الأربعاء، 25 يوليو 2012

إهانة العلماء في مكاتب الاستقدام

الثلاثاء, 24 تموز/يوليو 2012  
من يصدق ما وصل إليه حال المواطن السوداني!
كيف تفرط الدولة في مواردها البشرية بكل هذه السهولة واليسر؟ قد يجد الأمر من يدافع عنه. سكتنا على هجرة الأطباء، سكتنا على هجرة الكوادر الطبية المساعدة رغم حاجة البلاد إليها، سكتنا على هجرة المدرسين ذوي الكفاءة والتخصصات النادرة. وحجة المؤيدين أن البلاد ولود وودود. ولكن الذي يحدث في هجرة الأساتذة الجامعيين وبهذه الكثافة أمر محير.
كيف تفرط الدولة في هذه الفئة بكل هذه السهولة، أليس هذا هو الدمار بعينه؟ ومن يسد النقص، وكيف تؤهل الدولة البدائل؟ وكيف تحافظ على سمعة الجامعات السودانية  إن بقيت لها سمعة،  هل ستتعاقد الجامعات مع آخرين بدل الذين ذهبوا وبكم؟ سمعنا عن عقودات بآلاف الدولارات لأساتذة من دولة عربية لكليات سودانية، وكل عاقل يقول: لو قسم مبلغهم على عشرة سودانيين لكفاهم.
إذا رضينا لهذه الفئة بالهجرة، أليس من واجب الدولة أن تحافظ على كرامة مواطنها العادي ،ناهيك عن أن يكون أستاذا جامعياً بدرجة علمية رفيعة؟ أليس من حق الدولة على مواطنها أن تحفظ حقوقه الأدبية والمادية؟
الذي يحدث في مكاتب الإستقدام إهانة علماء، وإهانة دولة في إحتقار مواطنها لهذا الحد. أن يقف الأساتذة بكل مقاماتهم أمام مكاتب الإستقدام لا ظل ولا صالة ولا مقعد وفي رمضان رغم أن المكتب يأخذ«05» جنيه عن كل (رأس) ودون تقدير لمكانتهم، يأتي الذي يريد أن يتعاقد معهم ،وينادي عليهم كما الأطفال: البروفات هنا، ويشير بيده العمداء هنا، ويشير بيده ،وهكذا لكل الدرجات أي سوق نخاسة هذا؟
أية دولة هذه التي تبيع عقولها كما تبيع أبقارها؟
ما دور وزارة التعليم  العالي، ما هي الشروط التي إفترضتها على الذين يريدون التعاقد لتحفظ حقها وحقهم. أين وزارة العمل والموارد البشرية التي تفرط في الذهب وتزرع البصل، ما هي الشروط التي وضعتها للهجرة لحفظ حق مواطنها المهاجر، رغم أني أشك أن الذي لم يجبر مكاتب  الإستقدام على إستئجار قاعات محترمة لأناس محترمين، فهو أمام الغريب أضعف.
من يوقف هذه المهزلة؟ من يوقف إهانة علماء بلادي إن لم يكن بتحسين أحوالهم، وهذا ما لم يحدث ولن يحدث في هذا الزمن الضائع، من يوقف إهانتهم أمام مكاتب الإستقدام؟ وقفاً فورياً وبعده يفرض على كل مكتب يريد أن يتعاقد مع أساتذة أفاضل لم تكرمهم بلادهم أن يلزم مكاتب الإستقدام باستئجار قاعات مكيفة ومريحة وبها مكبرات صوت حتى يتدافع علماء بلادي للخروج من بلادهم باحترام.
بالله من يرى مهانة العلماء وهوانهم على مكاتب الإستقدام كيف سيعاملهم بعد التعاقد معهم. إذا لم يحترمك ابن بلدك الذي جعل منك سلعة للسمسرة، كيف تطلب مني أن أحترمك، وأن الذي ضاعفت راتبك أضعافا؟
ما أشبه الليلة بالبارحة.

ليست هناك تعليقات: