثلاثة لتقنع العامة والخارج بان هذه حكومة تختلف عن سابقتها وجاءت من اجل سودان جديد ولكن أن يستمر نهجاً لعقدين كاملين فهذا ما لا يقبله عقل.آن للحكومة القادمة أن تكون حكومة برامج ومؤسسات تعرف ما تريده اليوم وغداً وبعد غد، برنامج واضح كما في كل الدنيا كل يوم ينفذ فيه نسبة معلومة وما هم الوزير إلا المتابعة والمساءلة لمن تحته ما سبب عدم التنفيذ ان كان هناك عدم تنفيذ ويعمل مراسل لمجلس الوزراء يضع تقاريره أسبوعياً وما على الرئيس إلا المتابعة «وهو دائماً موجود» حيث المتابعة وحل المشكلات الكبيرة.«كيف يخرج رئيس دولة لافتتاح صراف آلي لبنك؟».
يجب أن تكون البرامج واضحة وكل في مكانه لا يؤثر في الوزارة غياب الوزير أو ذهابه أو استقالته. ولا مجال فيها للاجتهاد الشخصي، مثلاً، ان جاء وزير الداخلية مفتخراً بأنه انشأ جامعة لا نقول له جزاك الله خيراً، بل نقول له هذا ليس من واجباتك المنصوص عليها في مسمى وظيفتك لا بارك الله فيك. وان جاء وزير الزراعة مفتخراً بنجاح مفاوضاته السياسية نقول له: الحق الموسم الزراعي ومدخلاته وإنتاجية فدانك دون الخمسة قناطير قطن وبلاد الله كلها فوق 17 قنطاراً للفدان.
نريد حكومة علماء يضعون البرامج ووكلاء يهيئون الوزارات لا نريد الوزير السيوبر الذي يعلم علم العلماء وتنفيذ التنفيذيين وكل شئ تحت قبضته وإذا غادر الوزارة لم نجد ما نسير عليه لا خطط لا ميزانيات لا جداول لا توصيف وظائف لا إحصاء. وهَمُ كثير من وزراء الحكومات السابقة الاحتفاظ بالمنصب ويبذل كل غال ونفيس لأجل ذلك تصريحات، ظهور إعلامي، أمانٍ يوزعونها وأحلام يقظة.
لا نريد مباهاة بتجاوز الربط، كل من تجاوز الربط فهو مقصر إما في الأولى تحديد الربط أو في الثانية تجاوز الربط وفي قوانين المراجعة القرش الزائد خطأ كما القرش الناقص تماماً.
لا نريد أن نسمع كلمة الإيرادات الذاتية واستنباط الموارد فهي تجاوز للقانون ومال سايب يعلم السرقة. فكل من جمع قرشاً بغير قانون يجب أن نجد من يردعه. لننهي عهداً من البرطعة قد تكون له مبرراته، أما الآن فالحكومة صارت راشدة وليست قاصرة ببلوغ سن 16 سنة «بت جزار».
ثم الوقت هل هو مدخل اقتصادي في عرف حكوماتنا؟ كم إجازة في السنة لا يسندها شرع ولا قانون يوم 27 رجب كنت في الخرطوم كل مكاتب الدولة وبنوكها في إجازة والأسواق تعمل كأن شيئاً لم يكن، ما يعني أن هذا المجتمع تجاوز حكومته في معرفة قيمة الوقت، افتـنا يا مستشار الرئيس للتأصيل كم من إجازاتنا لا يسنده دليل من الدين؟
وهؤلاء الولاة وهؤلاء الوزراء والرئيس نفسه إلى متى هذا الطواف والويويويو طالعة نازلة لزيارة ولاية كذا وافتتاح كذا كم تكلفة هذه الافتتاحات والمسيرات وكم عطّلت من مصالح خلق الله. احسبوا لي كلفة الافتتاح منسوبة للمشروع كم في المائة؟
أمر التبرعات دليل على عدم البرامج، وعدم الإيفاء بها كذبة كبار لا تغتفر.
احكموا من مكاتبكم لا من على صهوة أفراسكم.
اقعدوا اقعدوا اقعدوا
19/9/2005

ليست هناك تعليقات: