السبت، 5 نوفمبر 2016

البكاء على محمد صالح

 
 27-10-2016
الثلاثاء 25 من أكتوبر 2016 وزارة الثقافة تأبى إلا أن تهيج البكاء بقيام ملتقى ثقافي مصاحب لمعرض الكتاب الذي أقامته بمعرض الخرطوم ذلك الصرح المايوي الجميل.
الملتقى لإحياء ذكرى الفقيد الدكتور محمد صالح زيادة شهيد الطائرة المصرية التي تحطمت في البحر الأبيض المتوسط يوم 19/5/2016 م. كان الباكون ولا أقول المتحدثين فلم يبق كبير لم يبكِ وما أعظم بكاء الكبار، وحق لهم ولنا أن نبكي. الفقيد غال جداً وعزيز جداً وعالم متفرد. وسمعنا في ذلك اليوم ما زادنا فخرًا به فنحن من زملائه في معهد المعلمين العالي أو كلية التربية معرفة شباب لم ينضج بعد، ولكن محمد صالح ولد ناضجاً ويعرف ما يريد ويحدد هدفه ويسعى لتحقيقه وكثيرون يفكرون كما يفكر الآخرون محاكاة.
د. محمد صالح زيادة حول من شعبة العلوم إلى الآداب وبشهادة زملائه الذين تحدثوا في الملتقى كان الأول بلا منازع وحاز على احترام أساتذته الإنجليز والفرنسيين (مستر جونز ومسيو لي) وتقديرهم له من وقت مبكر.
أول الباكين كان د. مالك عبده ابن خالة الفقيد وصديقه تحدث عن فترة الصبا في تلك الجزيرة (بنا)، وكان متأثراً جداً وصور تواضع محمد صالح وتمسكه ببلده ولهجته النوبية (الرطانة) ولبسه البلدي واستفادته من الوقت وكيف كان يعلمهم النظام والدقة في كل شيء حتى ترتيب الكتب وترتيب الملابس.
بعد ذلك تحدث صديق الكل د. محمد عبد العاطي وبلغة إنجليزية طلبت منه ربما لِعلم المنظمين بأنه أقدر على التعبير عن نفسه بالإنجليزية أكثر من العربية في حالة نادرة. محمد لصيق بالفقيد أكثر منا لأنه زامله في فرنسا والتقيا بعد ذلك كثيراً وتواصلوا وهو الذي جمع الفقيد مع عدد كبير من خريجي التربية في بيته بعمارة أبيد قبل سنتين تقريباً، وكان ذلك آخر لقاء بمحمد صالح، ونسأل الله أن يجمعنا به في الجنة فهو شهيد بنص الحديث.
د. الطيب مصطفى موظف اليونسكو لزمن طويل هو من يعرف علم د. محمد صالح وعلاقاته ومخرجاته العلمية وفيما ذكر أن موسوعات كثيرة في اليونسكو تتكلم عن أفريقيا وتاريخ الإسلام في أفريقيا وما كان من د.زيادة إلا أن قال كيف يستفاد من هذه الموسوعات لابد من أن تختصر في علم قابل للتدريس في كل افريقيا (يشده إلى ذلك تدينه وأفريقيته وعروبته)، وكان له ما أراد. وتحدث عن حزن اليونسكو على فقد هذا العالم وتنكيسها الأعلام.
نسيت أن أقول لكم كان مقدم الندوة أو الملتقى الأستاذ بشير سهل، وكلما رأينا سهلاً تذكرنا الحافظ جمعة سهل رحمه الله (اقطع السياسة والس....). بشير سهل تحدث عن وطنية ودبلوماسية الفقيد وأدواره في كثير من القضايا كانضمام فلسطين لليونسكو كمثال مستعيناً محمد صالح بحب الجميع له.
وجاء دور المداخلات، صديقنا محمد علي (دنيا) ودنيا اسم صحيفته الاجتماعية التي كان يصدرها يومياً وتحدث أحد أصدقائه اسمه الفاضل، وقال لهم حديث بالهاتف شبه يومي بالرطانة وكان أطوله في الليلة الأخيرة. وتحدثت شقيقة زوجته وبكت وأبكتنا.
أخيراً تحدث شقيقه المهندس ميرغني صالح والي القضارف وأجمل ما قاله في شقيقه بعد أن جفف دموعه عدة مرات أن محمد صالح كان زاهداً لدرجة لم يمتلك بيتا.
وختم البكاء بروف محمد سعيد حربي الذي أكد شهادة الغريق وهو في الجنة بإذن الله.
وكلهم أمن على حبه لأمه. أما أنا فكانت فرحتي الكبرى بشهادة صديقنا رزق خالد حيث قال : لم يشارك الفقيد في منكر قط وما كانت تغريه سفاهة ولا سُكر ورغم ذلك لم يفقد صداقة أحدهم بكلمة.
كأني أسمع ضحكة محمد صالح المجلجلة في الجنة الآن.

ليست هناك تعليقات: