الجمعة، 29 يوليو 2011

ســـيدي الـــرئيس أجلـــس

بتاريخ : الأحد 24-07-2011 08:40 صباحا

الزمان 1999 م، المكان عاصمة ولاية النيل الأبيض، مجلس حكومة الولاية منعقد لترتيب زيارة الرئيس، المجلس يطلب من وزير المالية الأستاذ أحمد آدم سالم مبلغ 40 مليون جنيه لاستقبالات رئيس الجمهورية، وزير المالية يرفض معللاً رفضه إن هو دفع هذا المبلغ لن يصرف آلاف المعلمين رواتبهم.. يسجل الرفض في مضابط الاجتماع ويلح المجتمعون على الوزير ويخرج الوزير من الاجتماع غاضباً.. يواصل المجلس انعقاده ويبحث في المسألة.. أخيرًا اقترضوا المبلغ وبقي على الوزير تسديده في وقت لاحق.
ترى كم مثل هذه الاجتماعات لم يصل خبرها للسيد رئيس الجمهورية؟
ترى كم هم الوزراء الذين في شجاعة أحمد آدم سالم الذين يقدمون أولوية صرف رواتب المدرسين وصغار الموظفين على زيارة الرئيس؟
ثم سؤال ما الآثار السالبة لزيارات الرئيس والمسؤولين الكبار للولايات مقارنة بما تحمل من إيجابيات مختلَف فها؟ ترى كم عدد الزيارات للولايات التي قام بها الرئيس منذ 1989 حتى الآن؟ هناك جهة ترصد هذه الزيارات هي مكتب الرئيس أو وزارة شؤون الجمهورية ولكن رصدها إحصائي يسجل اليوم والساعة والمكان وربما الخطابات التي قيلت.. ولكن قطعًا تحليل هذه الزيارات لم يتم وإن تم لم يُلحق بفعل وظل في انتظار الرجل الذي سيبلغ السلطان بخبر الفيلة في القصة المشهورة.. أنا هنا أبرئ الرجل الوقور بكري حسن صالح تماماً.
سيدي الرئيس أنت تمارس عادة زيارات الأقاليم والولايات، قد تكون فريدة وليس لها مثيل وربما تكون محمدة بعض الوقت او في أول أيام الثورة، ولكن أن تستمر هذه العادة عشرات السنين هذا ما يحتاج إلى وقفة ودراسة.. دراسة لن يبلغك من حولك بنتائجها لعدة أسباب أقلها أن هناك مستفيدين من تجوالك هذا وشغلك بعيدًا عنهم « ويعوسون».
سيدي الرئيس أي زيارة لأي ولاية يقابلها صرف مالي ببنود مفتوحة ووراء كل بند مستفيد. وأزيد يقابلها تعطيل لدولاب العمل لعدة أسابيع قبل الزيارة وبعد الزيارة. وقلة إنتاج تضاف لفقد الموارد.
سيدي بعد كل هذا العمر في كرسي الحكم ألم يفتح الله على قلب واحد من مستشاريك الاثني عشر بأن يضع وصفًا للافتتاحات ما الذي يستحق الافتتاح من الذي لا يستحق؟ وما الذي يفتتحه الوالي والذي يفتتحه المعتمد والذي يفتتحه شيخ الحلة هذا إذا كان المرفق أو الخدمة لا تعمل إلا إذا قص شريطها؟
إلى متى هذه العادة المتخلفة لملمة الشعب في هجير السودان وغباره لساعات ليستقبلوا الرئيس، هل يزيدك شيئاً الآن إن استقبلك ألف أو مليون؟ ما الذي يجنيه العامة من هذه اللمّة «وأركز على العامة» وهل كل الخطابات التي على الهواء كانت موفقة وكم هم متباينون الذين تخاطبهم؟ هناك ما يقال للعامة وهناك ما يقال بدبلوماسية وهناك المسكوت عنه لماذا ترهق نفسك كل هذا الرهق في الهجير وترهق معك آلاف كل ذلك ليقول الوالي او من حوله كلمات يمكن ان تصلك بأي وسيلة مؤسسية أو عبر أي وسيلة تواصل وما أكثرها في هذه الأيام.
أتمنى أن يكون من أول تحولات الجمهورية الجديدة أن تجلس جلسة رئيس كل يوم يحاسب جهة ويراقب أخرى ويحل مفوضية ويقلل صرفاً وتأتيه أخبار التنمية موثقة بوسائل أحدث من هذا الذي نرى.. ثم هل على الرئيس أن يقف على كل التفاصيل؟
لا أظن!

ليست هناك تعليقات: