الجمعة، 30 مارس 2012

أرز كراون ، المندي ، الكبسة

عاد المغترب في إجازته من المملكة العربية السعودية وبدأت عليه تحولات عقدية ما ذهب بها ولكنها مما تأثر به في ذاك الجو السلفي، وكلما دخل في نقاش ديني كان يُخرج كرت فتاوى السلفيين. عندما صار الأمر واضحاً جدًا بتشبعه بالمذهب السلفي ما كان من والده إلا أن داعبه يا فلان يا ولدي نحنا وديناك السعودية تجيب فلوس وبس وليس علماً وفقهًا.
لا ينكر باحث آثار الاغتراب في كثير من الحياة السودانية فالاغتراب الذي كان معروفًا في السابق لعقد السبعينيات كان بأعداد قليلة ومن فئات عمرية معينة بل ومناطق معينة في السودان هي التي مارست الاغتراب. عادات كثيرة سالبة وموجبة حدثت بعد ازدياد المغتربين حتى وصل الأمر أن تكون لهم دائرة حكومية تهتم بشؤونهم «جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج» الذي يختصره العامة في جهاز المغتربين.
عادات كثيرة دخلت من هذا الباب منها في الطعام على سبيل المثال محلات المندي وللذين لا يعرفون المندي هي طريقة طبيخ على نار هادئة ودائمًا ما تكون في الرحلات حيث يُحفر لبرميل في الأرض ويوضع فيه جمر ويوضع على الجمر أرز خاص في قدر وتعلق الذبيحة داخل هذا البرميل ثم يغطى بصينية كبيرة على قدر فوهة البرميل ومن ثم توضع عليها جوالات وتغطى بالتراب.. بعد زمن ليس بالقليل تكون هذه الذبيحة المبهرة  والمعلقة قد ذابت كل شحومها فوق الأرز وصار لحمها قد طُبخ بنار هادئة غير مباشرة ويخرج كأحسن ما يكون اللحم ويؤكل ولا يُحدث تخمة.
قبل سنوات عشر تقريبًا دخلت مجموعة من الإخوة اليمنيين وفتحوا محلاً للمندي بشارع محمد نجيب غرب العمارات وكان زوار المحل من الجالية اليمنية والخليجيين وقليل من السودانيين وما إن راج المحل بالزبائن حتى تعددت المحلات وصارت وجبة المندي اليوم في كثير من المطاعم ولكن حسب علمي أنها مطبوخة بغير طريقة الخليج وربما بالغاز.
أما الكبسة فقد انتشرت في كثير من البيوت العائدة من الاغتراب ولا أدل على ذلك من انتشار الرز البسمتي في السيوبرماركت، في أطراف الخرطوم. حتى الآن لا نجزم بأن النمط الغذائي لبعض الأسر تحول للأرز فما زالت الذرة سيدة الموقف والدخن والقمح.
وكل هذه المقدمة ليييييييييه.
في يوم السبت الماضي شب «ليس حريقًا» ولكن شبّ مصنع للأرز ضخم جنوب مدينة الدويم في منطقة ام تكال حيث دخلت شركة كراون  والتي كتبنا عن مشروعها الزراعي بالقرب من شندي قبل اليوم والتي أدهشتنا بالإنتاج العجيب والترتيب العلمي، هذه المرة دخلت في شراكة مع وزارة الزراعة الاتحادية وزراعة النيل الأبيض والمواطنين في تلك المنطقة. وبدأت بمساحات واسعة أنتجت معدلات فوق العالمية 2 طن للفدان وطن الأرز بألفي دولار «يا حليلك يا مزارع القطن والقمح»..
ربما يسأل سائل لماذا نسمي مطحن القمح ومصنع الأرز القمح لا يحتاج تصنيعًا بل طحن فقط أما الأرز فيحتاج تصنيعًا يدخل فيه التقشير والتلوين وأشياء أخرى. ما رأيناه من أرز في ذلك اليوم يعد من أفضل الأنواع في العالم وتعبئة فاخرة يمكن عرضها في «أجعص» مكان في العالم. ما بقي إلا أن نشكر الإخوة الباكستانيين القائمين بأمر هذه الشركة وفتح السيد سفير الباكستان يدي دولته مبسوطتين لكل الخبرات الباكستانية في الزراعة ليستفيد منها السودان.

ليست هناك تعليقات: