الاثنين، 29 فبراير 2016

قصة (ع)

 20-02-2016
قصة اليوم يرويها صاحبها نفسه ولا أقول بطلها ولا باطلها. يقول (ع) كان شاباً سيئ الخلق (بمقاييس اليوم طبعاً)، وفي يوم من الأيام، وهو مسافر في بص طلب من الكمساري أن يعطيه باقي الجنيه وأنكر الكمساري أن يكون استلم جنيهاً من (ع) و(ع) يصر على أنه أعطى الكمساري جنيهاً ويريد الباقي، والجنيه يومها مبلغ كبير ليس كجنيه اليوم لا ينفع إلا لشراء أكياس التسالي.
تدخّل الركاب وأرادوا أن يعطوا (ع) المبلغ، و(ع) يصر أن لا يأخذ الباقي إلا من الكمساري، وبلؤم شديد وتهديد ووعيد من (ع) للكمساري بأن يرجع باقي الجنيه وإلا سوف يرى.
لم يجد الكمساري أمام إصرار (ع) إلا أن يدفع له المبلغ المدّعى ويكظم غيظاً ويشكوه إلى الله ويدعو عليه في سره.
تمر سنين طويلة ويذهب (ع) للسوق ليشتري أغراضاً ويمر أمام الدكاكين ويناديه تاجر من واحد من الدكاكين بعد أن رمق (ع) الذي يمشي بصعوبة لأنه فقد واحدة من رجليه. يناديه صاحب الدكان ويسأله: هل تعرفني؟ يرد (ع): لا أعرفك. ويقول التاجر: ولكني أعرفك حق المعرفة. وما كنت أحسب أنك حي حتى هذا اليوم. والحمد لله أنك برجل واحدة أي أن الله استجاب بعضاً من دعائي عليك. يرد (ع) يا أخي ما عرفتك. هنا يتكرم التاجر ويقول لـ (ع): هل تذكر في يوم من الأيام أنك ادعيت على كمساري أنك أعطيته جنيهاً وتريد الباقي؟ يقول (ع) وقفزت صورة الشاب أمامي، وتذكره وحاول أن ينكر. غير أن التاجر كان فاضلاً وأغراه بأنه والله ما ناداه إلا ليعفو له إن هو اعترف.
(ع) في موقف لا يحسد عليه رحمة من الله أتته أن يغفر له هذا الرجل ذلك الظلم وبين عزة نفس وإنكار لشقاوة الشباب، ونظر إلى رجله وحسب ألف حساب وأخيراً اعترف للتاجر: نعم أنا والله ذلك الذي افترى عليك وأخذ المبلغ ظلماً وجوراً. التاجر يقدم له كل بشاشة يستحقها ضيف عزيز عليه ويقول له: عفوت عنك لله تعالى. وكيف حالك الآن هل انت بخير وهل في حاجة لأي مساعدة مالية. يرد (ع) والله بعد أن تبت من تلك الشقاوة التي كنت فيها وظلم الناس وطول اليد وبعد أن فقدت رجلي رجعت إلى ربي وصرت أعرف الحرام والحلال والحمد لله ويخرج ما في كيسه من مال ويريه التاجر.
وحمدا الله وتوثقت بينهم علاقة طيبة.
التاجر ما كان كمسارياً في البص ولكنه مالك البص، وفتح الله عليه وصار تاجراً يشار إليه بالبنان. يا له من رجل نبيل عفا عمن ظلمه بنفس طيبة وما سعة الرزق التي هو فيها إلا من سماحة نفسه وأنه دعا غريمه ليعفو له.
اعتبروا أيها الظالمون ربما لا يناديكم التاجر السمح.

ليست هناك تعليقات: