السبت، 24 نوفمبر 2012

أم قِدة

  الثلاثاء, 20 تشرين2/نوفمبر 2012

أم قدة في بلاد الدنيا التى لا نظير لها، فهي بلادنا هذه، ولدي من الأدلة والشواهد الكثير منها:
شاهد «1»
وزير الصحة يصرح بأن المساحات المخطط لزراعتها بالقمح هذا الموسم تتجاوز الأربعمائة ألف فدان وقد تم الإعداد الجيد للأرض كما تم توفير كل مدخلات الإنتاج.
وزير الزراعة والري يصرح بأنه سيتم القضاء نهائياً هذا العام على شلل الأطفال، كما أن برامج مكافحة الملاريا والبلهارسيا والأمراض المستوطنة تسير بصورة طيبة.
وزير الإرشاد والأوقاف يصرح بأن عدم حصول السودان على أية بطولات خارجية يعود إلى عدم توفر الإمكانات لإقامة معسكرات خارجية، وكذلك عدم القدرة على استجلاب مدربين أكفاء.
وزير الشباب والرياضة يؤكد خلو حج هذا الموسم  من الأمراض وأن الحجيج السوداني لم يعان أية مشكلات نسبة للأداء الجيد والانضباط الذى ساد بعثة الحج.
وزير التربية والتعليم يصرح بأن تعلية خزان الروصيرص ستضيف مليوني فدان، كما أنها ستزيد السعة التخزينية وستضاعف الإنتاج الكهربائي، بينما يؤكد وزير الموارد المائية والكهرباء أنه قد تمت مراجعة شاملة للمناهج الدراسية، وأن العام القادم سيشهد دخول مواد ومقررات جديدة تتلاءم والمرحلة، كما أنه يجري النظر فى موضوع التعليم قبل المدرسي.
وزير الثروة الحيوانية ينفي وجود أية علاقات غير معلنة أو تحالفات خفية، وأن رسو السفن الإيرانية بالموانئ السودانية شئ طبيعي، وأن الأمر لا يعدو كونه فرقعة إعلامية. ومن جهة أخرى أكد وزير الخارجية بأن صادر الهدي هذا العام قد عاد على البلاد بكميات مقدرة من العملة الصعبة، وأن مشاريع إنشاء المسالخ  الحديثة وتوسيع مواعين الصادر تجد الاهتمام الكافي من المسؤولين، ويؤكد أهمية المراعي الطبيعية لتقليل تكلفة الإنتاج.
وهلم جرا.
شاهد «2»
صباح الإثنين الثاني عشر من نوفمبر وفى تمام الساعة التاسعة صباحاً توجهت إلى الإدارة العامة للجمارك لانجاز بعض المهام الرسمية، فمنعني موظف الاستقبال من الدخول بحجة أن سعادة اللواء مدير الجمارك وكافة الضباط مشغولون باحتفال فى ساحة الإدارة، وأنك لن تجد أحداً بالمكاتب وأنه يتوجب علىّ الانتظار على الأقل ساعة ونصف أو ساعة، وقد كان الرجل صادقاً فقد سمعت أصوات المديح والغناء تنطلق من ساحة المبنى.
عزيزي مدير الجمارك إنجازات إدارتكم تسد عين الشمس ولا ينكرها إلا من بفمه سقم أو بعينه رمد يمكن أن انتظر الساعة والساعات فأنا مضطر، ولكن هذا السلوك الذى اعتبره غير لائق ومناف لمبادئ ديننا التى تحثنا على العمل خاصة ونحن نرفع راية دولة الشريعة. كيف يجوز لجهة تحترم نفسها أن تغنى وتمدح فى مفتتح الأسبوع.
نقدر لكم برامج الدعم المعنوي وكل وسائل الترفيه التى ترفع من الروح المعنوية لمنسوبيكم، ولكن أما كان من الأجدر أن يكون ذلك مثلاً فى ساعات ما بعد ظهر يوم الخميس، التى نعتبرها جميعاً من الساعات الميتة من الأسبوع.
الإدارة العامة للجمارك يراجعها مندوبو الهيئات الدبلوماسية والمنظمات العالمية، ترى ماذا يقولون إن وجدونا نغني ونمدح فى بداية الأسبوع  حتى حراس الأبواب الخارجية وجدتهم يهزون ويبشرون، وقد صدق حسي عندما وقفت لبضع دقائق استطلعت فيها بعض آراء المارة فيما يحدث أمامهم. أحدهم همس لي بأنهم يطلقون على هذه الحكومة حكومة الهجيج. وقال لي آخر بالله لم نغني؟ أمن رخاء الأسعار أم من سهولة المعيشة؟ وربط الثالث بينما يحدث وقصف مجمع اليرموك، وقال الرابع أن الغناء تركوه حتى فى الأعراس.
عزيزي مدير الجمارك لو أوقفتم العمل لمناسبة سنوية تقام فى هذا التاريخ والساعة فهو خطأ ولو أوقفتم العمل لتلاوة القرآن الكريم فهو خطأ ولو أوقفتم العمل لتدارس السيرة النبوية فذاك أيضا خطأ إن تم كله فى بداية الأسبوع وتلك الساعة، ولكن يبدو أن من شابه أباه فما ظلم، وإني أشهد الله أن ذات الشئ تم  فى وزارة الداخلية الأم ولأكثر من مرة.
حكومتنا السنية: إن لم يتبق فى كنانتك من سهام سوى الغناء والمديح، فاسمحي لي أن أقول لك وبالفم المليان:
شكر الله سعيك.
م. حيدر الترمذي

ليست هناك تعليقات: