بتاريخ : الإثنين 27-06-2011 09:34 صباحا
في الثقافة السودانية عندما يريدون مدح شخص يقولون: «يوم شكرك ما يجي» في إشارة ليوم موته، حيث لا تذكر المجتمعات محاسن شخص إلا يوم موته. ولكن لكل قاعدة شواذ: «شباب من أجل القلقالة» لم تحتمل أن تنظر لرجل في قامة خلف الله حسن محمد يس وتنتظر يوم رحيله بعد عمر طويل في طاعة الله.. الأستاذ خلف الله حسن أو المصلح خلف الله حسن أو القيادي خلف الله حسن.. كل هذه الألقاب لا تعبر عن هذه القامة الفريدة.
عمل الأستاذ خلف الله حسن معلماً في قريته القلقالة قرابة أربعين سنة، لم يكن فيها مدرساً وكفى، بل كان كل شيء، ما تلتفت إلا وتجد خلف الله في الأفراح والأتراح والصلح الاجتماعي والعمل العام.. خلف الله الماسورة المكسورة.. خلف الله الشارع المعتدى عليه.. رئيسا للجنة الشعبية.. وممثلاً للقرية خارجياً في المحلية، وكل ما يتطلبه العمل العام. ولم يفكر يوماً في مغادرة القرية إلا فترة انتداب قصيرة لدولة اليمن، فرج الله همها وغمها.. وعاد كأكبر ما يكون الرجال.
ما من مشكلة في القرية إلا وكان حلالها خلف الله حسن.. وما من مشكلة إلا فيها طرف راضٍ وآخر ساخط، ولا يمضي اليوم إلا وتجد خلف الله في منزل الساخط بعد المغرب مطيباً خاطره وشارباً معه شاي المغرب، ويعود الصفاء.. لله رجال خلقوا لعمل الخير.
ويتمتع الأستاذ خلف الله حسن بقبول لا شك هو من عند رب العالمين الذي ينزل ملائكته لأهل الأرض قائلاً «إني أحببت فلانا فحبوه» ومن يمسك محبةً هذا مصدرها؟ الأستاذ، وسأصر على هذا اللقب، فهذه المهنة منبع كل خير إذا ما أعطيت حقها «تعصبت لقبيلة المعلمين أليس كذلك؟» هذا الأستاذ حمل القلقالة لا أقول في حدقات عيونه، بل في قلبه وشاركها أولاده. ما من خير فيه إلا وله نصيب. يوم ساء الريف وحمل أصحاب العلم والمال أسرهم مهاجرين إلى الخرطوم لم يفكر يوماً بأن يلحق بهم، ولكن الرجال دائماً معادن.. نعم لحق بهم لا ليسكن معهم الخرطوم بل لحق بهم ليكون جمعية أبناء القلقالة بالخرطوم وأطاعوه. وهل يملكون إلا طاعته؟ وكان لهذه الجمعية التي جمعت من الأموال ما كفى فقراء القرية من جمع الأموال، فلم يسمع الناس منذ قيامها بجوال القمح ولا قنطار القطن للمدرسة أو للبئر.
عندما داهم مرض السكري الأستاذ خلف الله وأثر على عينيه ذهب مستشفيا في القاهرة، ويوم عودته استقبلته القلقالة استقبال الرؤساء زمان «بالمناسبة اختفت عادة استقبال الرئيس الزائر للسودان، وكانت الخرطوم تعطل مؤسساتها لاستقبال جمال عبد الناصر أو هيلاسي لاسي.. الحمد لله الآن صار الرئيس يزور ولا يسمع به أحد». نحرت القلقالة الذبائح وهبت القرية كلها لاستقبال الأستاذ خلف الله حسن العائد من العلاج.. هل تريدون شهادة أكثر من ذلك على كبر مقامه عند الناس وقطعاً عند الله؟
أعرف خلف الله، وفرحت يوم شاهدت تكريمه في قناة «النيل الأزرق»، وتمنيت لو كنت مع «شباب من أجل القلقالة».. أليست جدتي لأبي فاطمة بت أحمد منكم؟ لماذا لم تدعوني؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق