السبت، 2 أبريل 2011

درس في محاسبة النفس

بتاريخ : الجمعة 25-03-2011 07:08 صباحا
قرأت خطاب الصحفي و الكاتب عبد النبي شاهين الذي أورده الأستاذ الطيب مصطفى في عموده في صحيفة الانتباهة. و هو يحكي موقف لأحد كبار النافذين في الدولة مع رجل جاء ليقدم خدمة من شأنها أن تعين الحكومة على تحسين أدائها و تقوّم سلوك بعض المسؤولين الذين ربما تُحسب مواقفهم على الحكومة بكاملها لأنهم يحتلون مواقع متقدمة في الجهاز السياسي و الإداري و الأمني, و في كل هذه المواقع يجب أن يتمتع الشخص بقدر من سعة الأفق و نكران الذات حتى يقدم نموذجاً و يكون قدوة لغيره ، لا أن يستغل منصبه لإذلال الناس و هضم حقوقهم في وضح النهار. فقد حكى لي رجل يشغل منصباً رفيعاً في وزارة إتحادية موقفاً مشباهاً تعرض فيه لإهانة لا يقبلها رجل مثله، فقد عامله أحد كبار المسؤولين كأنه طفل أو موظف صغير، و لكن الرجل كظم غيظه حتى لا يضيع أجره عند الله، إلا أن ذلك قد أثر على صحته نظراً للزمالة التي تربط بينهما منذ أيام الدراسة و كان يظن أنها ستشفع له خاصة و أنه لم يطلب شيئاً لنفسه بل جاء في مهمة عمل تتطلب التعامل و التواصل مع تلك الشخصية.
إن بعض الناس تغيرهم السلطة بل تسكرهم أحياناً لدرجة تنسيهم حسن الخلق و الكياسة و فن التعامل مع الآخرين. يجب أن يعلم كثير من الذين يعملون في الجهاز السياسي والأمني الآن أنهم لم يصلوا لهذه الوظائف بمؤلاتهم و لا خبراتهم و لكن لأسباب يعلمها الجميع من هيمنة لمجموعة من الناس توظف من تريد و تبعد من تريد على أساس مبدأ الولاء و ليس على أساس القوة و الأمانة. بالطبع هذا شيء مؤسف بل هو مظهر من مظاهر الفساد و نتيجة لانعدام الشفافية التي ينادي بها عبد النبي شاهين و آخرون كثر، ولعل ذلك مما جعل السيد رئيس الجمهورية ينادي بإنشاء مفوضية لمحاربة الفساد الذي بلغ حداً غير مسبوق في كافة مجالات العمل العام في السودان حتى أصبح حديث المجالس الخاصة و العامة و ملأ صفحات الجرائد اليومية. و يلاحظ أن كثيراً من أصحاب النفوذ قد صار همهم الأكبر هو تمكين أنفسهم و من يهمهم أمرهم من أقارب و محاسيب في مجال العمل ولولا أن يظن بي بعض الناس سوءاً لأوردت مثال حياً من شمال كردفان على مثل هذه المواقف التي يجب ألا تصدر من أشخاص كنا حتى عهد قريب نعدهم من الأخيار جمعتنا بهم دروب الحياة و العمل العام. و كل ما نطلبه من الذين تبوءوا مناصب في دولاب الحكم أن يلتزموا بالمبادئ التي كانوا ينادون بها و هم يومئذ تملأهم الأشواق لتنفيذ مشروعهم على أرض الواقع، و نتوقع منهم فقط حفظ العهود و المودة في القربى ولا شيء غير ذلك؛ خاصة أن أخوة لهم في المهجر قد قاموا بالواجب تجاه الوطن كاملاً غير منقوص بالمشاركة و المساهمة و التفاعل ولذلك ليس أقل من أن يحفظ لهم حقهم الأدبي فقد أصابتهم سهام كثيرة في سبيل هذا المشروع.
أ.محمد تجاني عمر قش – الرياض

ليست هناك تعليقات: