الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

إذن الصرف على الميزانية!

 

إذن الصرف على الميزانية!

 

       الميزانية السنوية للدولة قانون يجيزه البرلمان وبعد المصادقة عليه وغالباً ما تكون بعد نقاش عنيف بين التنفيذي التشريعي. بعد إجازتها من البرلمان تصبح قانوناً لا يمكن تجاوز أي بند من بنوده الا إذا وافق البرلمان على تعديل الميزانية.

     هذه (اللولوة) في الدول المحترمة التي تعرف دخلها ومنصرفها ولها خطط متعددة المدى قصير ومتوسط وطويل ونصيب كل منها معلوم في الميزانية السنوية ولا تستطيع وزارة المالية تأخير أي بند من بنوده وإلا حُسبت حساباً عسيراً من المشرع والرقيب.

   كثيراً ما يُسأل في نهاية السنة عن نسبة التنفيذ من الميزانية وهو المؤشر الذي يدل على مدى التزام وزارة المالية بالقانون. سألت يوما في منتصف التسعينات وكيل وزارة هامة جداً من وزارات عصب الحياة لماذا الأمور ليست كما يجب ان تكون في هذه الوزارة؟ كانت اجابته: المال رفعنا ميزانيتنا واجيزت وبقينا نطارد في وزارة المالية للإيفاء بالتزاماتها. وحول لي السؤال: تفتكر كم نسبة ما اوفت به وزارة المالية؟ قلت: ما دمت تشكو يعني اعطوك 40% ضحك الرجل ضحكة تشبه البكاء. وقال: ما وصلنا فقط 3% والسنة في اخرياتها.

   الدول التي لا تف بميزانياتها هي الدول التي لا تحترم القانون وأي مهرجان او حشد منتج او غير منتج يمول من الميزانية ولو لم يرد فيها ويهزم الأولويات والخطط وينتهي برقصة وعرضة وغبار كثيف (حسي ومعنوي).

   غالباً ما يسمح بالصرف على الميزانية، في أحسن الظروف بعد منتصف يناير من كل عام وإذا تأخر في الغالب لا يتعدى منتصف فبراير وهي فترة توقف تام للعمل في الدولة لوضع الحسابات كل في مكانه. الأمور الهامة والمستعجلة (هنا مربط الفرس من يحدد الأهمية وبأي مقياس؟ منهم من لا يرى الدواء أهمية قصوى، ومنهم من لا يرى الماء اهمية قصوى ولكن بدل السفرية والنثريات هي الاهم) قلنا الأمور الهامة والمستعجلة يمكن ان تستثنى بخطاب رسمي من وزير المالية.

     بعد هذه المقدمة والتي تأتي من مراقب وليس متخصص (ارجو ان تقبلوها هكذا لأني اريد ان اقفز الى الجزئيات. معلوم للكثيرين ان حكومة الفترة الانتقالية تسير حتى يومنا هذه ونحن في يوليو يعني مضى اكثر من نصف السنة بلا ميزانية مجازة ولم يأُذن بالصرف من الميزانية حتى يوم الناس هذا، هذا لا يعني انه لم يصرف ولا قرش طوال الشهور الست الماضية تم صرف ولكن بلا إذن صرف من وزارة المالية. (بالله لو الزول كتب لاكن كما يفعل شباب اليوم مالو؟).

  قلت وزارة الري وهي عصب الحياة خصوصا في مشروع الجزيرة (مربعة) يدينها وتنتظر إذن الصرف على الميزانية. تخيل ما يترتب على هذا الاجراء حتى الآن وأثره على الزراعة.

    الأمر خطير ونتيجته مجاعة، لا سمح الله، خصوصاً والمخزون الاستراتيجي للذرة صفر سمعنا ببيع الذرة ومقايضتها بالسماد وتوفر السماد ولم يتوفر الماء.

حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

   

ليست هناك تعليقات: