الجمعة، 29 يوليو 2011

طريق بارا ــ أم درمان عشرة كلم هدية!

بتاريخ : الجمعة 22-07-2011 09:16 صباحا

من يسافر من أم درمان غرباً لا شك أنه يمر بتلك العقبة الكؤود التي تعرف «بقوز أبو ضلوع» وهي شريحة طولية من الصحراء والرمال المتحركة تمتد من الجنوب إلى الشمال، لا يتعدى عرضها عشرة كيلومترات أو يزيد قليلاً؛ ولكنها تمثل تحديًا كبيراً لسائقي اللواري وركابها.. ولقد ذكرها كثير من الشعراء الشعبيين في كردفان مثل الراحل قريب محمد راجع إذ قال:
فات فتاشة و عديل أتصلّب
طلع قوز أبو ضلوع جسم المساعد كلّب
جبد السري دخان اللديتر علّب
صادف زنقة لكن عليها أتغلّب
ومن منا لم يقض الساعات الطوال وهو يمد يد المساعدة بجلب القش وفروع الأشجار والحفر في الرمال حتى يعبر اللوري قوز أبو ضلوع قبل حلول الظلام، هذا إذا كان السائق ماهراً وإلا فإن الركاب سيتوسدون الرمال الناعمة تلك الليلة. اليوم نبشر مستخدمي هذا الطريق بأن معاناتهم على وشك أن يوضع لها حد؛ فقد تبرعت شركة شريان الشمال الوقفية ببناء ورصف عشرة كيلومترات من طريق أمدرمان بارا هدية منها لأهل كردفان.
جاء ذلك على لسان رئيس مجلس إدارة الشركة المهندس الحاج عطا المنان إثر مداخلة متواضعة من شخصي الضعيف ضمن محاضرة بعنوان «دور المغتربين في التنمية شريان الشمال نموذجاً» قدمها سيادته في منتدى رابطة الإعلاميين بحضور السفير قريب الله الخضر نائب رئيس البعثة الدبولماسية ولفيف من قادة العمل العام والصحفيين وجمهور غفير من الجالية السودانية بالرياض.. ونحن بدورنا نشكر السيد الحاج عطا المنان والشركة وكل منسوبيها والمساهمين فيها على هذه المبادرة الكريمة ونقدر لهم هذه الوقفة الأصيلة مع أهلنا، سائلين الله أن يجعلها في ميزان حسناتهم جميعاً.. والشكر موصول إلى هذه الرابطة الفتية لإتاحتها لنا فرصة اللقاء بهذا الرجل الذي شهد له الجميع بالإخلاص والتفاني والنزاهة في أداء واجبه في كل المواقع التي عمل بها. مع شكرنا لصحيفة «الإنتباهة»، صوت الأغلبية الصامتة، وللأخ صاحب الاستفهامات، الذين سمحوا لنا بالتواصل مع قرائهم و طرح قضايا كردفان على صفحات هذا المنبر الحر.
الشيء المهم الآخر الذي نريد لفت الانتباه إليه هو تجربة شركة شريان الشمال نفسها فقد ولدت من رحم إسهام المغتربين في التنمية إذ أخذ بعض أبناء الشمال على عاتقهم القيام بعمل طوعي وشعبي من أجل بناء طريق شريان الشمال فكان لهم ما أردوا حتى اكتمل الطريق وقامت على جانبيه سبعة مراكز خدمية يشمل كل منها مدرسة مع سكن داخلي، وتقدم هذه المدارس التعليم بشقيه الأكاديمي والفني، ومسجد وخدمات طبية، وتوجد قابلة في كل مركز مع كثير من الخدمات الأخرى من أجل توطين العرب الرحل ببناء القرى الحديثة؛ هذا بالإضافة إلى إصحاح البيئة بزراعة الأشجار في مساحات خضراء يتفيأ ظلالها المسافرون على هذا الطريق العامر.
هذه الشركة تتبع لها الآن أربع شركات وتقوم بأعمال متنوعة منها السقيا وبناء الطرق وقد حققت أرباحاً كبيرة حتى بلغت قيمة أصولها ما يعادل خمسين مليونًا من الدولارات وهي الآن ترد الجميل للمغتربين برصد مبلغ ثلاث ملايين ريال سعودي وضتعها تحت تصرف سفارة السودان من أجل مساعدة المحتاجين من المغتربين وأسرهم. وبهذا تكون شركة شريان الشمال تجربة وطنية رائدة ونموذجًا يمكن أن يُحتذى ويطبق في بقاع السودان إذا أردنا تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والقطاعات غير الحكومية في التنمية والتطوير والبناء بالتعاون مع الجهات الرسمية.. لا يفوتني هنا أن أذكِّر بأن حسابات شركة شريان الشمال ظلت تخضع للتفتيش والتدقيق من قبل ديوان المراجع العام وذلك ضماناً للشفافية والنزاهة حسبما ذكر السيد عطا المنان في حديثه.. نأمل من سلطات ولاية شمال كردفان التواصل مع الإخوة في شريان الشمال لنقل التجربة سواء في جانبها الشعبي لتكوين مؤسسة مماثلة أو الجانب الفني لمعرفة مراحل بناء طريق شريان الشمال والاستفادة من تلك التجربة لتنفيذ طريق أم درمان ــ بارا أو إن شئت فقل شريان كردفان.
أ. محمد التجاني عمر قش- الرياض

ليست هناك تعليقات: