الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

الدندر تستغيث. من لهم؟

  الأحد, 23 أيلول/سبتمبر 2012

نهر الدندر تلفت وغار من نهر القاش. لماذا، ألستُ نهراً مثله، لماذا يسيطر القاش على الأخبار سنة بعد سنة وأنا لا يعرفني أحد؟ أليست لدي قوة؟ ألا يعرفون الدندر إلا من خلال وارداته ومحميته؟ لأتصدر الإعلام هذه السنة!
ولكن النهر الهاديء كيما يلفت الأنظار إلى نفسه بطريقة غمزة العين أو التلوّي أو أيّ من أنواع الغواية المشهورة، أبى إلاّ أن يرفع منسوبه «16» متراً، مدمراً  الزراعة، وما أغلاها من زراعة «40» ألف فدان من البساتين ضاعت في لمحة بصر بمياه الدندر الذي كان يغذيها بلين وعطف، يسقيها بأدب جم.  فما كان منه إلا أن ثار كأب انتابته نوبة نفسية، وفاض وغمر كل ما سقى بمائه، وكتم أنفاسه واقتلع عروشه.
أيُّها النهر: تمهلْ، فما هكذا عهدناك؟ ونحن نترجي الدندر ونطالبه بالتمهل، فإذا به يجرف  الجسور، ويهدم البيوت، ويعيث في الأرض فساداً، (الفساد هنا يعني الخراب. فالأنهار لا تسرق ولا تزني) آلاف المنازل تهدمت (رب هامس  يهمس: هي أصلاً منازل متواضعة البناء) نعم آلاف المنازل تهدمت، ونام أهلها في العراء ليس ليوم أو يومين بل لأيام.
والي سنار من عنده صرح بأن هذا الكوارث أكبر من امكانات ولايته، وتحتاج عونا مركزياً. طيب من يطلب العون المركزي؟ وهل هو عن طريق الرجاء والشحدة أم واجب إداري والتزام  أخلاقي ورباني يدخل تحت بند( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) من الراعي المسؤول؟ هل هو الوالي أم أكبر من ذلك؟ وهل لهذه الولايات في ظل هذا الحكم المحلي الذي لم يطبق منه إلا ما يخدم المركز بقسمة ضيزى في ضريبة القيمة المضافة التي جعلت للمركز «60%» وللولايات «40 %»، ويجعل من الولايات مستنقعاً للدستوريين يقتاتون من الفتات الذي يجمعونه من رخص الغلابة وضرائب اليتامى، ليزداد الفقير فقراً، ويزداد الدستوري تمسكاً وكنكشةً. كل ذلك في ظل زراعة ورعي لا وجيع لهما.
ثم نسأل: أين منظمات المجتمع المدني الطوعية المحلية والأجنبية، فقد عهدناها تستجيب بسرعة عندما يكون النداء والكوارث في مناطق جغرافية بعينها، لماذا التباطؤ والتلكؤ يوم كانت المكلومة ولاية سنار ممثلة في محلية الدندر، هل جلودهم ثخينة لا يهمها البعوض والبرد والسكن في العراء، وغيرهم  جلودهم حريرية؟
لولا الخوف من شبهة التحريض، لطالبت أهل الدندر بسحب محليتهم والذهاب بها بعيداً حيث ترى الحكومة، وهل ترى الحكومة غير .... وغير .... ومنظمات المجتمع المدني الطوعي منها والمهني أين هي من صرخات أهل الدندر والوقوف معهم في محنتهم. اللهم ألطف بإخواننا في الدندر إنهم في حالة تبكي ووضع يدمي القلب.
سؤال أخير: من الذي يعلن أن المنطقة منطقة كوارث، الوالي أم رئاسة الجمهورية؟ كيف بالصليب الأحمر أو الهلال الأحمر أن يعرف شخصاً اسمه أحمد عباس، في منصب اسمه الوالي، يعلن أن الدندر منطقة كوارث؟؟؟
إذا عجز المجتمع المحلي والحكومة المركزية عن تقديم شيء لأهل الدندر، فلا يبخلوا عليهم بإعلانها منطقة كوارث عالمية، لعلّ علب ساردين وخياماً وبعضاً من عون يصل إليهم في هذه المحنة!
وكيما أكون إيجابي الطرح، افتحوا حساباً عاجلاً للمتضررين في الدندر، ولماذا لا يكون ذلك بسرعة، فالوضع الذي رأيناه في التلفزيونات، مخيف ومبكٍ.

ليست هناك تعليقات: