الأربعاء، 4 مايو 2016

قرشي: الزي الموحد (4- )


 15/4/2016 

       نقتبس اليوم من كتاب (على أكتافهم) لكاتبه بروفسير قرشي محمد علي. رأيه وتجربته مع الزي الموحد لطلاب الكلية الوطنية التي أصبحت الجامعة الوطنية دواعي ونتائج تجربة الزي الموحد. مما أعجبني المبرر الاقتصادي وتساوي الطالبات على الأقل لأنهن الأكثر تفاخرا بالمظاهر. الى الاقتباس:-
(كانت أول كلية تفرض زيا للطلاب والطالبات، وموصوفاً بتفاصيل مملة حتى لا تختلف فيه الأهواء بالتأويل، ولا يبقى شكلياً يخرج منه المضمون التربوي. ولأنه زي عام لا تُستثنى منه المسيحية التي لا يشترط دينها تغطية شعرها، ولا الأصولية التي لا تستطيع كشف وجهها. وقد تعرض الدكتور للهجوم من الجانبين، فكتب هؤلاء وأولئك، فلم يستطع المسيحيون نسيان الخلفية الإسلامية للدكتور ليتهموه بالتأطير القسري للمسيحيين، ولم يستطع الأصوليون نسيان أنه من خريجي المدارس العلمانية، ولم يستطع أولئك تفهم معنى الزي، ولم يستطع هؤلاء الاجتهاد في الوسطية، فيما يختلف فيه الفقهاء. نجحت التجربة لأنها توفر على أولياء الأمور الصرف البذخي للطالبات، وتلتزم بالحد الأدنى مما لا ترفضه الأديان، وتحقق عدالة في المظهر بين الغني والفقير، وبين القادم من أواسط العاصمة، والمهاجر من أصقاع الأقاليم.
هل الانضباط الشكلي يؤدي للالتزام الحقيقي بقواعد السلوك الجامعي؟ نعم بعد هذه التجربة؛ لأن الزي يبعد عن الجامعة المتسكعين وتجار المخدرات الذين يتصيدون الطلاب المقتدرين، والطالبات الزينة. لا يعني ذلك أن الكلية عقيمة من هذه الأدواء لكن طلابها – مقارنة بغيرهم –  أقلهم تورطاً في التعاطي، والكلية أشد وأسرع الجامعات اصطياداً للمتاجرين بالتفلت و"الكيف"... وربما يكون الزي والانضباط هو السبب المباشر في الوصول لذلك؛ لأن الطالب المريب يأتيك طائعاً في مخالفات متكررة لها علاقة بالزي المستهتر، والغياب المتكرر، والرسوب والتعثر، فيلفتك إليه، وعند التحقيق تترى سلوكيات إجرامية متخفية بالشقاوة الظاهرة على الرأس الأشعث، والعيون الغائرة الغرقى، والأظافر المهملة الراجفة، والشفاه المسودة الواجفة.، وفحص البول الموجب.

هل للانضباط الشكلي علاقة إيجابية بالتحصيل الدراسي؟ نعم بعد هذه التجربة؛ لكل طالب في الكلية أستاذ مشرف، وتؤدي مواجهة الأستاذ للطالب (بمشاركة فرد من الأسرة أو بدونها)  ببوادر التسيب، أو التقصير، أو التراجع الأكاديمي، إلى التفاتة قوية (بإنذار مكتوب أو شفهي)، ونصيحة قد تعيده إلى الجادة، وإجراء مراجعة لإدارة الوقت، أو تغيير الأصحاب، أو الصويحبات، أو العادات. وتحتفظ الكلية بسجل مغفور لمن استتابته، واستقام، أو توقع الإنذار بعد الإنذار بحضور ولي الأمر، ليستقيم. وما مارسته الكلية حتى الآن تواتر، وتكاثر، ولم يعد يحتاج إلى دليل آخر. ومن عاب على الكلية استدعاء ولي الأمر في المخالفات، فليعلم أن طلاب السنة الأولى والثانية، هذه الأيام، تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والثامنة عشرة، ولا يزالون في مرحلة التوجيه، ثم إن ولي الأمر يتكبد مالاً لبداً للتعليم الجامعي الخاص).   

ليست هناك تعليقات: