عمران تاجر المحاصيل
عمران لم يرث
مهنةً من والده ولم تشتهر أسرة عمران بالتجارة، غير أن عمران وجد مبلغاً كبيرا من
المال كأمانة من احدهم شجعه ذلك بفتوى من نفسه أنه يمكن ان ينمي هذا المال ويحفظ
لصاحب الأمانة حقه ويستفيد من الأرباح.
أول فكرة طرأت له
أن يتاجر في المحاصيل الزراعية إذ ليس من المعقول ان يتاجر في الأجهزة الكهربائية ولا الذهب كلاهما يحتاج قدرات
ومعرفة بامور كثيرة من تعامل مع البنوك واستيراد ومكاتبات وكل ذلك ليس له فيه باع
طويل.
عمران دخل سوق
المحاصيل بمبلغ الأمانة الذي عنده، واستجلب له معاونين للأسف كانوا سيئين جداً
وهذا من أول عيوب عمران فهو انطباعي يثق في كل من يبتسم له ويضحك معه بعد ذلك
(وسنترك يضحك عليه الى نهاية القصة).
تاجر المحاصيل
الناجح هو الذي يتابع الأسعار علواً واتخفاضاً لكن عمران صوّر له صبيانه الذين من
حوله أن التاجر الناجح لا يكتف برؤية المحاصيل عند حصادها بل يجب عليه ان يكون في
طواف دائم منذ البذور الى الحصاد بنفسه. هذا يجعله متنقلا من مكان لمكان ليرى
بنفسه كيف بذر أصحاب المشاريع البذور وياتيهم بعد شهر ليرى الانبات ويأتيهم بعد
شهر ثالث للمتابعة وقطعا يحضر الحصاد بنفسه.
لو افترضنا ان
عمران يتاجر في ثمانية عشر محصولاً زراعيا وكل محصول يحتاج الى اربع او خمس زيارات على الأقل سيظل عمران في حالة طواف طول السنة.
ليس هذا فحسب بل صوروا له ان التاجرالناجح يجب ان يفتش على الأسواق الخارجية وصار
في حالة جري وطيران دائمين ما يحضر من سفر الا ويجد صبيانه جهزوا له سفرية أخرى
ليرى محصولا او بذورا أو سوقاً.
وظل عمران هكذا
وهو يعتبر نفسه أفضل تاجر محاصيل ويقارن نفسه بمن حوله من التجار الذين لا
يتحركون. ولكن الصدمة كانت كبيرة يوم بدات
تجارته تهتز وبدا يراجع حساباته فوجد ان هؤلاء الذين معه ليسوا أمينين وعاسوا في
الدكان فسادا وسرقة.
تذكر عمران في
هذه المنعطف صاحب الأمانة وخاف ان يأتي ويسأل عن أمانته. عمل كثير من الحيل التي
يلهي بها صاحب الأمانة من إقامة للحفلات واجتماعات ومؤانسة خاصة وعامة كل ذلك ليلهي
صاحب الأمانة عن السؤال عنها.
كل هذه الفترة
صاحب الأمانة يراقب وكانت ثقته في عمران تهتز وتنقص كلما طال الزمن ولكنه يتنتظره
ليشعر بذلك، ويرد له أمانته.
عمران سادر في
غيه وسيخرج من السوق وضيع الأمانة. ليس معروفا هل سيقاضيه صاحب الأمانة ام يعفها
له.
نُشر هذا المقال
في ديسمبر 2016 في صحيفة الصيحة
السؤال سيظل: من
هو عمران؟ ما كنا نستطيع حذف الألف والنون في ذلك الزمان وحرية الرأي بالقطارة
نتحايل عليها تحايلاً.
الآن عمران لا
يزور المشاريع الزراعية ولكنه يتجول في الأسواق الخارجية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق