يدور الآن حراك – لا أحسبه كثيفاً – سببه تكوين النقابات. فالنقابات ومنذ زمن بعيد ذات أبعاد سياسية وتهتم بها الأحزاب اهتماماً كبيراً وخصوصا الأحزاب العقائدية ( بشقيها) وتجعل من الركوب على ظهرها مؤشراً لقوتها وأحياناً عندما تكون متمكنة من الحكم تخصيها وتضعها تحت أرجلها وتجعلها حائطاً بينها وبين قواعدها.
ليس كل ما ذكرنا يكفي في وصف نقابات زماننا هذا فقد زادت عليه عدة عيوب بل عدة انهيارات أخلاقية وتشويها للمهن.كثير من نقابات هذا الزمان لا علاقة بينها وقواعدها وكثيرة هي النقابات التي لا تعرف القواعد ولا القواعد تعرفها، ولا تسألني كيف جاءت فذاك سؤال يرمي بك في ثلة الجهلاء إن كنت لا تعرف كيف تأتي نقابات هذا الزمان.
وجوه كثيرة تكررت عشرات السنين ولعدة دورات وعندما تبحث عن محبة قواعدها التي – يفترض أنها جاءت بها - تجد التيرمومتر إما أن يقرأ الصفر او يبحث عن قراءة صديقه تيرمومتر مطار هيثرو هذه الأيام.
بعد كل هذا ندعونا نقفز من كيف جاءوا إلى ماذا فعلوا؟ عاثوا في الأرض الفساد وحطموا كثير من أسس الخدمة المدنية في مجال التدرج في السلم الوظيفي وأهانوا القواعد بل جعلوا من قواعدهم دمى لا تحاسبهم ولا تنافسهم ويدفعون لها كل ما تطلب دون ان يقولوا لها لماذا؟ ولك ان تتصور من يجمع الملايين بلا محاسبة ماذا سيفعل فيها؟ ولأدلل على خرابهم للخدمة المدنية غير الترقيات والسلم الوظيفي تحطيم قواعد المحاسبة المالية في دواوين الدولة وصل الأمر ببعض النقابات أن تكون وكيلا عن قواعدها في كل شئونهم المالية فهم يصرفون لها الرواتب ويوزعنها عليهم (طبعاً يسلمونها لهم سالمة (صرة في خيط) لا ينقصونها حتى الكسور التي تكون بالعملات المعدنية وأحيانا يجبرونه لصالح الموظف ههههههههههه).
بلغ الأمر مبلغاً يصعب السكوت عليه إذ غير استلام الرواتب و(معطها) بعض نقابات هذا الزمان تساوم قواعدها على متأخراتهم لدى الجهات الحكومية نظير مبالغ يأخذونها منهم والكارثة أن من الدوائر الحكومية من يسلم هذه الحقوق نقداً للنقابات. وإذا ما فقدت واحدة من النقابات المبلغ – كما نسمع هذه الأيام – خلوها مستورة ترقد قرض ولا يُبحث في كيف ضاعت وهل حقا ضاعت ولكن تهرع النقابة إلى قواعدها لتعسفها منهم دون أن يسمع احد.
حتى لو جاءت منتخبة وقوية كما نقابة السكة حديد اليسارية في زمان سابق تجد الهم السياسي والحزبي أكبر من الهم القومي وتجدها معطلة للإنتاج وفي صراع مع السلطة ليس مرده حقوقها بل دافع الحزب هو ما يدفعها ولا يهم حتى لو توقف القطار.
أقول قولي هذا وأنا لست موظفا في أي وظيفة ولا تمثلني أي نقابة فقط أريد أن أرى الحق محقاً وهناك من يدافع عن حقوق ممثليه الذين اختاروه.
النقابات ممثلاً وليس وكيلاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق