الأحد، 16 نوفمبر 2014

مراجعة المراجعة الداخلية


بسم الله الرحمن الرحيم


        تستضيف الاستفهامات اليوم أستاذاً وإدارياً متفرداً ذو رأي وذو تجربة.     
 في أجواء الدعوات والصرخات العالية من الجماهير المنادية بالإصلاح ومكافحة الفساد في الدولة وفي ظل الجهود الكبيرة التي يبذلها الإخوة المسئولين تجاوباً مع هذه الدعوات مثل جهد  الأخ وزير المالية الاتحادي ، الذي تحدث كثيراً عن المراجعة الداخلية واتخذ إجراءات كبيرة بخصوصها لأهميتها وكذلك نادي بنظام الخزانة الواحدة وتوحيد الحسابات المصرفية لدى الوحدات الحكومية والحوسبة لكل المعاملات المالية إلي التزامه بأنه سيحدد لكل وحدة حكومية سقف لكل فصل من فصول الميزانية خاصة الأول والثاني حرصاً علي الضبط ومن تلكم اشراقة جهود الأخت وزيرة العمل والإصلاح الإداري المنادية بالإصلاح وشمول التشريعات وحوسبة كلما يتعلق بشؤون الخدمة والعاملين علي مستوى الدولة وسرنا ما نسمع في وسائط الإعلام المختلفة من أحاديثها التي تمس عناصر الإصلاح تماماً وفي أجواء رياح التغيير التي هبت على ولاية الجزيرة أخيراً و الله نسأل أن تكون رياحاً لا ريحاً .
 في ظل كلما ذكرتُ جاءت مشاركتي هذه المتواضعة لا استهدافاً ولا استعداءًً ولكن تثبيت ملاحظات وقفت عليها بحكم سابق تجربتي في الحكم المحلي عساها إلا تضر إن لم تنفع وهي عن جهاز المراجعة الداخلية ما يزينه وما يشينه والمراجعة الداخلية جهاز إنذار مبكر لكشف الفساد المالي ومكافحته قبل وقوعه  بخلاف جهاز المراجع العام الذي يعنى بالتفتيش وضبط الفساد المالي بعد وقوعه وفي كلٍ خير .
   نعلم أن المراجع الداخلي يجد نفسه بين سياستي الجزرة والعصا : إما أن يَغرق بالحوافز والدعومات فينسى مهنته وأمانته وإما أن يرفض ذلك فعصى المعتمد الغليظة تلهب ظهره وفي الظروف المعيشية الصعبة هذه الأيام وأجواء الفساد المالي التي لا يكاد يسلم منها موظف - إلا من رحم الله - والحوافز المترعة التي ليس لها من حد أو ضبط أو ربط أو سقف في قوانيننا ولوائحنا المالية يجد المراجع الداخلي - إلا من رحم الله - نفسه ليس غارقاً في كوم الجزرة فقط بل وقد يصبح المسوق والسوغ للفساد المالي  بمحيطه .
والعلاج في تقديري أن يعمل المراجع الداخلي في جو معافىً تماما بعيدا عن الإغراءات والمهددات ويتمثل ذلك في أن لا تكون للمراجع الداخلي تبعية بأي صورة من الصور للجهة التي يراجع فيها . لا إداريا ولا فنيا ولا وظيفيا ولا يقبض إي مال عينا أو نقدا من الوحدة التي يراجع فيها وبالمقابل يؤمن للمراجع في إدارته أو أي جهة أخرى كل مستحقاته ومخصصاته وكل ما يعينه ويدعمه في وظيفته .
ومما يعين المراجع الداخلي شمول ووضوح القوانين واللوائح المالية التي يتعامل بها ومعها ، ذلك بحسبان أنه لا جريمة ولا عقاب بدون قانون . وفي ولايتنا ملاحظات في هذا الجانب سنتحدث عنها في موضوع لاحق إن شاء الله
ونختم بسؤال نعتقد بأهميته لديوان المرجع العام وهو:
لم نسمع في جرائم الفساد المالي التي تظهر أحياناً إي إدانة لجهاز المراجعة الداخلية أو لأفراد منه في الوحدة المعنية .مع قناعتنا أن إي عملية فساد مالي تتم عبر دورة مستندية مكتملة يكون المسئول الأول فيها هو المراجع الداخلي قبل سلطة التصديق لأنها تقديرية وقبل محرر مستند الصرف لأنه جهة تنفيذية.
في كل ما سبق ما كان همي فيما كتبت خوفي علي ذهاب المال العام فإن المال بعد ذهابه يعود ولكن همي ذهاب القيم الفاضلة من الأمانة والصدق والتي أضحت نادرة وغريبة بين العاملين في وحداتنا الحكومية .
          مررت بالفضيلة وهي تبكي           فقلت علام تنتحب الفتاة !
          قالت كيف لا أبكي                 وأهلي دون خلق الله قد ماتوا !


                خضر حسن خضر
معاشي وإداري سابق بالحكم المحلي
                                                                                                  











ليست هناك تعليقات: