الاثنين، 17 يناير 2011

الإنـــقــاذ «2»





هل البلاد في حاجة لإنقاذ جديد؟ الإجابة بلا تردد نعم. يبدو أن كثيرين لا يريدون إلا أن يسمعوا ما يطربهم ويضعون في هذه طينة وفي تلك عجينة مما لا يريدون سماعه، ولكن أن تسمع في وقت مريح خير من أن تسمع في وقت متأخر، فتكرار كلمة فهمت، فهمت.. لم يفد بن علي لأنه فهم متأخرا جداً.

عندما يتحدث الناس عن عدم أولويات الحكومة، ألا يجعل ذلك الحكومة تسمع وتسأل مثل ماذا؟ الحكومة تصرف على السياسيين أكثر مما تصرف على الشعب، بل الحكومة تأخذ من الشعب لينعم السياسيون بَرغد العيش! هل بلد مثل السودان في حاجة لهذا العدد من الوزراء والمستشارين؟ أم هي ترضيات، فالشعب أولى بالترضيات من الأفراد، فهذه الممارسة جعلت ممارسة السياسة لكسب العيش. كم عدد الوزراء؟وكم الصرف عليهم؟ في المركز هناك «79» وزيراً ووزير دولة، و «14» مستشارا في القصر، وإذا ما دخلنا لولاية الخرطوم قبل أن نقوم بحساب وزراء ومعتمدي الولايات الأخرى، سنجدها وصلت من الترهل ما يشيب له الرأس، «8» معتمدين وعدد من المستشارين والخبراء الوطنيين ما الله به عليم.

أضف على ذلك «15» ولاية أخرى بمتوسط «6» معتمدين و «7» وزراء و«36» عضو مجلس ولائي، بالإضافة للمستشارين، قبل بدعة بدون مخصصات أو بعدها، و«40» عضو مجلس محلي بعدد محليات الولايات، ويقال إنه في واحدة من الولايات أكثر من عشرين محلية. وندرج كل ذلك تحت بند ترهل الهيكل الحكومي، لنبحث عن عيب آخر. املأوا بهذا العدد الوظائف التي تشغر بالانفصال لأن الفطام قاسٍ.

ورغم كل ما لاكته ألسن الناس عن الفساد، فلم نسمع يوماً بفاسد قُدِّم لمحكمة أو محاسبة، اللهم إلا قبل عشرين سنة قدم معتمد مسكين لمحاكمة، وفصل والٍ اختلف الناس حول مبررات فصله إلى يوم الناس هذا. ويبدو أن ما ألدينا به اليوم لا يلفت أحداً. فمتى نسمع بمحاربة الفساد بحق؟ فالمراجع العام بحَّ صوته، والصحف تضمخت بالحبر الكثيف، والكابلي يغني «الحال يا هو نفس الحال».

عيب ثالث.. الحكومة دخلت السوق، هذا إذا لم نبالغ وقلنا احتكرت السوق.. فكم عدد الشركات الحكومية؟ وما ضرورتها؟كم مرة سمعنا فيها بتوجيهات لتصفية الشركات الحكومية؟ أروني شركة صُفيت؟ كم مرة راجع المراجع العام كشوفات هذه الشركات؟

الجبايات التي هدَّت حيل الاقتصاد السوداني أين تذهب؟ وزارة الداخلية مثالاً، كم جمعت من المواطنين بلوائح مشكوك في قانونيتها «بالمناسبة وزير العدل سكت مالو؟ كان متحمساً لمراجعة أشياء كثيرة صرح ببعضها ولمَّح بالبعض الآخر».

كم يصرف على الحزب الحاكم ومن أين؟

الغلاء ما سببه؟.. أليس الصرف الحكومي من أسبابه؟ أليست الجمارك العالية من أسبابه؟ وكم من الميزانية يعود في شكل خدمات على المواطن؟ أليست الضرائب غير المؤسسة على قاعدة بيانات حقيقية من أسبابه؟ وفي الغرب يدفع المواطن الضرائب بمقدار ما يصل إلى ثلث دخله، ولكنه متأكد من أنها تؤخذ من الجميع بلا استثناء وتعود إليه خدمات.

العيوب مشهورة، ولكن هل هناك عزيمة لإصلاحها؟أتمنى ذلك.

ليست هناك تعليقات: