الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

محمد الشيخ مدني.... ولكن

 

محمد الشيخ مدني.... ولكن

 

 

     قرأت مقالاً جميلاً جمال لغة وترتيب أفكار للمربي الفاضل الأستاذ محمد الشيخ مدني يتحدث فيه عن تجربة المدارس النموذجية بولاية الخرطوم بوم كان وزيراً لتربية ولاية الخرطوم. مقارناً بينها وبين القبول الجغرافي الذي اعتمدته الآن ولاية الخرطوم لاغية المدارس النموذجية. ونظرت اليها أو كادت تقول سنكسح ونمسح كل ما فعله النظام البائد وما أسهل الكسح والمسح والهدم والردم وما أصعب البناء والابتكار.

   لا شك أي تجربة تربوية لن تكون كاملة وكل النظريات التربوية لها وعليها لصعوبة تطبيق معايير التربية على كل الناس وهم مختلفون في كثير. لكل انسان طبعه ولكل انسان مقدراته ولكل انسان ميوله ويصعب اكتشاف كل ذلك بنسبة تامة. لذا نجد تجربة المدارس النموذجية وحسب ما أورد الأستاذ مدني كانت فكرة صائبة وتدرجت بسرعة وانتشرت وكانت في طريقها لغاياتها ولو بعد حين.

ولكن

لا يعني ذلك أنى مع كل ما أورده الأستاذ مدني ولا أعفيه من مسئولية تدني التعليم الذي كان سائداً في المدارس الحكومية وكادت الإنقاذ ان ترفع يدها عن التعليم والصحة تماما تاركة كليهما للقطاع الخاص وهو لعمري شيء عجيب وغريب. إذا لم تصرف الدولة وحكومتها على تعليم المواطن وصحته لماذا تحكمه وتتقدمه ما هي الخدمات الواجبة على الدولة ان لم تكن الصحة والتعليم في مقدمتها؟

 أستاذنا وسنيرنا محمد الشيخ مدني  (لابد من عنصرية لمعهد المعلمين العالي) لماذا لم يكن جهادك ووقوفك منصبا على كل التعليم الحكومي والإصرار على ان يكون مقدماَ على كل بنود الصرف لأن الانسان هو رأسمال كل بلد يريد مستقبلاً وليس المشاريع سريعة النتائج قصيرة العمر.

   أما اختلافي معك الثاني، قلي بريك لو اكتملت تجربة المدارس النموذجية في ولاية الخرطوم وباقي السودان بهذا الضعف كيف سيكون النزوح والهجرة الداخلية لولاية الخرطوم. من اول أسباب اكتظاظ الخرطوم بهذه الكتل البشرية نزوح سكان الأقاليم الى الخرطوم بحجج كثيرة أولها وثانيها التعليم والصحة.

كأني اسمعك الآن تقول: كنت وزيرا لولاية وليس لكل السودان أي لست وزيرا اتحادياً. وهذا صحيح ومنه نخرج بأن عدم التوازن في تقديم الخدمات هو ما جر على السودان كثير مما نحن فيه من مشاكل وحركات مسلحة ومصلحة.

   ربما يسأل قارٍ وانت ما دورك؟ لا املك الا الكتابة الصحفية هذه ويشهد على ذلك أرشيف الاستفهامات كم كتبت عن التعليم في الثلاثين سنة الماضية، كما يقولون، طبعا أي شيء صار يؤرخ له بالثلاثين سنة الماضية..

 غير أني أخشى ونحن بالذي نعيشه اليوم  ان نبكي على ماضٍ أسود بسبب حاضر اشد منه سواداً وبعد البكاء على مدارس نموذجية رميت بالضربة القاضية الى تعليم بالأماني وجبة إفطار مع كتاب مدرسي مجانا ومواصلات الى تأجيل عام دراسي وكتابين فقط سهل طباعتهما خلوهما من الآيات التي لا تعجب القراي.

حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

ليست هناك تعليقات: