05-04-2016
|
تعود بي الذاكرة إلى سبعينيات القرن الماضي يوم كنت أعمل في العطلة الجامعية كاتباً في مخازن سكر الجنيد لحساب خالي الذي كان متعهداً بترحيل سكر المصنع إلى الخرطوم ومدني وقنب حيث محطة السكة حديد. الذي لا يُنسى ليس قيمة العملة المرتفعة حيث كانت أجرة ترحيل الجوال زنة مائة كيلو إلى الخرطوم 13 قرشا وحمولة اللوري 60 أو 65 جوالا حسب جودة اللوري. يعني من الجنيد إلى الخرطوم أجرة اللوري سبعة جنيهات وثمانين قرشا. بعد نزول الجوالات معبأة من السير يأتي الجهد البشري ويقوم بالعتالة فريق معروف ومن قبيلة معروفة هم وحدهم القادرون على هذه العملية الشاقة حمل الجوال زنة مائة كيلو على ظهورهم ورفعه في رصات ترتفع عدة أمتار. وبعد التشوين هم أنفسهم من يقوم بشحن اللواري وبطريقة منظمة وتتخللها أهازيج وتوبيخات لمن لا يستطيع حمل الجوال أو من وقع منه جوال ويستمر التوبيخ ملحناً ليوم كامل (ما لو؟ وقع منه، مالو؟ وقع منه). ليس هذا إلا مقبلات وتمهيد لموضوع اليوم. هؤلاء المنفردون بحمل هذه الأثقال الشاقة أي أن أحدهم يحمل ضعف وزنه على ظهره دون حساب لما يحدث لسلسلته الفقرية وعظامه كلها. لا إداريو ذلك الزمان ولا مصممو المصنع فكروا في حل لهذه المشكلة وكأنه نزل في كتاب مقدس أن وزن الجوال لابد أن يكون 100 كيلو. إلى أن جاءت كنانة صاحبة التقانة وجاءت بجوالات جميلة ومطبوعة ومبطنة بالبلاستيك الواقي للسكر من أي بلل كدرس متكامل زنة الجوال 50 كيلو. إلى ذلك الوقت كان سكر مصانعنا يعبأ في جوالات بلاستيك زنة مائة كيلو ويكتب عليها بالماركة باليد. أخيراً انتقلت مصانع السكر السودانية من مرحلة، إنا وجدنا آباءنا، إلى جوالات زنة 50 ومطبوع عليها لوقو شركة السكر السودانية. وصار الجوال قابل للحمل من أي شاب وربما امرأة يسهل نقله ويسهل حمله على كارو أو سيارة أو موتر ثلاثي العجلات. ولا يحتاج إلى قبيلة معينة. متى يسمع الذين يضعون الذرة والقمح في جوالات زنة مائة كيلو أن هذا الذي وجدوا عليه آباءهم ليس فرضاً ولا سُنة وإنما عادة يمكن تغييرها في لحظة. إذا ما تمت تعبئة هذه المحاصيل الذرة والقمح والحمص (كبكبي) في جوالات قابلة للحمل والترحيل والتحريك في عبوات زنة 50 كيلوجرام ستسهل على كثير من خلق الله وتصبح قابلة للتداول مثل السكر. من يتخذ هذا القرار؟ المواصفات والمقاييس، إدارات المشاريع المروية والمطرية يطلبونه كشرط من بنغلاديش حيث يستورد الخيش (وهذا الاستيراد إلى متى؟ ولابد أن يكون خيشاً حسناً ألا يمكن أن يكون من مادة أخرى؟ طبعا بعد توصية مختصين. أطباء العظام أليس لهم رأي وإحصاءات فيما سببه الجوال زنة مائة كيلوجرام؟؟ ها وقد رميت حجراً. مبسوط يا أخي أحمد علي الشيخ. |
الثلاثاء، 3 مايو 2016
جوال زنة مائة كيلو
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق