الخميس، 1 مارس 2012

القضية أكبر من الفرز يا إبراهيم

اتصل بي أشخاص كثيرون ولكن الأستاذ إبراهيم الأمين هاشم اتصل أكثر من مرة وبإلحاح شديد يطلب مني أن أكتب عن قضية كبيرة جداً في نظره ألا وهي فرز القطن، وهي احدة من مراحل حصاد القطن. وللذين لا يعرفون عن القطن كثير شيء «أعني فنياته وليس أي شيء آخر».. إلى هؤلاء الباحثين عن الحقيقة في فنيات القطن، أقول إن هناك مرحلة بعد «اللقيط» وبعد الوزن، هي مرحلة تحدد فرز القطن، أي درجته، وهي سلسلة كانت ثلاث درجات فرز واحد وفرز اثنين وفرز ثلاثة مترجمة من grade one وهكذا.
وكتبنا قبل شهور وتحديداً في يوم 22/11/2011م  تحت عنوان «القطن من يفرزه» نقتبس منه الآتي:
«موضوع اليوم عن مهنة الفريزين، وهذه المهنة يكتنفها خطر كبير ومن عدة جوانب، أولها ليس في كل جامعاتنا وكليات زراعتنا هذا التخصص، وكل  الفريزين في السودان درسوه في الخارج خصوصاً في مصر وجامعة الإسكندرية على وجه الخصوص، أو دول أخرى منها بريطانيا وألمانيا.
وعدد الفريزين الذين على قيد الحياة في كل السودان «117» فريزاً يعمل منهم الآن فقط خمسة وكل البقية بلا عمل، وذلك لعدة أسباب. وهذه المهنة قريبة من القضاء وهي التي تحدد نوع القطن من عدة وجوه. ومراحل فرز القطن الزهرة والقطن الشعرة ولكل منهما درجات يعرفها هؤلاء الفريزون.
هل رأيتم من استأجر قاضياً ليقضي له في قضاياه، يعني هل يمكن أن تخصخص المحاكم، مثلاً يأتي متهم ويقول أنا لا أريد هذا القاضي وعندي قاضٍ خاص استأجرته بحر مالي. هذا ما تفعله شركة الأقطان بالضبط.. استأجرت فريزين اثنين فقط ليفرزا القطن في كل مراحله، وهذا مستحيل طبعاً. ومعلوم أن القطن ملك للمزارع ويجب أن يأتي طرف محايد يقول هذا القطن فرز كذا، ويحدد السعر على هذا الأساس، وبموجب شهادة هذا الفريز تدفع الشركة السعر المتفق عليه لكل فرز. أما أن يكون القاضي موظفاً لدى شركة الأقطان فهنا خلل واضح مهما كانت ثقتنا في هذا الفريز التابع للشركة. والفريز يجب أن يكون محايداً ولا بد من جسم معترف به يضم هؤلاء الفريزين، ولا بد من صيغة لتقديم هذه الخدمة تتفق عليها كل الأطراف».
هذا ما كتبناه سابقاً، واليوم يشكو المزارعون مر الشكوى من أن كل محظوظ فرز قطنه كان من الدرجة الثالثة والدرجة الرابعة في أحسن الأحوال، نسيت أن أقول لكم لم يعد فرز القطن آخره ثلاثة، بل امتدت السلسلة إلى ما بعد الدرجة العاشرة.
وسكوتنا عن شركة الأقطان بعد كل ما قلنا فيها قبلاً  لا يمنعنا من المطالبة «بفرز عادل» يعطي المزارعين حقهم كاملاً غير منقوص ولا «مدغمس».. ثم هل يعلم من على رؤوس اقتصادنا وعلى رأسهم الأستاذ عثمان سلمان، أن القطن الآن يشكو لطوب الأرض، وهو الآن في العراء ولا يعلم أحد متى سيُرحل ومتى سيصرف سعره.. إن هذا المحصول في حالة يرثى لها.. وطبعاً ليس في حالة يتم.

ليست هناك تعليقات: