الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

أشد اتفاق جوبا عيوباً

 

أشد اتفاق جوبا عيوباً

 

 

        من ذكريات الغربة في نهاية السبعينات نقاش مع زميل العمل السوري وكان الحديث يومها عن القبول في الجامعات وشرحت لهم كيف التنافس على مقاعد الجامعة، في ذلك الزمان ومقابله، ان المنافسة حقيقية ولا يمكن ان يقبل أحد في جامعة الخرطوم الا بما حقق من درجات. وسألني: يعني ولد الرئيس لا يمكن ان يدخل الجامعة استثناءً ولو لم يحقق الدرجة المطلوبة؟ قلت: نعم مستحيل. وبعد استغراب منه قال: نحن في سوريا 25 % من مقاعد الجامعة لحزب البعث حصلوا او لم يحصلوا درجات.) وهذه سوريا اليوم كما ترون نتيجة طبيعية للتسلط).

    ما كنت أحسب ان أعيش لأرى وأقرا أن 15 % من مقاعد الجامعات وفي الكليات التطبيقية طب وهندسة ومثيلاتها سيكون محجوزاً لطلاب دارفور ولعشر سنوات تماماً. هذه ليست اتفاقية سلام هذه اتفاقية تخريب ثوابت ولن أتعدى هذا البند وآثاره وما سيحدث من خراب في الحياة كلها وليتبنى كل في تخصصه بنداً من بنود الاتفاق الأخرى.

    كيف مرَّ هذا البند على المتفاوضين وما هي آثاره على الحياة العلمية داخل الجامعات وهذا التمييز المعيب حتى للطلاب أنفسهم. ومن يصدق ان من دخل الجامعة بهذا البند لن يطالب بامتحانات خاصة ونسب نجاح خاصة. والويل لمن يتجرأ من الأساتذة ويعطي طالب القبول الدارفوري ما يستحق من الدرجات فسندخل في دوامة عنصرية داخل الجامعات: ليه ارسب علشان من دارفور؟ وليس هذا السبب ولكن السبب ان دخلها بلا استحقاقها. وبدلاً من حل مشاكل دارفور، ان كانت لها مشاكل حتى الآن، سنزيد المشكلة ونساعد باستمراريتها طول الوقت وتصبح ازمة دائمة هذا إذا استمر السودان موحداً.

    أليس في المتفاوضين عاقل ينتبه لمثل هذا البند واني اراه اشد البنود عيباً لا يهمني ان يعفى طالب دارفور من الرسوم ولو كان ابن أكبر تاجر في حين يدفع طالب باقي السودان الرسوم مهما كان فقيرا، هذه امرها سهل ويمكن ان ينسى بمجرد التخرج ولكن امر ان تقبل طالبا في كلية طب او هندسة او تربية دون استحقاق أكاديمي ستكون النتيجة ضرر مركب وطويل الأثر في الحياة ويولد اضرارا مضاعفة ومركبة.

     ثم ما تعريف طالب دارفور المطلوب للتمييز؟ من قبائلها؟ ام امتحن من مدارسها؟ وماذا لو كل الطلاب توجهوا ليمتحنوا للشهادة من مدرسة من مدارس دارفور؟ هل حُسبت هذه العواقب ام استعجال النتائج وتسجيل هدف نجاح واحد هو المطلوب بعد الفشل الاقتصادي والعدلي وكل ضروب الحياة

ثم هل هذه الاتفاقية بهذه الطريقة ملزمة لكل السودان؟ بعض من ناس جلسوا وتوافقوا مستعجلين ليقولوا حققنا السلام وادخلوا البلاد في ورطة. أي قصير نظر يمكنه ان يراها بداية تقسيم السودان الى دويلات. ماذا لو اجتمع نفس العدد من المتفاوضين وأصدروا اتفاقية مناهضة لهذه تماما ما يمنع ذلك.

لا يمكن ان تدار الدولة بهذه الطريقة.

 

ليست هناك تعليقات: